جمال سلطان:
جاءت كلمة الرئيس المصري في مؤتمر القمة الاقتصادية طويلة نسبيًا، وذلك بسبب أن مصر كانت رئيس الدورة السابقة للقمة فكان يعطي ما يشبه تقريرًا عما تم تنفيذه والآمال المطروحة للمستقبل، وقد حدد مرسي في كلمته مشكلات العالم العربي في نقاط محددة بشكل علمي نادر الحدوث في الخطابات السياسية للقادة، قبل أن يعرج على مشكلات العالم العربي فيؤكد أن مصر تدعم ثورة الشعب السوري ضد نظام بشار، لم يذكره بالاسم أبدًا، وأكد أنه لا وجود لهذا القاتل الذي دمر بلاده وقتل أكثر من ستين ألفًا من مواطنيه حتى الآن وأن الشعب السوري سوف يختار قيادته بنفسه وبإرادته الحرة.
كما كان من أبرز النقاط التي تكلم فيها إعلان رفض مصر للهجوم الفرنسي على شمال مالي، مؤكدًا أن هذا يفتح بؤرة جديدة للعنف ويحاول تفخيخ العلاقة بين الشمال العربي والجنوب الأفريقي واصطناع حاجز من النار والدم يفصل العرب عن أفريقيا، وتلك رؤية جريئة جدًا من الرئيس المصري في ذلك الوقت، وفي نهاية اللقاء كان هناك عشاء ملكي للوفود حضره جميع القادة، لكن مرسي اعتذر عنه لارتباطه بلقاء مع أبناء الجالية المصرية في منزل السفير المصري وتلك لفتة غير مسبوقة من قيادة مصرية وأرجو أن تكون فأل خير في تطور علاقة سفاراتنا بالمصريين العاملين في الخارج، والمؤكد أن السفير عندما يجد رئيس الدولة يولي هذا الاهتمام بكل تفاصيل مشاكل وهموم المصريين في الخارج ويستمع لهم بصبر سيكون أكثر احترامًا للجالية وأكثر جدية واهتمامًا بأي شكوى لمصري في الخارج، ولطالما كان المصريون في الخارج يعانون من إهمال سفاراتهم لهم وتعاليها عليهم بينما سفارات دول أخرى لو عطس مواطن لها في أي مكان لأرسل السفير يسأل عن صحته وظروفه، وفي لقائه مع الجالية المصرية في الرياض قلل مرسي من شأن المخاوف في شأن الاحتشاد الذي يدعو إليه بعض قوى المعارضة في ذكرى الثورة بعد أيام، ولكنه أكد أن الدولة تأخذ كل شيء في الحسبان ولا تستهين بشيء وأعاد التأكيد على أن حق التظاهر والاعتصام السلمي مكفول لكل مصري، كما طمأن الجميع على الوضع الاقتصادي رغم صعوبته.
في القاعة التي شهدت وقائع المؤتمر رأيت الدكتور عصام الحداد مساعد الرئيس للشؤون الخارجية ينتحي بوزير الخارجية الإماراتي محمد بن زايد جانبًا لفترة طويلة، وجرى بينهما حوار بدا فيه الحداد أكثر جدية وحرصًا من بن زايد الذي كانت معالمه لا تحمل أي اهتمام بما يقوله مساعد رئيس الجمهورية، ويبدو أن الإمارات مصرة على استمرار التصعيد مع مصر في الفترة المقبلة، خارج القاعة في الشوارع والمؤسسات كان الشأن المصري حاضرًا في أي حركة للمجموعة الصحفية المصرية في أي مؤسسة سعودية، وقد نال الزميل مصطفى بكري أكثر التعليقات وقد استوقفه أمامي مواطن سعودي في شركة الطيران يبدو أنه عرفه من صورته لكثرة ظهوره التليفزيوني وقال له بصوت مرتفع: "يا أستاذ مصطفى بكري اتقي الله في مصر، يا أستاذ مصطفى لا تعملوا على هدم مصر"، وظل يكررها، كان المشهد مربكًا لنا جميعًا، ولمصطفى بشكل أكبر، ولكنه تعامل مع الموقف بهدوء شديد ولم يعلق أو يحتد على الكلام، والشعب السعودي بشكل عام متعاطف جدًا مع الثورة المصرية ومع حكم الرئيس محمد مرسي ويتكلم كل من تقابله بحب وتعاطف استثنائي مع مصر، وتشعر بأن الخليج العربي ينتظر آمالًا كبيرة من التجربة المصرية الجديدة ويتمنى أن تنجح كنموذج لتطوير وتغيير صورة العرب سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا وإنسانيًا.
المصريون

