حسن القباني : 

 لعب القضاة المدافعين عن نظام مبارك ، دورا ملحوظا ، في الإنقلاب علي ثورة 25 يناير ومكتساباتها ، وسجلوا ضربات واسعة للقضاء واستقلاله ، وساهموا في الحالة الحالية التي يدير فيها الانقلاب العسكري الارهابي مذبحة كاملة ضد القضاء بالغاء السلطة القضائية واقعيا وغياب استقلالها وتغييب نادي القضاة ، ولكنه دور لن يكتب له النجاح !.

إن الراصد لنهايات مذبحة القضاء الاولي في عهد جمال عبد الناصر ، يتأكد ان المذبحة الثانية لن تدم طويلاً،  فلا عبد الفتاح السيسي جمالا ولا العصر ذات العصر ، فضلا عن أن عوامل التغير بحكم دورة الزمن ، فضحت الجرائم وتحفز الصامتين وتشحذ همم المناضلين .

لاشك أن القضاء الآن في محنة عظيمة ، وان الضغوط الهائلة التي نراقبها كصحفيين متخصصين في الشأن القضائي ، قد تحد البعض لبعض الوقت ولكن ليس لكل الوقت ، خاصة ان قواعد الفروسية والكبرياء القضائي – وليس الكبرياء كبرا – لازالت بسلامة وبخير.

بعد المذبحة الأولي ناضل القضاة ضد الاستبداد  ، وحققوا انتصارات ، وفي عهد "السادات" تواصل النضال وتحققت بعض الايجابيات ، وفي عهد "المخلوع"  كان النضال متواصلاً ووصل الي قمته في 2006 عبر نادي القضاة بانتفاضة الاوشحة القضائية ثم بفضح تزوير الانتخابات واحكام مجلس الدولة التاريخية ، وسجل القضاة بعض الانجازات سجلها هتاف شعبي مشهور :"ان في مصر قضاة لايخشون الا الله".

ولكن نظام مبارك فهم القصة ، وأمم نادي القضاة قبل رحيله ، ورد القضاة المحسوبين عليه الجميل ، باستغلال الانقسام السياسي في عهد المجلس العسكري ثم عهد الرئيس الدكتور محمد مرسي ، واشعلوا كرة اللهب في المشهد العام بالطريقة التي تابعها كثيرون لتجميد اي تحرك لاصلاح القضاء ودعم استقلاله ، والتي لم يتم التحقيق فيها رغم توثيقها في بلاغات قدمت للمجلس الاعلي للقضاء وهيئة التفتيش القضائي.

وسجل القضاة المدافعين عن استقلال القضاء ، مواقف متناقضة في هذه الفترة ، بسبب توريطهم في مناكفات المشهد السياسي ، فباتت القضية الاكبر"استقلال القضاء" تضيع في دهاليز الجدل السياسي واشغال الوسط القضائي بمعارك الساسة.

الا انه وبعد الانقلاب الدموي الارهابي ، وظهور الحقائق واضحة للجميع ، من كم المؤامرة التي دبرت خلال عام في الخفاء ، انتفض القضاة في مواجهة الارهاب الانقلابي ، يسجلون مواقفهم دفاعا عن الشرعية الدستورية والقانون والقضاء الذي يضيع .

وشارك بعض رموز القضاة من حركة قضاة من اجل مصر في اعتصامي رابعة العدوية والنهضة  وصدعوا بالحقيقة في مواجهة "طيور الظلام" ، واصدر 73 قاضيا من ابرز القضاة المدافعين عن استقلال القضاء بيانا ضد الانقلاب لدعم الشرعية والقضاء .

ولما زج الانقلابيون بهؤلاء المناضلين للتحقيق ، قررت مجموعة جديدة  من القضاة غايتها استقلال القضاء ، التصدي قانونيا لهذه المهزلة والانضمام للحراك الغاضب ، ببلاغ ضد القضاة الذين إعتلوا منصة التحرير يوم 30 يونيو وشاركوا في الانقلاب، ولازالت تتواصل مسيرة النضال .

إن معين القضاء لا ينضب ، من قضاة فوق القهر والخوف والارهاب ، يواجهون الخطف القسري للسلطة القضائية في سجون قهر الانقلاب ، وينقذون القضاء والقانون من اخطار استمرار الانقلابيين في مذبحتهم الثانية النكراء.

هذا المعني سجله القاضي عماد ابو هاشم رئيس محكمة المنصورة واحد قيادات تيار الاستقلال القضائي مؤخرا في حوار اجراه كاتب هذه السطور معه  في جريدة الشعب حيث أكد أن الحراك القضائى مستمر وان القضاء المصرى لم يعدم الشرفاء دقيقة وانهم أكثر عددًا من قضاة الزند.

وأكده كذلك القاضي حسام مكاوي رئيس محكمة جنوب القاهرة واحد المدافعين عن استقلال القضاء قبل ايام علي صفحته الرسمية بقوله : " القاضى الحق . . لا يخاف من السلاطين . . هو فوق الخوف . . هو ينتصر . . هو تبدأ من عنده فصول التاريخ والعزة والكرامة . . هم لا شئ يكتب لهم سوى: حكم ومات".

إن تحرك جميع المصريين الاحرار بما فيهم القضاة للقضاء علي الانقلاب واخطاره هو "القدر" المكتوب والمصير المحتوم الذي يترقبه قادة الانقلاب كل لحظة بعد تصاعد الحراك الثوري ، حاملاً معه الخير لمصر والأمل لثورة 25 يناير والحقوق للشهداء والأحياء.

---------------

منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح