عبد الجواد شبانة
الثقة فى الله والمنهج والقيادة والنفس ، هى تلك الطمأنينة التى تمتلىء بها القلوب ، وتتشبع بها النفوس ، فى كل الأوقات ، لاسيما وقت الشدائد ، فتنتج فى القلب اليقين ، فتتولد ثمرات مختلف ألوانها ، منها الحب ، التقدير ، الاحترام ، الطاعة ، وغيابها يمنع من الرؤية الصحيحة لما يجرى على الأرض (وفى الأرض آيات للموقنين).
نحن الاخوان المسلمين لن نفقد ثقتنا فى الله أبدا ، كلا إن معى ربى سيهدين ، سيهدينا فى الحكم ، كما هدانا فى الدعوة ، سيهدينا عند استغلاق الطرق واستحالة الحلول ، فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم ، فأنجينا موسى ومن معه أجمعين ، سيهدينا ربنا عندما لايكون لنا حول ولاقوة ، يحيط بنا القوم من كل جانب ، بالاعلام والمولوتوف والمظاهرات بل والقتل ، فقال لصاحبه لاتحزن إن الله معنا ، فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ، ولن تضعف ضراوة المشاهد ثقتنا فى الله ، لأنها من صنع الله ، جاءت ليميز الله الخبيث من الطيب ، ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ماوعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، ومازادهم إلا ايمانا وتسليما ، ولن ننسى أننا بحملنا لمنهجه ، فى عينه ، فاصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا.
نحن الاخوان المسلمين لن نفقد ثقتنا فى منهجنا الشامل الكامل الوسطى المتوازن ، فكل ماسواه فشل ، فشلت الليبرالية ، وفشلت العلمانية ، وعلى درب فشلهم سارت الاشتراكية ، والمادية ، ولم يجد شعبنا ليتخلص من اثار كل منهما إلا أن يقوم بثورة ، فثورة 1952 قامت على أثار اللبرالية التى تنامى فى ظلها الفقر والجهل والمرض ، وثورة 1971 قامت ضد اثار الاشتراكية التى خلفت ماخلفته ساقتها بل زادت عليها احتلال الأرض وانتهاك العرض وخوار القوى ، وثورة 2011 قامت ضد آثار العلمانية المادية تتخلص من ذل ماورثته من أخواتها الفاشلات ، نحن لانثق الا فى منهاج الاسلام ، فالاسلام هو الحل ، وسيعمل هذا المنهاج على تحقيق الغاية المنشودة ، والهدف المقصود ، ويقولون متى هو ، قل عسى أن يكون قريبا.
نحن الاخوان المسلمين نثق فى قيادتنا ، نثق فى فهمها ، ووعيها ، وصلابتها ، وعمق نظرها ، ورأيها الشورى ، كما نثق فى سابقتها ، وأنها اختيار الله فى تلك المرحلة ، ويعزز ثقتنا أنها لم تأت بتزوير ، او بتمن من نفس ضعيفة ، فقد وسد الأمر اليها ، على غير رغبة منها ، فاستجابت لنداء الدعوة ، وأغلبية الشورى ، وعزمت على تحمل المسئولية فى الوقت الذى تتهرب منها قيادات كثيرة وأحزاب طويلة.
نحن الاخوان المسلمين ، نثق فى أنفسنا ، ثقة تبعث على الراحة ، والاستبشار ، والتفاؤل ، فدماؤنا سقت ومازالت تسقى نباتات الحرية فى كل عصر على دروب الشهادة الزكية ، وأفكارنا لم تمل للغلو او الترخص فالتزمت الوسطية ، وأموالنا وضعناها تحت تصرف الله لانمن بها عليه بل نطلب منه بها الثبات والسكينة ، وحملات التشوية وظلم الافتراءات لم يوهن عزائمنا ، وأناتنا فى ظلام السحر ، ودموعنا التى تنساب عندما نخلو بذكره ، وثباتنا أمام القهر من أجل عقيدتنا سنين طويلة هرب فيها من الميدان الشجعان ، وأشبالنا وزهرواتنا وشبابنا وشيوخنا وشهداؤنا فى الدنيا بأسرها ، وما تقدمه من متانة الخلق ، وكفاءة العلم ، وسخاء العطاء ، وايثار المصلحة العامة على الخاصة ، كل ذلك يجعلنا من الموقنين الواثقين فى أنفسنا ، وفى قدرتنا ، فما خرب مكان دلفت اليه اقدامنا برغبة الجماهير ، وكانت أثارنا تدل علينا فى النقابات والاتحادات والبرلمانات والميادين بل وفى السجون والمعتقلات ، نحن نثق فى انفسنا وأنها لن تهون على الله أن يجعلها محلا لأنواره فى الحكم كما جعلها أنوارا فى الدعوة.

