حازم سعيد
1 / 12 / 2012
مليونية هادرة وصلت فى حدها الأدني - وعلى أقل التقديرات - إلى ستة مليون إنسان فى محيط جامعة القاهرة ، ولقد حاولت أن أنتقل من باب الجامعة إلى الدوران لأصل للميدان فلم أستطع خلال ساعة كاملة ، وهي المسافة التي تقطع على الأقدام فى دقيقتين فقط لا غير .
خمسة كيلومترات حول محيط ميدان النهضة من كل الاتجاهات مقفولة تماماً ، ولا تستطيع فيها السير نتيجة الزحف الشعبي الهادر المؤيد للرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي ولقراراته ، والمناصر لشريعة رب العالمين والمنادي بتطبيقها وأن تعلو ولا يعلى عليها .
الوكسة العلمانية .. وقلة أدب الفضائيات
هذه المليونية كبتت العلمانيين وملأت نفوسهم حسرات ، وحولتهم لببغاوات يتصايحون ، بل يعوون كذباً وافتراءاً وحسرة وحزناً وكمداً .
لقد تصور العلمانيون أنهم تمكنوا بمؤامراتهم ، وصدقوا عواء أنفسهم الذي استمرؤوه على مدار شهور ، ومن قبل انتخابات الرئاسة ، وأدمنوا هجوماً على الرئيس مرسي غرهم وظنوا به أنهم تمكنوا من الشعب وأضعفوا هيبة الرئيس فى النفوس .
لتفجأهم الصدمة المهولة بأن الرئيس مرسي يملك من الشعبية الهادرة بفضل الله وقوته ما يجعله الزعيم الأكبر فى منطقة الشرق الأوسط .
هذا النجاح الهادر للمليونية بهت العلمانيين وكبتهم ، وجعل مذيعي الفضائيات ، بل بعض مذيعي التليفزيون الرسمي المصري يبدون كالدجاجة المذبوحة .
الحاجة لميس تقول لأيمن نور بعد نوبة " كحة " انتابته أثناء برنامجها : انت تعبان النهارده كلنا تعبانين ...
وصلت الوكسة لذروتها منذ أسبوع تقريباً - وهي على الرغم من كونها منذ أسبوع قبل المليونية ، إلا أنها هنا تصلح نموذجاً أبرزاً للخلق العلماني القميئ - أقول وصلت الوكسة لذروتها حين تقاطعت مع قلة الأدب لأستاذة جامعية يدمن محمود سعد على استضافتها لتحلل نفسيات الناس - وهما اللذان كذبا من قبل على التأسيسية بادعائهما سن مادة فى الدستور تبيح زواج البنت فى التاسعة من عمرها - ، فإذا بها تقول على الرئيس أنه مريض نفسياً وأنه ينبغى أن يتنحى .
ونلحظ هنا ملاحظتين : الأولى : قلة الأدب التي تنتاب النخبة العلمانية وتتخبطهم كالممسوس من الجن ، وهي عادتهم من الكبر والغرور الذي أدمنوه ، والذي يبدون وهم متلبسين به كالدمية بين يدي الصبيان .
والثانية : أنه لا ينبغى للرئيس ، ولا لمؤيديه أن يسكتوا على هذه الحالة الممجوجة من الفوضى الأخلاقية فى التعامل مع الرئيس ، نعم لا نطلب أن نؤلهه ولا أن نقدسه ولا أن ننافقه ، وإنما إن أحسن نقول له أحسنت ، وإن أساء نقومه بأداب التقويم ، ولكن لا ينبغى ولا يصح ولا يجوز أن نتعامل معه بهذا الاستخفاف ، ولا يجوز له أن يسكت على ذلك ، وعليه - هو أو مؤيديه - أن يتخذوا إجراءاً قانونياً صادماً عنيفاً مع أمثال هؤلاء .
العلمانيون كذبوا كذبة وصدقوها ..
لقد أراد العلمانيون خلال الأسبوعين الماضيين أن ينظموا مجموعة من المليونيات والوقفات الحاشدة لمعارضة الرئيس وللهجوم على مقار الإخوان ، لإدخال البلد فى حالة من الفوضى المدبرة ، وهو التآمر الذي فضح بوسائل وأساليب شتى ، وقطع الرئيس عليهم الطريق بإعلانه الدستوري الموفق ولله الحمد والمنة .
واستعان العلمانيون بمجموعة البلطجية الذين ربتهم الداخلية وصنعتهم على عينها فى عهد المخلوع ، واستعانت معهم بمجموعة من تلاميذ المدارس المتسربين ، وشحنوا هؤلاء جميعاً بالتحرير بمقابل مادي ليخيلوا للناس أنهم ملايين حاشدة .
