حازم سعيد :


كتبت على مدار السنة الأخيرة مرتان عن الكاتب جمال سلطان ، رددت في إحداهما على منطقه النقدي للرئيس إزاء قضية الأخونة وتزامنه فيها مع حزب النور ، والمرة الأخرى كانت كبسولة في نهاية مقالة حول أنه لا يرى في حياته كياناً مجرماً آثماً يستحق النقد والهجوم سوى الإخوان والرئيس ، لدرجة أنه على مدى أكثر من خمسين يوم متتالي ( وقت كتابتي الكبسولة ) يكتب عن الإخوان والرئيس ناقداً مهاجماً ، أو متوافقاً مع أجندة معارضيهم .

وأنوي أن تكون الثالثة اليوم هي الأخيرة ، لأن الحالة التي وصل إليها الكاتب المذكور وضعته في تصوري موضع من لا يصح الالتفات إليه حتى لو كان له في يوم من الأيام رصيد ثقافي ما .

 

المقال الفضيحة ... أو الخطيئة

كتب السيد جمال سلطان ضمن نيفٍ وستين يوماً ( بتواصل وبلا انقطاع ) نقداً للإخوان والرئيس ، وكان آخر ما كتب على مدار الأيام الأخيرة عدة مقالات عن أزمة القضاة  تحت عناوين من نوعية : " لماذا انقلب الإخوان على القضاء " و " الإخوان والقضاء واللعب على المكشوف " وغيرها مما لم أعد أعبأ بقراءته ، ولا أراه عاد يصلح لإضاعة الأوقات معه ، و كان آخرها مقالة اليوم ، والتي أحسبها أخر ما يمكن أن أقرأه للكاتب : " مرسي يعترف : القضاء جزء من الثورة " وهي المقالة الفضيحة أو الخطيئة .

وسبب كونها فضيحة أو خطيئة ، أنها أولاً تمثل أعلى هرم التناقض والتراجع وتبدل المواقف بمقدار مائة وثمانين درجة ، والثانية بسبب ما اشتملت عليه من شتائم تلميحاً وتصريحاً ، لا احسبها يمكن أن تصدر ممن انتسب إلى العمل الإسلامي يوماً ما ، ولا أظنها يمكن أن تصدر عمن عارض الشيخ الغزالي رحمه الله في يوم من الأيام لأنه انتقد بعض الشباب السلفي بحدة ، ولا أحسبها تصدر من كاتب مثقف يحترم جمهوره ويحترم رصيده أو تاريخه ... وسأعرض لكم في نقطة لاحقة بعض الألفاظ ..

أما فيما يتعلق بالسبب الأول وأنها تمثل قمة هرم التناقض ، فلن أسرد لكم شيئاً أي شئ من داخل المقالة لأحلله وأنقده وأرد عليه ، فلقد كفاني مؤنة ذلك كاتب شهير اسمه " جمال سلطان " حين كتب قبل ذلك مقالات أضع لكم في نهاية مقالتي روابطها في نهاية 2012 وبداية 2013 ، حين لم تكن بوصلة التوجيه وقتها ضد الإخوان ، عندها كتب الكاتب الشهير مجموعة مقالات بعناوين وهذه مجرد أمثلة لا حصر - :

" من يزرع الشوك لا يجني وروداً " وهي أخطر المقالات على الإطلاق وهي التي تعد النموذج الأروع لرد الكاتب الشهير جمال سلطان الذي يدعم الثورة ضد القضاء الفاسد والتظاهر ضده وحصار الدستورية لإيقافها عن غيها والمطالبة بخلع النائب العام السابق ، أقول هي النموذج الأروع لهذا الكاتب الشهير في الرد على الكاتب الشهير جمال سلطان الذي يعارض الإخوان في ثورتهم ضد القضاء ويطالب بخلع النائب العام الجديد حتى تهدأ المعارضة التي كان الكاتب الشهير جمال سلطان يعارضها ويعتبرها مخطئة ومنحرفة وهي تطالب ببقاء النائب العام القديم أو التعرض للسلطة القضائية !....

أما أمثلة باقي العناوين والتي أحيلكم عليها لتقرؤوها لتروا كيف يرد جمال سلطان على جمال سلطان فكانت : " البلطجة المشروعة بدعم نادي القضاة " و " القضاء كأداة صراع سياسي " و " اعتذار واجب للرئيس مرسي " و " جريمة لا ينبغى أن تمر " و " السياسة تعصف بالقضاء " و " العابثون في قضاء مصر " ... يا سنا بيضا !!!!!!!!!!!

هذه مجرد عينة وأمثلة لمقالات متنوعة على مدار العام الماضي كلها تضرب في القضاء مباشرة ويرد فيها الكاتب جمال سلطان المؤيد للإخوان على الكاتب جمال سلطان المعارض للإخوان ... فلماذا هذا التحول ؟ ولماذا انقلب الكاتب جمال سلطان من مؤيد لأجندة الإخوان فيما يتعلق بأن القضاء يحتاج إلى ثورة وتطهير وتظاهر وحصار لكي يتطهر ، إلى معارض لأجندة الإخوان ورافض لتطهير القضاء ويعتبرهم منقلبين عليه .

