وائل الحديني*

يحيي عياش ود/ نزار ريان وسعيد صيام الذين استشهدوا في بدايات شهر يناير بفارق 13عام من صناع الحياة.

بعد شهر من استشهاده في 6يناير 1996، نقلت بعض الصحف رسالة من د/ موسى أبو مرزوق رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ـ حينئذ ـ من السجن الفيدرالي بأمريكا إلى الشهيد يحيي عياش يقول في بدايتها (كل يوم تشرق الشمس ويأتي الضياء وتتفتح الأزهار وينتشر الناس، ولكن الشمس بعد الإشراق تغيب، والضياء يعقبه ظلام، وتفتح الأزهار يصير إلى ذبول وزوال، وانتشار الناس يردفه سبات، والموت والحياة سنة كونية فكما يقدم كل يوم جديد مولود يرافقه فقدان محبوب إلا أنت أيها الشهيد فتشرق دائمًا بلا غياب، وتضيء دونما انطفاء وتتفتح يافعًا بلا ذبول ولا زوال، وتولد فينا وتبقى حيًّا بيننا لا يطولك الموت.

صنع يحي عياش الحياة بأن خط خلالها طريقاً إلى الموت!

منذ عدة سنوات وقف نزار ريان وأسرته أمام جثمان ابنهم إبراهيم  يتحسسون جروحه تعلو وجوههم ابتسامة حقيقية، وكأن الموت أمنية وفى أول يوم من 2009 رفضوا الخروج من البيت واستقبلوا الموت جميعًا 14 فردًا من عائلة واحدة! أخرجوه من بين الحطام يحملُ رضيعه. وضع قواعد اللُعبة : قرر القائد نزار ألا يترك المجاهدون منازلهم تحت التهديد بالقصف، علمهُم تحدي الـ"إف 16" والأباتشي، والحوامات، صنع منهم دروعًا بشريةً وشاركهم قهر الاحتلال، الذي فر جنوده بعدها مرات ، بينما كان قادته لايزالون في المخابئ ينتظرون إشارة الأمان ليخرجوا بالرايات.

أصّر سعيد صيام على تصريف أمور وزارة الداخلية من الميدان، وقال نويت أن أستند إلى القاعدة الشرعية التي أخذ بها الشهيد نزار قبل أن تستهدفه الطائرات بقنبلة تزن الطن!

قال عنه عمر سليمان لقد فرض سعيد صيام على قطاع غزة نموذج من الأمن لم يعرفه طوال 50 عاماً.

مات هؤلاء لكنهم صنعوا الحياة في ظل موازين مقلوبة.

يقول الشيخ أحمد ياسين: أنا الفلسطيني المشرد من وطنه، أنا الفلسطيني الذي سلبت أرضه وبيته وداره، أنا الفلسطيني الذي قتل أبوه وأخوه وأخته وأمه وأطفاله، أنا الفلسطيني الذي يقع تحت الاحتلال ، فأنا الذي أطالب ببيتي يصفني العالم بأنني إرهابي، والقاتل المحتل المستوطن الذي شرد الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني، والذي يحتل بيوت ملايين الفلسطينيين إنسان شريف وكريم! إذا كانت المعادلات الدولية مقلوبة فنحن لا نقبل بالمعادلات المقلوبة إطلاقًا نحن أناس نريد الحق.

في مصر نمط آخر لصناعة الحياة ، زعيم يخط طريقاً للاستقرار ، ويفتح الباب للجميع للمساهمة في بناء الوطن وتشييد نهضته في ظل موازين باتت معتدلة بعد أن سقط الاستبداد ، يقابل ذلك على الجهة الأخرى سفراء للموت  : قبض ملك الموت الناصري عادل الجرجاوي على الهواء مباشرة ، وهو يبرر لنظام الأسد قتل النساء والأطفال ويطلب المزيد ، ثم يقف أنصار هذا المعسكر بين الوطن و الاستقرار يؤججون المشكلات ويفتعلون الأزمات ويستدعون أسباب الانهيار .

برأيكم من أحق بالذكرى العطرة ومن تستوجب روحه اللعن ؟!

___________

* كاتب وباحث مصري