وائل الحديني

أثبتت جلسة الحوار الوطني التي عقدت منذ أيام ونقلت على الهواء مباشرة أن الرئيس لا زال رغم الضغوط يمتلك ثباتاً انفعاليا واتزاناً نفسياً وأنه بات رجل دولة في غاية النضج ، لكنها أثبتت أيضاً أن حزب النور دخل في دائرة التشنج  وأنه حضر الجلسة خصيصاً لإثبات موقف وإحراج مؤسسة الحكم.

وبذلك يبدو أن تصريحات المتحمس نادر بكار التخاصمية من قبل لم تكن عفوية ، وأن الجلوس مع جبهة الإنقاذ من بعد لم تكن بغرض لم الشمل وتقريب المسافات ، وإنما كانت تهدف إلى إنقاذ الجبهة وإقالتها من عثرتها وإخراجها من عزلتها وصناعة جبهة ضد.

بات يقيناً أيضاً أن جبهة الإنقاذ لا تريد الذهاب إلى أي استحقاق انتخابي خوفاً ورهبة  ، حتى أن أحد الظرفاء قال أن كل السياسيين في التاريخ يؤسسون أحزاباً للمشاركة عدا البرادعي أسس حزباً للمقاطعة : مقاطعة الانتخابات والاستفتاءات والحوارات ، فيما لم يقاطع أعمال الفوضى والتخريب ، وبات شبابه ( الثائر) معاول للهدم وأدوات للسب والتدمير والحرق.

في القديم عرفت الأنا ركية ومن صورها البلاك بلوك باللاسلطوية ، فهم جادون في هدم السلطة وتأسيس مجتمع بلا دولة ، فيما القضية التاريخية عند (الشيوعية):وفرة السلع لكل شخص.تحقيق كامل للمتاع المادي.إذا كنت أملك حياة واحدة فهي ملك لي أنا وحدي .لا مجال للأخلاق.

في الواقع : تعاني قوى اليسار والقوميين عجزاً وتقوقعاً بحق ، حتى بعد الثورة شاركوا في حكومتين لأشهر فلم يقدموا شيئاً ، سوى اقتراح استبدال الأرز بلسان العصفور في بعض الأكلات كحل لأزمة نقصه ، كما لم يؤثروا في المزاج العام للناخب فخرجوا من كل الانتخابات صفر اليدين، فغادروا السياسة ولجأوا للعنف ، أما الليبرالية فعادت لأصولها وغاصت في اليسار ، فحكيمهم لا يملك رؤية ولا تصور ولا حل.أما حزب النور السلفي المتأزم بانشقاقاته فأضاء الساحة للإنقاذ ووهبهم غطاءاً سياسياً كالذي وفروه هم لأعمال البلطجة والتخريب ، على أمل تأجيل الانتخابات للملمة الصفوف وترميم الشعبية وتجسيد واقع الابتعاد عن الإخوان الذين يعانون جماهيرياً.

لم تكن قضية علم الدين هي نقطة الخلاف ، لكن حينما يلتقي المتضادان (إتفاقاً) توشك أن تفتضح المؤامرة:

فمؤشرات بدت واضحة أن النور يجمع ما يقول أنها دلائل على أخونة الدولة في كشوف مزعومة تحمل أسماء نقابين وأكاديميين فازوا في انتخابات حرة ، وموظفين (كمسئول نظافة) وصل إلى موقعه عبر سنوات قضاها في السلم الوظيفي، حينما كانت الحكومة حرام والسياسة رجس.

لم أصدم حقيقة وأنا أرى مقالات الرأي التي يلوكها يساريون وقوميون تنقلب لصالح جزء من التيار السلفي لتصفه بالحكمة والحنكة والفهم الرشيد لصحيح الدين ، في حين تصم الإخوان بالنفعية والاحتكارية وقهر الشعب وتعذيبه وسحله واهانته في إنسانيته بعمق! فيما خرج المفكر القومي بقناعات جديدة : الديمقراطية ليست صندوق انتخابي بقدر ما هي اقتسام للسلطة مناصفة : إذاً فعلام التنافس، ولماذا سرق مقعد جمال حشمت وهل يختلف سلوكياً عن أصحاب الجبنه النستو؟

ربما وقع النور في فخ ومؤامرة و خندق تم حفره والصبر عليه ، لكن المؤكد أنه ليس من أدبيات الإخوان ولا وسائلهم التزوير.

هي مسئولية عافها الجميع من قبل والحياة برؤيتهم ومن ضمنها السياسة موقف وثبات بعيداً عن التأزيم ولو لم يجد الحق فرصة إلى التجمع البشري أو النصر ..نتمنى أن لا يبتعد عن هذا الإطار النور.