 

سر التحول

لا أملك دليلاً واحداً منطقياً أو إثباتاً لما يدعيه البعض عن التمويل الخارجي الخليجي ، وإن كان نشطاء نشروا ذلك على الفيس بوك ، فلأني لا أملك هذا الدليل ، ولا أعرف صحة تحقيق النيابة حول هذا الموضوع من عدمه ولا يهمني ، فلا أستطيع أن أزعم أن هذا هو السبب في هذا التحول العجيب الغريب .

وآخر العهد بتأييد جمال سلطان للرئيس مرسي والجماعة التي تربى عليها الرئيس ، كانت قبيل السفر ضمن وفد الرئيس الذي سافر للسعودية ، فهل حدث هناك من الرئيس مثلاً ما جعل جمال سلطان يتغير عليه ، وهل حدث من أحدٍ هناك من الخليجيين ما جعل جمال سلطان ييمم شطره لوجهة أخرى ؟ سيبقى الأمر مجرد تخمينات وتكنهات ما لم تمتلك الأدلة والمستندات ، وسيبقى إلقاءاً للتهم بالمظنون ، أتحرز أن أقع فيه ..

فما الذي يدفعني لكتابة هذا الكلام وإفراده في هذه النقطة ، الدافع هو أني أريد أن اري الأستاذ جمال سلطان نوعاً من الشعور حين تأتي بكلام فارغ وتهويمات وإشاعات ومظنونات وكلام هو والاحتطاب بالليل سواء ، ثم أبني عليه مقالة طويلة عريضة أنقد فيها من أعارض وأذيقه ألم التجريح بدون تثبت ولا روية ...

وهذا هو عين ما يفعله مع الإخوان والحرية والعدالة والرئيس مرسي ، كلام فارغ وتهويمات ، على مدار أكثر من ستين يوم نقد متواصل وتجريح وإهانة ومعارضة على طول الخط وفي كل القضايا ، وتبني لأجندة الخصوم والمعارضين ( وبرضه ) على طول الخط وفي كل القضايا ، وبشكل لا يتصوره عاقل ، حتى وصل الأمر لانتزاع معانٍ من كلمات للرئيس مرسي في حواره مع الجزيرة حول " تعاون الإخوان مع إسرائيل " ويفرد لذلك مقالته التي سبقت هذه المقالة الفضيحة ، وهو الأمر الذي ما تخيلت أنه يمكن أن يصل بعدواته وشططه في الخصومة إليه أبداً ، وقد جلست أكرر الاستماع لكلمة الرئيس أكثر من خمسة مرات حول هذه الجزئية فلم أستطع أبداً أن اصل إلى ما وصل إليه ولم أجد لذلك سبيلاً – أي سبيل -  !

 

الشتائم ولغة الشوارع

وكان آخر ما وصل به الشطط في مقالته الفضيحة هو لغة السباب والشتائم تصريحاً وتلميحاً وهو ما يعجز العاقل المتدبر فهمه خارج سياق " الموتور أو المأجور " ومرة أخرى أنا لا أتهمه ، ولكني أذيقه بعضاً من الكأس من جهة ، وأحاول أن أفهم ما يصنعه بشكل منطقي من جهة أخرى ...

اقرأ له في المقالة الفضيحة هذا السباب وهذه الشتائم التصريحية والتلميحية والسخرية والاستخفاف في أماكن متفرقة من المقالة :

مقدمة المقالة : " من يستمع إلى كوادر الإخوان وهى تتحدث إلى وسائل الإعلام عن موضوع "تطهير القضاء"، يجد كلامًا من نسخة واحدة متطابقة ، كأنه نشيد الصباح الذى حفظته لهم جهة ما، جوقة واحدة، وعنف واحد، وتعبيرات واحدة، وحملة واحدة، تكشف عن مخطط الانقلاب على الشرعية الذى يقوده مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين الآن، والذى يتمثل فى أفحش صوره فى الرغبة المفاجئة والعارمة للإطاحة بالقضاء ... "

" هذه شهادة عضو مكتب الإرشاد ورئيس حزب الإخوان وممثلهم فى رئاسة الجمهورية .. "

" ففيمَ خرج الكاذبون الدجالون فى مليونيتهم؟ ومن أين أتت هذه الوجوه الشائهة بالأكاذيب عن قضاء الفلول وقضاء مبارك وقضاء تهانى؟ " . لا أملك هنا إلا أن أقتطع سياق سرد كلماته لأرد عليه : بأنهم جاؤوا بها من مقالات الكاتب الشهير جمال سلطان الذي كتب منتقداً لقضاء الفلول وقضاء مبارك وقضاء تهاني من قبل ...

" غير أن الرئيس مرسى الذى اعترف بكل ذلك، عندما سئل عن هذه "القاذورات" التى طفحت من مخططات الجماعة عند دار القضاء العالى " .

