كشفت شهادات موثقة تلقتها الشبكة المصرية لحقوق الإنسان عن تصاعد مقلق للانتهاكات الجسيمة بحق المعتقلات السياسيات داخل سجن النساء بمركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان، وتحديدًا داخل زنزانتي تأهيل (4)، في سياق ما وصفته منظمات حقوقية بأنه سياسات عقابية جماعية ممنهجة تُمارس خارج إطار القانون، وبالمخالفة الصريحة للدستور وقانون تنظيم السجون، والمعايير الدولية ذات الصلة بحقوق السجينات.
عقاب جماعي بلا سند قانوني
بحسب الشهادات، فإن إدارة السجن شرعت منذ أكثر من شهر في فرض حزمة من الإجراءات القمعية المتصاعدة، دون إبداء أي مبررات قانونية أو أمنية، ودون رصد أي مخالفات من جانب المحتجزات تبرر هذا التصعيد. وتؤكد المصادر أن المعتقلات التزمن بكافة التعليمات واللوائح الداخلية، ما يطرح تساؤلات جدية حول دوافع هذه الإجراءات وتوقيتها.
إلغاء الشمس وتقليص التريض
أولى هذه الإجراءات تمثلت في الإلغاء الكامل للتعرض لأشعة الشمس، وهو حق أساسي كفلته اللوائح المنظمة للسجون، ويُعد من الحد الأدنى لمعايير معاملة السجناء، لما له من تأثير مباشر على الصحة الجسدية والنفسية. كما جرى تقليص مدة التريض اليومية من ساعة ونصف إلى ساعة واحدة فقط، في خطوة من شأنها زيادة معدلات الاكتئاب، والإجهاد البدني، وتدهور الحالة الصحية للمحتجزات.
خنق الزنازين.. هواء مقطوع واحتجاز غير إنساني
الانتهاك الأشد خطورة، وفق الشهادات، تمثل في إغلاق فتحات التهوية داخل الزنازين بشكل كامل، ما أدى إلى انعدام الهواء النقي، وخلق بيئة احتجاز خانقة، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة. وتؤكد منظمات حقوقية أن هذه الممارسة ترقى إلى المعاملة القاسية والمهينة، وقد تصل في آثارها إلى مستوى التعذيب النفسي، المحظور دستوريًا وقانونيًا.
قيود على الزيارات والمتعلقات الأساسية
إلى جانب ذلك، فرضت إدارة السجن قيودًا تعسفية على الزيارات، ورفضت إدخال بعض المتعلقات الأساسية للمعتقلات دون قرارات مكتوبة أو أسباب قانونية واضحة، ما فاقم من معاناة المحتجزات وعائلاتهن، وقطع أحد أهم خطوط الدعم النفسي والاجتماعي لهن.
مخاوف من انفجار الأوضاع داخل السجن
تحذر الشبكة المصرية لحقوق الإنسان من أن استمرار هذه السياسات العقابية، رغم التزام المعتقلات بالقواعد، ينذر بتصاعد حالة الغضب والاحتقان داخل السجن، ويضع حياة وسلامة المحتجزات أمام مخاطر حقيقية، سواء من تدهور صحي مفاجئ أو آثار نفسية طويلة المدى.
مطالب عاجلة ومساءلة قانونية
وفي ضوء ما سبق، جددت الشبكة المصرية مطالبها بـ:
- الوقف الفوري لكافة إجراءات التصعيد والانتهاكات داخل تأهيل (4) بمركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان.
- إنهاء سياسات العقاب الجماعي، وتمكين المعتقلات من حقوقهن القانونية كاملة، وعلى رأسها التريض، والتعرض للشمس، والتهوية الجيدة، والزيارات المنتظمة دون تعسف.
- تحرك عاجل من النائب العام لفتح تحقيق جدي ومستقل في هذه الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها.
- تفعيل الدور الرقابي لنائبة النائب العام المختصة بالتفتيش على سجون النساء، عبر تنظيم زيارة فورية ومفاجئة للوقوف على أوضاع الاحتجاز وضمان توافقها مع القانون والمعايير الحقوقية.
مسؤولية قانونية كاملة على السلطات
وتشدد الشبكة المصرية على أن استمرار هذه الانتهاكات الجسيمة يحمّل السلطات المصرية المسؤولية القانونية الكاملة عن أي تدهور صحي أو أذى نفسي قد يلحق بالمعتقلات، مؤكدة أن الصمت أو التراخي في مواجهة هذه الممارسات لا يهدد فقط سلامة المحتجزات، بل يضرب في جوهر سيادة القانون ويقوّض أي ادعاءات رسمية بتحسين أوضاع السجون.