وما أشبه الليلة بالبارحة ، فلقد ذكروني بموقف نبي الله موسى عليه السلام ، حين ألقى السحرة ما بأيديهم ، " فخيل إليه من سحرهم أنها تسعي ، قلنا يا موسى لا تخف إنك أنت الأعلى ، وألق ما فى يمينك تلقف ما صنعوا ، إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى " .
وإذا بمليونية الإسلاميين " قندهار الثانية " تلقف ما صنعوا ، إنما صنعوا كيد ساحر ، وتأمر بليل وكذب وشحن للبلطجية والأطفال .
كذب العلمانيون كذبة كبيرة وصدقوها ، حتى إذا ما جاءت مليونية الإسلاميين كبتتهم وفجرت الحنق فى نفوسهم ، لتبدأ حفلات السعار الذي شاهدناه ليلة أمس .
وما أحسن ما لفت به نظري بعض أصدقائي حين سألني : أين ذهب البلطجية والحرامية خلال المدة الماضية ، ولماذا اختفت السرقات وأعمال البلطجة ؟ لقد شغل البلطجية والحرامية بالسبوبة الجديدة وهي الاعتصام بالتحرير ، والانشغال بالهجوم على مقار الإخوان ، والمقابل الذي يدفعه مليارديرات العهد البائد الذين يتخذون من التحرير تكأة لمحاولة استعادة الأوضاع من جديد .
وصدق الله العظيم : " فسينفقونها ، ثم تكون عليهم حسرة ، ثم يغلبون " ... الله الله الله .
ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم 
دروس وفوائد كثيرة بعد كبت العلمانيين وحسرتهم ، على رأسها وجوب التحذير من الإعجاب بالكثرة العددية ، فما كانت الكثرة العددية فى ميزان الأمة الإسلامية بمقياس ولا معيار .
ولقد نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة فى حديث تداعي الأكلة على القصعة أننا كثير ، ولكنها كثرة كغثاء السيل .
وما انتصر المسلمون يوماً بسبب كثرتهم ، وإنما الانتصار دائماً يكون بسبب الاستمساك بحبل الله المتين ونوره القويم وكتابه المبين .
وكم من مرة كنا فيها أقلة فكثرنا الله ، وكم من مرة كنا أذلة فأعزنا الله ، وما من مرة وكلنا إلى أنفسنا إلا وخذلنا .
وما درس رماة أحدٍ منا ببعيد ، وما درس حنين منا بأبعد .
وإن من أبغض ما يبغضه الله فى عبده المؤمن أن يكل الأمر إلى نفسه ، أو حتى إلى غير الله ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق دائماً وأبداً - : " يصبح الرجل كافراً فى كلب " ويحكي صلى الله عليه وسلم قصة القوم الذين هاجم الذئب غنمهم فنبح عليه الكلب فخاف الذئب ، ويقول الرجل : " لولا الكلب لأكل الذئب الغنم " فوكل الأمر إلى الكلب ولم يكله إلى رب العالمين الذي بيده كل شئ ، وجعلها الرسول صلى الله عليه وسلم شركاً .
وإن من أحب ما يحبه الله من عبده المؤمن أن يكل الأمر لرب العالمين وأن يظهر العبد ضعفه وذله وافتقاره إلى الله ، وانظر إلى موقف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعد الطائف ، وهو يشكو ضعف قوته وهوانه على الناس ، فيجيبه الله - وفوراً - بملك من عنده يطلبه أن يأمر لينفذ .
وانظر لما جعله الرسول صلى الله عليه وسلم كنزاً من كنوز الجنة وهو أن يقول العبد المؤمن بلسانه ما يعتقده قلبه : " لا حول ولا قوة إلا بالله " .
فعلينا ألا نغتر بهذه الكثرة العددية التي رأيناها اليوم ، وإنما هي محض فضل من الله سبحانه تفضل به على عبده مرسى ، وعلى عباده المخلصين من الإسلاميين الذين وكلوا أمرهم إلى الله ، واجتمعت عليهم قوى الفلول والشر من كل حدبٍ وصوبٍ ، فإذا برب العالمين يرسل لهم مسحة من التخفيف وتسرية ، وعلامات وبشارات نصر ، ويسئلونك متى هو ؟ قل عسى أن يكون قريباً ، ولكن بشرط أن نكل الأمر كل الأمر والحول والقوة لله رب العالمين . فلا حول لنا ولا قوة إلا بك يا ربنا يا كريم يا عظيم .