" والعبوا مع بعض "

" هل هذا كلام يمكن سماعه من المسؤول الأول فى الدولة المصرية، يرى سلطات الدولة تطحن فى بعضها البعض، ويقول هذه هى الديمقراطية، أم أنها تغطية كاملة منه على المؤامرة ضد القضاء، وموافقة ضمنية على دعم هذه الخطط التى تمثل انقلابًا حقيقيًا على الشرعية التى أتت بمحمد مرسى، وتشويهًا خطيرًا لنفس المؤسسات التى قضت بشرعيته كرئيس للجمهورية؟ "

" لماذا تغدر بنا الآن، بعد أن مررنا لك الدستور ثقة فى وعدك ؟ الآن تدير لنا ظهرك وتستغل ثقتنا بهذه البشاعة وتقول هذه هى الديمقراطية، ديمقراطية الخداع والغش واخطف واجرى، والله لن نغفرها لك أبدًا إلا أن تعتذر للوطن كله وتوقف هذه المهزلة " . انتهت المقالة وأجزاء الشتائم والسباب .

وكنت أتمنى أن أعلق على التناقضات والسطحية والتهافت والزلل فيما جاء في ختام المقالة من أول قوله : " غير أن الرئيس مرسى الذى اعترف بكل ذلك ... " وما به من أخطاء سطحية ساذجة لا يقع فيها كاتب في أول مقالاته إلا أن يكون " موتوراً أو مأجوراً " ، إلا أني أراه تضييعاً للوقت والجهد ، ومع اليقين أن مجرد قراءته تكفيك لتعلم تهافته " وتفاهته " وكما قطعت العهد أكتفي لكم برد الكاتب جمال سلطان على الكاتب جمال سلطان .

 

سبقني واشتكى

العجيب في الأمر أن الكاتب المذكور بعد أكثر من خمسين يوم شتيمة ونقد وسب وانتقاص خرج علينا الأسبوع الماضي بمقالة أراد تصوير نفسه فيها هو وجريدته بثوب الضحية الذي يتناوله الإخوان بحملة شعواء يريدون فيها الانتقام منه .

وهو نموذج عملي حرفي لكاتب أتقن هنا فن " ضربني وبكى وسبقني واشتكى " ، الطريف أنه في نفس الوقت خرج علينا المتحدث الشاب باسم النور ليدعي نفس الدعوى وأن الإخوان يشنون حملة على حزبه ... هذا الحزب الذي بدأ حملة منظمة ممنهجة بدأت بخالد عالم الدين ومؤتمرهم ضد الرئيس ثم ادعاءات الأخونة ثم رفض مشروع الصكوك والسياحة الإيرانية وأخيراً الموقف من القضاء ... وفي كل مرة عشرات الاستضافات الفضائية وعشرات المقالات وعشرات التدوينات بسخرية واستخفاف ، ووصل الأمر مداه للصفحات الرسمية السلفية التابعة لحزب النور والتي سخرت من الرئيس مرسي نفسه وبأسلوب باسم يوسف ، حتى ان صفحة من صفحاتهم تصور الرئيس في أحد المؤتمرات وتسخر من صورته التي يبدو فيها أنه نائم وتطلب من القراء تعليقاتهم الساخرة حول هذا الموضوع ، وأخرى تنتقده في موضوع الشيعة والسياحة الإيرانية بنكات مسفة لا تفرق عن باسم يوسف في شئ ..

هل هذا التزامن في الشكوى من اعتداءات الإخوان بعد تزامن موجة الاعتداء بالنقد والشتيمة والسخرية والانتقاص بين سلطان وبين متحدث النور ، هل يعني لك شيئاً عزيزي القارئ ... أظنه يعني لي أشياء ، ولو أردت أن تعرفها فاذهب إلى بعض دول الخليج وسل ... وهل هذا اتهام بغير دليل ولا بينة ... ذق من نفس الكأس أيها الكاتب الذي كنت أقرأ له يوماً ما ... والآن بكل أريحية وضمير هادئ مطمئن ، لا يحسب صاحبه أنه سيفقد شيئاً غالياً أو عزيزاً ، أو يفتقد سبيلاً للحكمة ... أقرر ألا أقرأ له ثانية حتى لا أضيع وقتي فيما لا ينفع ولا يفيد ...

================

[email protected]

رابط للمقالة الفضيحة :

http://www.almesryoon.com/permalink/124702.html

روابط لمجموعة مقالات يرد بها جمال سلطان على جمال سلطان أهمها أولها :

http://almesryoon.com/permalink/61201.html

http://almesryoon.com/permalink/68777.html

http://almesryoon.com/permalink/16976.html

http://almesryoon.com/permalink/36309.html

http://www.almesryoon.com/permalink/69705.html

http://almesryoon.com/permalink/80296.html

http://www.almesryoon.com/permalink/58536.html

واقرؤوا هذا الرابط :

http://www.nmisr.com/vb/showthread.php?t=474063

http://www.youtube.com/watch?v=KKZdS1GHW4o