حازم سعيد :
المقصود بالـ " صفيق الفاشل " هنا هو عين المكتوب وليس الكاتب نفسه ، وما كان لي وأنا تلميذ لمشايخ الدعوة السلفية بالإسكندرية العظام من أمثال الشيخ أبي إدريس محمد عبد الفتاح والشيخ محمد بن إسماعيل المقدم والشيخ سعيد عبد العظيم ورفاقهم في المدينة التي أحيا بها أن أهوي إلى السباب والشتائم ، ثم ما كان لي وأنا ابن دعوة الإخوان المسلمين ونبتة من نبتاتها أن أتدنى إلى أسلوب ذلك الصغير الذي تصدر في غفلة من مشايخ عظام علمونا أن نتجنب تصدر الصغار ، وعلمونا أنه من تصدر قبل أن يتفقه أتى بالطوام ولم تؤمن عليه الفتنة .
ما كان لي وأنا الذي تعلمت على الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم فن الذوق ، وتعلمت على الشيخ سعيد عبد العظيم سعة الصدر والبال والهدوء والتغافر والتماس مائة عذر لمن أمامي ، وتعلمت على الشيخ أبي إدريس الحلم والأناة وألا ننسى الفضل بيننا ، وتعلمت على رفاقهم أن الكلمة حجر إذا خرجت من فمك فلا يمكن أن تعود أبداً فأنت تبوء بعدها بخيرها أو إثمها .
ثم تعلمت على دعوة الإخوان المسلمين العظيمة السامقة أننا لا نجرح هيئات ولا نغتاب أشخاص ولا نتكلم إلا بخير ، سمعت من الدكتور بديع تذوقه لآيات كتاب الله – كيف لا وهو ابن مدرسة سيد رحمه الله – وعلمت منه كيف يكون الأدب والخلق الرفيع أمام من يهاجمك .
وتعلمت من مواقف التلمساني – رحمه الله - الرائعة كيف تكون المسامحة وطيب اللسان وهو يربي من يبشره بهلاك الطاغية بكلمتين رائعتين تحملان كل معاني الرحمة والأدب والخلق فيقول : " الله يرحمه " .
رأيت الحاج أحمد البس – رحمه الله – وهو من رعيل الإخوان الأول ، وأحد الشباب السلفيين يعيره – وهو مخطئ – بأنه ليس عنده علم ، فما كان منه رحمه الله إلا أن قال له : يا بني ومين اللى قالك إني عالم ، أنا بواب ، قاعد على باب عمارة جميلة اسمها الإخوان المسلمين ، أقول للناس إن العمارة دي حلوة وجميلة ، فمن دخلها سيتمتع بالسكن الجميل ، ولو وفى بحق السكن فسيتمتع في الآخرة أيضاً ... أنا بواب ... يا الله على الخلق .
رأيت الشاطر وهو في أشد حالات تعرضه للظلم والقهر والسجن لا يستطيع أن ينطق بكلمة فحش ويعجز لسانه عنها ولا يملك إلا أن يدعو على الطاغية بأن يذيقه الله بالحق ما أذاقه الطاغية بالباطل ، وكان هذا هو أقصى ما استطاع أن يصل إليه مما استجاب الله سبحانه له بعد قليلٍ قليل ... ولم يؤخره إلى حين .
ورأيت أحد أهم رجال الإخوان المسلمين العظام ، وأحد مورثي دعوتها ، وأحد صالحيها ، وأحد من نحسبه يخشى الله – والله حسيبه - .. رأيت الرئيس مرسي حفظه الله وأعانه ، وهو يشتم ليل نهار ويتهم بكل نقيصة وبأقذع الألفاظ ، ويحاصر ويقذف قصره بالمولوتوف ، ثم هو يخرج على الناس بخلق أسأل الله أن يكتبه به من رفقاء محمد صلى الله عليه وسلم وأن يلحقني بسيده محمد صلى الله عليه وسلم ، وبه – حفظه الله – بكرمه سبحانه وجوده ثم بحبي لهما ...
أقول رأيته يخرج بخلق السماحة والعفو والرحمة والرفق ليقول للناس : لقد سامحت كل من شتمني أو سبني وأعف عمن ظلمني بالقول أو انتقصني ...
