د. عادل فهمي
الإخوان مهما حاولوا المواءمة، والموازنة في قيادة الدولة فلن يرضى الخصوم إلا باحتلال مواقعهم من أصغر ساعي إلى منصب الرئيس ..فهل تجدي الترضيات ..وكم كادر إخواني تم إقصاؤه لإرضاء المعارضة؟ وكم فقدت مصر بهذا الإقصاء غير المبرر؟
الخلل يكمن في مجاملة السلطة لخصومها.. وللأسف هذا أمر طبيعي حيث يقود الثورات في البداية الطيبون ثم يعقبهم المتشددون..!! بمعنى لو كان الليبراليون في السلطة لما سمحوا لأحد من الإخوان بشربة ماء من نيل مصر الكبير..!!
ما أخشاه الآن ..أن تُظلم كوادر الإخوان ذات الكفاءة ويتعمد القائمون على الأمر ترضية خصومصهم حتى يتجنبوا إزعاجهم..وتلك معضلة ..فقد ظلمت كوادر الإخوان في عهود سابقة فهل يظلمون في حكم الإخوان ؟؟
مؤشرات الظلم للإخوان كثيرة منها:
1- هم في الفريق الرئاسي أقلية ومع ذلك فكل اللوم يقع عليهم.
2- هم في المحافظين قلة قليلة..ومع ذلك متهمون بالاستحواز والأخونة لمفاصل الدولة..
3- هم في المجلس الأعلى للصحافة 10 % أو أقل وهم متهمون بالسيطرة..
4- هم في مجلس حقوق الإنسان أقلية ومع ذلك فهم متهمون بالهيمنة..!!
5- هم في التأسيسية لا يزيدون عن 15 % ومع ذلك الحرب قائمة لهدم التأسيسية بدعاوى الهيمنة على كتابة الدستور..!!
6- في الوزارة أربع أو خمس وزراء خائفون من تعييين ساعي أو مستشار..ومع ذلك فالوزارة محسوبة كلها على الإخوان.
7- الجيش والشرطة والمخابرات و... خط أحمر على الإخوان ..ولا يجب أن يفكروا في مجرد التحاق شبابهم كحق طبيعي بهذه الجهات.. ومع ذلك فهم متهمون باختراق هذه الأجهزة..!!
8- رئاسة الوزراء كان يفترض أن يتولاها أفضل من في الساحة ..وبسبب مواءمات هشة فقدت مصر كادرا كبيرا كان يمكن أن يحل محل رئيس الوزراء الحالي ويقدم لمصر مسيرة أشبه بل أفضل من مسيرة أردوغان ..هو المهندس خيرت الشاطر...
ولمن لم يعرف قدر هذا الرجل -وهم كثيرون- أود التوقف هنا فقط لأبرز للقارئ حجم الخسارة التي وقعت على مصر جراء ظلم كوادر الإخوان .. في حكم يقوده الإخوان:
لقد نالت هذه الشخصية ما لم ينله أحد منذ خروجه من السجن .. محاولات تجريحه وإهانته وصلت حدا لو تعرض له أي من السياسيين في مصر لنهار تماما.. هو لا يتقلد أي منصب رسمي، ولا يدير أي مصلحة عامة، لكن النقد الموجه له والاتهامات المنصبة عليه تكاد تتجاوز في كمها وكيفها كل ما يقدم لبقية الشخصيات العامة في مصر..إنه المهندس خيرت الشاطر..!!
وسأضع بين يدي القارئ مجموعة من الصفات لمستها بنفسي في شخص الشاطر وأترك لك عزيزي القارئ لتقرر انت هل يستحق أبناء مصر النجباء كل هذا الإيذاء والتشويه والانتقاص ؟ أم علينا أن نراجع أنفسنا قبل أن نرمي كل شخص صالح بحجر..؟!! وكم خسرت مصر بإقصاء مثل هؤلاء ؟!
1- حامل قيم الطبقة الوسطى:
المهندس خير الشاطر من عامة المصريين الذي نشأوا عصاميين لا تسندهم ثروة الإقطاع ولا الانتماء لأسر الباشوات، ولا وظيفة عسكرية، ومع ذلك أصبح شخصية ناجحة ومؤثرة ومنتجة ومنتمية لدينها ولوطنها و هي شخصيته دؤوبة ومهابة ومحاطة بتقدير عال للذات مهما اختلفت معه أو اتفقت فلا تملك إلا ن تحترم فكره وتقدر أخلاقه.