واجعل لى وزيراً من أهلي ..
من أهم الدروس المستفادة من مليونية اليوم أنها أظهرت فائدة التعاون والتعاضد الذي تم بين فصائل العمل الإسلامي المباركين من إخوان وسلفيين وجماعة إسلامية وجهاد وغيرهم .
ولقد أظهر نجاح المليونية والحشد الذي تم فيها ، إخلاص الفصائل الأخرى من غير الإخوان فى الحشد للرئيس الإخواني ، حين وثقوا فيه وفي فصيله وأنهم يرغبون حقاً فى إعلاء راية الله ونصرة الشريعة .
فحشد الجميع واحتشدوا من أجل دعم هذا الرئيس وشرعيته ، وقبل ذلك شريعة رب العالمين التي سجن واعتقل هذا الرئيس هو ومرشده وفصيله كله من أجل إعلائها ، وأن الإسلام هو الحل ، بل وقتل عظماء دعوته وفصيله من قبل ، كصاحب إصبع السبابة التي رفضت أن تكتب ما يضاد الشريعة تأييداً لحاكمٍ ظالم ، وأعدم صاحب هذا الإصبع التي سطرت ظلال القرآن ومعالم الطريق بسبب رفضه مضادة الشريعة ، رحمه الله وأنزله منازل الشهداء ، وجعله سيداً فى الآخرة كما كان سيداً فى الدنيا .
أقول : إن الاحتشاد الذي تم من أجل الشريعة ، ثم من أجل تأكيد شرعية الرئيس مرسي ودعمه وثقت وأكدت ضرورة التعاضد والتعاون والاتفاق بين فصائل العمل الإسلامي كله ، وأن هذه الأخوة والوحدة المنهجية توجب الاعتصام والتمسك بحبل الله المتين والتعاون على البر والتقوى ، والتآلف وعدم التدابر ، فهل يتعظ بنو قومي ولا يتفرقون مرة أخرى ؟ أتمناها من كل أعماقي .
كبسولات :
1. الأداء العلماني الباهت الذي شابه الغرور والكبر والاستعلاء والصلف ، والرغبة فى التفرد والتفرق ، وفى المقابل الأداء الإسلامي الذي جنح إلى التسامح والتغافر والحلم والأناة والتوافق ، كلا الأمران يؤكدان لفصائل العمل الإسلامي مجتمعة فشل فكرة التوافق بين الإسلاميين والعلمانيين ، وأتمنى من كل أعماقي ألا يفكر فيها أي من فصائل العمل الإسلامي أبداً ، حتى من يطلق عليهم الثوريون وشركاء الثورة ، أثبتوا مع جميع المنعطفات أنهم أصحاب أجندات ومنظومات خاصة ، وأنهم ضيقوا الأفق ، ولا يقبلون بالشراكة ، ولا يقبلون إلا ما تمليه عليهم أجنداتهم ، فحي على الوحدة الإسلامية ، وبئس التوافق الإسلامي العلماني .
2. كنا قبل المخلوع نحتشد فى مليونات بالتحرير حتى حررنا الله من المخلوع ، أما وقد حان وقت البناء والنهضة فلقد احتشدنا فى ميدان النهضة ، ولعله من توفيق الله وتدبيره بغير قصد منا ولا إرادة ، فلا قداسة عندنا للأماكن ، ولا رمزية إلا للمناهج والأفكار .
3. أقترح أن يتحول معنى كلمة " النخبة " فى القاموس إلى مصطلح يدل على أقلية متغطرسة متكبرة مغرورة ، وليصبح هذا المصطلح دالاً على شتيمة ونقيصة ، وأتمنى من أي قارئ على علاقة بمجمع اللغة أن يقترح عليهم هذا الكلام ، حيث هذا هو المترسب فى أعماق كل مصري الآن إزاء من يطلق عليهم النخبة ، وليتحول المعني إلى حقيقة لفظية بدلاً من أن يظل متبطناً فى الأعماق .
------------
قلة أدب محمود سعد ومنال عمر :
http://www.youtube.com/watch?v=3L03g8jL9FY&feature=player_embedded#!
رصد رائع للمشهد بعد المليونية :
http://www.egyptwindow.net/news_Details.aspx?Kind=7&News_ID=24694  
 


 
						
											 
 
					     
 
					     
									 
									 
									