كيف لي وأنا أرى هذه الآيات البينات ، والمواقف التربويات .. كيف لي أن أتهاوي لمستوى هذا الصغير الذي صدره المشايخ ليسلط لساناً حاداً على المؤمنين ، مرة تحت دعوى الأخونة ، وأخرى تحت زعم مساندة القضاء ، وثالثة تحت زعم إتاحة تكافؤ الفرص ، ثم يحضر ندوة يتناول فيها الصالح – والله حسيبه – مرسي ، ليتكلم عنه بلغة " الحواري " ، وأخرى في استضافة فضائية لفلولي رياضي شهير ليتكلم فيها ساخراً من لغة الجسد للرئيس الذي لا يترك الفجر في جماعة ، فهو – والله حسيبه – في ذمة الله ، ولم يحذر ذلك الصغير من مؤاخذة المولى سبحانه لاعتدائه على أهل ذمته .
ثم وآخرة الأثافي – وبعد أن كان يطالب بعزل وزير التموين الناجح – لما رأى الشعبية التي يتمتع بها وأنها مما لا يقاوم ولا يستطاع – بفضل الله - النيل منه ، إذا به لرغبته في الكيد والطعن يخرج مادحاً لهذا الوزير ذاماً لأخيه الخلوق صلاح عبد المقصود بقوله عنه " الصفيق الفاشل " - في مقاله بالشروق السطحية الساذجة - لا شئ فيها سوى محاولة الطعن والنيل من وزير الإعلام الإخواني .
ذلك الوزير الذي تربي في بيوت راقية لا يدرك كنهها ذلك الصغير ، ولا يعلم أن هذه البيوت لا تتعامل بتلك اللغة السوقية التي فهمها تمام الفهم – وما كان له ألا يفهمها – فقال الوزير الخلوق كلمة فهمها المجتمع الإعلامي ، وتبعهم ذلك الصغير في فهمهم على محملٍ بذئ متدنٍ ، سواءاً بسواء مع حكاية " الصوابع " التي لم تستحي – حتى - إعلامياتهم من التندر عليها ، مع ما في دلالة تلك التعليقات السيئة في حق أولئك النسوة .
هل جاهدت الفرس والروم !
ذكرتني هذه الواقعة المؤسفة التي هالني أن تصدر من فم منتسب للدعوة السلفية التي رموزها الشيخ محمد بن إسماعيل والشيخ سعيد عبد العظيم والشيخ أبي إدريس والشيخ أحمد حطيبة والشيخ فاروق الرحماني – رحمه الله – والشيخ سعيد حماد ... هؤلاء العدول المنصفين ... كيف لمن تخرج من مدرستهم أن يصدر هذه الشتائم ، هكذا وبلا روية ، ( لأ وإيه ) بيخرج لها التخريج الفقهي كمان !!!
أقول ذكرتني هذه الواقعة بما يروى عن ابن المبارك رحمه الله أن رجلاً جاءه واغتاب عنده مسلماً ، فقال له ابن المبارك : هل جاهدت الروم ؟ فقال : لا . فقال له : وهل جاهدت الفرس ؟ فقال الرجل : لا . فقال المجاهد ابن المبارك: أسَلـِـم منك الروم والفرس ولم يسلم منك أخاك المسلم , قم عنّي .
هكذا ، لم نسمع لذلك الصغير ذكراً ولا حساً ولا خبراً أيام كانت ضريبة الكلمة باهظة ، ولم نره في موقف أو حتى – قعدة – أيام كانت الهمهمة بحساب ، لم نر له جهاداً ولا حضاً على الجهاد ، ولا اعتراضاً ولا امتعاضاً ، أيام كان أمثال صلاح عبد المقصود يسحلون أمام دار القضاء وعلى سلم نقابة الصحفيين ، وأيام كان عبد المقصود يجاهد وحده ومعه عبد القدوس والقدوسي وحفنة أتقياء أخفياء أمام مئات وآلاف العلمانيين والشيوعيين واليساريين بالإعلام .
بلاش زمان .... لم نسمع لذلك الصغير حساً ولا خبراً هذه الأيام أمام عشرات ومئات من الإعلاميين الذين ينطبق عليهم وصف " الصفيق الفاشل " بجدارة ، ممن رمى ولمز وطعن في الإسلاميين وقال عنهم في غير ذي موقف أوصافاً وسباباً يعف قلمي عن استدعائها .
آلآن ! آلآن تشتم ويعلو صوتك ، وترتفع عقيرتك بالسباب ، وتكتب عن أحد الصالحين – والله حسيبه – " الصفيق الفاشل " ، وما أحسب شتيمتك هذه إلا أثارة من العصبية المقيتة ، وإلا نعرة من نعرات الجاهلية البغيضة .