2- العقلية المنظمة:
عقلية المهندس الشاطر من النوع المركب، ليست عقلية بسيطة أحادية التفكير ولا ضيقة النظر ولكنها عقلية أقرب للتجريبية منها إلى الخطابية، فهي عقلية شديدة التحديد والوضوح، ومع ذلك ليست حدية أبيض/ أسود بل تستطيع التناغم مع مختلف المتغيرات ضمن الرؤية الشاملة للميدان الذي يعمل فيه؛ وربما تأكد هذا من تصريحات كل الشخصيات التي تلتقيه او تتناقش معه.
3- الثقافة الشاملة:
الشاطر وتعليمه ومسيرته التعليمية تشهد له بأفق أوسع ومنظومة قيم أصيلة، وقراءات متراكمة أدت إلى وضوح في الرؤية وهذا يتضح في كلماته القليلة المعبرة بدقة عما يريد من معاني وأفكار وموضوعات، فثقافته العامة والشرعية تتضافر لتجعل منه شخصية مختلفة عن المنتمين للتيار الإسلامي فلا هي ثقافة تقف عند التاريخ والماضي، ولا هي ثقافة عصرية فارغة من المضمون التراثي العريق، فقد أفاده الاطلاع الواسع على ثقافة عصره أن يواكب التطورات دون التخلي عن أصالة في الفكر فهو ليس مقلدا لغيره فكره أصيل وليس مستوردا..!!
4- الشخصية الصلبة:
الشخصية القوية لها سمات تتعلق بقدرتها على العمل تحت الضغوط العالية، ولديها القدرة على التفكير الحر مهما تعرضت للأزمات، وقد تعرض المهندس خيرت لشتى أنواع الملاحقة والسجن لمدة ربع عمره تقريبا، وتعرض لمصادرة أمواله ، وترك أسرته من أخوة وأخوات وزوجة وبنات يديرون حياتهم في مراحل عمرية خطرة ومع ذلك سيّر حياته وحياتهم دون خلل أو تأثر بما يعنى أنه من القوة النفسية والاجتماعية بحيث لم تستطع حكومة كاملة فاسدة ان تدمر أسرته ولا أن تقطع صلته بمحيطه الحيوي والاجتماعي، ولما خرج بعد الثورة لم يتأخر فقد دخل إلى ميدان العمل التنظيمي والسياسي وكأنه عائد من رحلة استجمام في مصايف إسانيا ما شاء الله..!!
5- الإيمان الذي لا يتزعزع:
كثيرون لم يتحملوا التعذيب ولا السجن فلم يكملوا الطريق.. أما المهندس الشاطر فقد تطورت شخصيته ونضجت عبر مراحل النضال ولم تنقلب ولم تتشكك فيما هي عليه من عقيدة ، من يجلس معه يتبين بجلاء سر قوته الداخلية ثقته وإيمانه القوي بالله وبرسالته في الحياة، وربما كان هذا سنده الأساس في مواجهة ما يتعرض له من ظلم وتشويه ..!!
6- الشاطر محل الثقة المؤيد والمخالف:
إن الثقة التي يوليها أعضاء الجماعة للمهندس خيرت ليست منحة ولا مجاملة فقد نذر حياته للجماعة وللوطن، فحظي بثقة العقلاء حتى من المعارضين له، ذلك أنه كسب احترام المؤيد والمخالف لأنه دائما يحترم الخصم ولا يقلل من قدراته ، و يركز على الأهداف والمبادئ والمصالح العامة والخاصة، ولا تؤثر الجوانب الشخصية و لا العواطف على قراراته، وهذا ما يحقق له الإنجاز والتقدم نحو الهدف، ولذلك فهو لا يكترث كثيرا بشتم او سب أو تجريح ..بقدر ما ينظر للنقد وما فيه من صحة وإيجابيات..!!
أرأيت عزيزي القارئ من ظلم من ؟
إن الخوف من أراجيف المعارضة .. عطل مسيرة العمل وتعيين الكفاءات لا لشئ إلا لأنهم من الإخوان ..هل يحق لنا أن نقول للرئيس ..لقد أوذينا في عهد مبارك وها نحن نقى في عهدكم يا سيادة الرئيس.. هل يفترض أن نظلم المؤيدين وننصف الخصوم لكي نشتهر بالعدل ..!!
إن قوة الإخوان كانت وستظل لمصلحة مصر..فلماذا نميز ضدهم ونقصيهم وهم في الحقيقة قوة لمصر ومستقبلها..!!
حفظ الله مصر...
_____________
أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة

