وائل الحديني 

(1)

 الصورة الذهنية لا ترتبط فقط بالهيئة التي تلتقطها عدسات الكاميرات ، لكن معناها أعمق وصناعتها أعقد.

 هي نتاج الانطباعات الذاتية التي تتكون عند الافراد أو الجماعات تجاه شخص أو جماعة أو نظام أو أي شيئ آخر ،وذلك بفعل التجربة المباشرة أو غير المباشرة ، وترتبط بعواطف الاشخاص واتجاهاتهم واعتقاداتهم بغض النظر عن صحة المعلومات من عدمه ، وهي العدسة التي يرى الأفراد من خلالها الواقع.

 (رجب الطيب أردوغان نموذجاً)

 يقول الصحفي سعد عبد المجيد : لم يتخلف أردوغان يوماً عن واجب العزاء لأي تركي يفقد عزيزاً ويدعوه للجنازه.

اقترب الطيب من الجماهير خاصة البسطاء منهم.

طويل القامة  فارع الطول جهوري الصوت حاد الطباع  نتيجة نشأته.

 متدين لا يجيد سوى التركية ، متحدث بارع ومصغي جيد.تاجر ماهر ، مارس كرة القدم فى ثلاثة أندية.

يقول رجل الأعمال غزوان مصري : كل من يعيش فى استانبول يدين لأردوغان بالماء والهواء النظيفين والخضرة التى تملأ المكان.كانت وسائل الإعلام سابقاً تنصح كبار السن و الأطفال ألا يخرجوا للشارع لأن الهواء ملوث ،كما كانت الكمامات توزع فى الشارع.

خلال ثمان سنوات حول استانبول إلى عاصمة اجتماعية وثقافية وسياحية تليق بتركيا.

( عبد الله جول نموذجاً) 

 لا تفارق الابتسامة وجهه في أشد المواقف صعوبة ومشقه!
 
ولد في قيصريه لعائلة متواضعة ،ألتحق بمدرسة الأئمة والخطباء مثل أردوغان ، وتخرج في كلية الاقتصاد.
 
حصل على الماجستير في الاقتصاد من بريطانيا ،ونال الدكتوراه في تطور العلاقات الاقتصادية بين تركيا والعالم الاسلامي ..عمل في بنك التنمية الإسلامي في جدة لمدة ثمان سنوات .يجيد الانجليزية إجادة تامة على عكس أردوغان (اعتقل في عهد الجنرال كنعان إيفرن 1980 ).
 
استطاع بناء شبكة علاقات واسعة أثناء توليه حقيبة الخارجية ، ومد خطوط اتصال مع كل الأطراف.
 
يتميز بالواقعية والرؤية الثاقبة.
 
كان يُلقب بالأمير لقربه الشديد من أربكان.
 
مهندس مجموعة الثمان الإسلامية ، ومهندس حزب العدالة والتنمية.
 
تنازل عن رئاسة الوزراء لأردوغان فى مشهد قلما يتكرر ،وأعطاه أردوغان الرئاسة لاحقاً رغم انه كان يحلم بها.

 كيف استطاع الثنائي اردوغان جول تجسيد القيم والمعاني فى غيبة المصطلحات المحظورة؟

  لم تمنع أردوغان نشأته المتواضعة أن يعتز بنفسه ،ففي مناظرة تليفزيونية مع زعيم الحزب الجمهوري دينز بايكال قال بثقه : (لم يكن أمامي غير السميد والبطيخ فى مرحلة الابتدائية والإعدادية كي استطيع معاونة والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي ، لأن والدي كان فقيراً)
 
لم يغير الطيب مسكنه رغم تواضعه حتى بعد وصوله لمنصب عمدة استانبول ووجود فرص للحصول على عملات بملايين الدولارات بشكل شرعي .لكنه كان يخصم تلك العملات ويوفرها لخزينة المدينة.
 
فى رمضان يقوم جول باصطحاب زوجته يومياً إلى منزل إحدى العائلات الفقيرة بالعاصمة أنقره لتناول طعام الإفطار ليؤكد أنه خرج من بين هؤلاء وانتمائه الحقيقي لهم.
 
روى بستاني أن عبد الله جول زار صاحب المنزل الذي يعمل به وأنه بعدأن ساعد فى إعداد طعام الإفطار، ذهب ليستكمل عمله فناداه جول ،وطلب منه أن يتناول معهم الإفطار على نفس المائدة ، ولم يقبل اعتذاره أبدا. يقول البستاني ( تعودنا من كبار القوم ألا يلتفت أحدهم لأمثالنا من طبقات الشعب ، ولكنه أثبت بحق أنه ابن محافظة قيصري ، كما اثبت أنه رجل مسلم بحق.
 
كانت أشهر الصور في تركيا لـ (جول) وهو يمر على أحد المدارس الابتدائية أثناء نهاية اليوم الدراسي  والتلاميذ يلتفون حوله في حميمية وود.

(يتبع)