على لساني نيابة عن عبد المقصود دعوة الصالح – سعدٍ بن أبي وقاص رضي الله عنه – حين قال عمن افترى عليه كذباً : " من قال على هذا وهو كاذب اللهم لا تمته حتى تفتنه وتجعله عبرة لمن اعتبر من عبادك " ، فكان يمشى في الأسواق وعمره ثمانين عاما ويشاكس ويعاكس الفتيات الصغيرات فيقلون له : ما بك ما شأنك ، فيقول : رجل مفتون أصابته دعوة سعد .
أيها المشايخ .. لا يكفي الإنكار ثم السكوت ..
ولا يظنن ظان أننا في دعوة الإخوان نخشى لسان أمثال ذلك الصغير ، فلا والله ، أمثاله – إن افترضنا ، ونحن لا نراها كذلك – أننا في منافسة مع من يقولون أنهم يحملون الراية الإسلامية .
أقول أمثاله – لو سلمنا بالمستحيل افتراضه من أننا في منافسة – مكسب لنا أن يكونوا في صف خصومنا ، فلسانهم يكسبنا كل يوم أنصار جدد ، سواءا بسواء مع ما يفعله بعض الكتاب الصحفيين الذين كانوا .... ولم يعودوا الآن ، ممن لا هم لهم إلا النيل من الإخوان ورئيسهم .
فإن أمثالهم مكسب لنا ، لأن الحلماء العقلاء عندما يتدبرون كتاباتهم وتناقضاتهم وما يبدو من تحولاتهم ، مع ما أصبح يصيبهم من تشنج وشتائم وسباب ، يرى أننا نحن على الخلق والحق ، وأننا نحن أصحاب الدعوة ، فنكسب كل يوم أنصاراً جدد بحول الله وفضله .
إنما الدافع الذي يدفعني لمناشدة مشايخ الدعوة السلفية أن يكون لهم موقف واضح بإبعاد مثل هذا من التصدر هو حرصي على الإسلام الذي تمثل الدعوة السلفية جزءاً منه ، أنا لا أقول لهم أخرجوه من جنتكم ، وما كان لي أن أطرد من ادعى الإيمان وأتي لصف الدعوة أبداً ، ولكن حين تسوء أخلاقه ، ولا يبدو عليه أنه تعلم من هدينا شئ ، أقول ما كان لنا أن نصدره .
ولا يكفي مجرد تصريح بالإنكار كما فعل الفاضل عبد المنعم الشحات – الذي رغم اختلافي المبدئي معه – بوصفه أحد منظري حزب النور الذي أختلف معه الآن في تسعة وتسعين في المائة من مواقفه التي تتنافي تماماً مع ما تعلمته على يد مشايخ الدعوة السلفية السكندرية من قواعد الولاء والبراء والنصرة وغيرها ، أقول رغم اختلافي معه إلا أني أشهد له بالخلق الحسن ، ولا أنسى عناقه للرمز الإخواني صبحي صالح بعد خسارة الشحات أمام مرشح التحالف الإخواني ، ولا أنسى الطريقة الودودة التي تحدث بها ...
أكتب هذا وأنا الذي كتبت غير ذات مرة مناصراً مشايخ السلفية حين هاجمها أمن الدولة وروز اليوسف من قبل ، وكان من أبرز من دافعت عنه الشيخ ياسر برهامي ، وأنا الذي كتبت مناصراً لأمثال كاميليا شحاتة ، ووفاء قسطنطين – رحمهما الله – من قبل ، لا يحركني في ذلك انتماء إخواني .. بل هو الانتماء لدعوة الإسلام الأرحب والأوسع .
فلا يحرك قلمي عصبية أو جاهلية أو انتقام لحق أشخاص من الإخوان ، وإنما هو الحرص على الثوب الإسلامي الأبيض النقي ...
أيها المشايخ .. اتقوا الله في دعوة الإسلام ، من تصدر الصغار ، اتقوا الله في دعوة الإسلام من الشتامين السبابين ، اتقوا الله في دعوة الإسلام فهي الباقية الخالدة ، وسيزول أشخاصنا وذواتنا ، وستزول أحزابنا ومسميات جماعاتنا ، ولن يبقى لنا حين نعرض عراة على المولى عز وجل سوى ولاؤنا لله ولرسوله وللمؤمنين ... لدعوة الإسلام الغالية الخالية من العصبيات الجاهلية البغيضة المنتنة ... اتقوا الله وأخرجوا الصغار من الصدارة ... ألا هل بلغت ... اللهم فاشهد ... اللهم فاشهد ... اللهم فاشهد .
============
[email protected]
لماذا لم يتعلم ذلك الصغير من مثل هذا الجبل السامق ... الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم يدافع عن الرئيس مرسي بأجمل وأعقل ما سمعت :
http://www.youtube.com/watch?v=JQY60eaViYY

