قالت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، إنها تلقت شهادة خطيرة من أحد المحتجزين المفرج عنهم حديثًا من داخل حجز قسم شرطة التبين، جنوب القاهرة، تكشف عن نمط واسع وممنهج من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بحق مئات المحتجزين على ذمة قضايا جنائية.

 

وأفاد الشاهد أن أوضاع الاحتجاز داخل القسم ترقى إلى المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، حيث يعاني المحتجزون من تكدس شديد، وانعدام شبه كامل للتهوية، وانتشار الأمراض، فضلًا عن تفشي ظاهرة الاتجار بالمخدرات داخل الحجز بعلم وتواطؤ بعض أفراد الأمن مقابل الحصول على حصص مالية من الأرباح.

 

بيع المخدرات داخل قسم التبين 

 

وأوضح أن المخدرات تُباع علنًا داخل الغرف الخمس المخصصة للرجال، في ظل غياب كامل للرقابة والمحاسبة، وهو أمر “معروف للجميع” داخل الحجز

 

وأشار المحتجز السابق إلى أن عدد الغرف داخل القسم 6، منهم 5 رجال وواحدة للحدث والنساء، لافتا إلى المعاملة غير الآدمية للمحتجزين، وسط انتشار الأمراض الجلدية بكثافة، علاوة على انتشار الأمراض الصدرية، وعدم دخول العلاج، في ظل عدم التهوية.

 

وذكر أن الغرفة تبلغ مساحتها تلاتة في أربعة متر، ويتم احتجاز أكثر من 60 شخصًا بداخلها، وهناك غرف أصغر حيث يتخطى عدد المحتجزين فيها الأربعين، بينما يصل عدد النزلاء إلى أكثر من 120 داخل غرفة مساحتها 5 في 6. 

 

معاملات إنسانية بشعة

 

ووصف المحتجز السابق المعاملة داخل قسم التبين بأنها "من أبشع المعاملات الإنسانية، والنبطشي في الحجز لو بيدفع للأمناء يبقى حر في التعذيب والتنكيل بكل المساجين".

 

وقال: "اللي معاه فلوس بس، أو اللي يقدر يدفع، هو اللي بينام، وناس بتفضل بالأيام واقفة على رجليها، بمباركة الأمناء اللي ما بيهمهمش غير الفلوس اللي بيجمعوها من اللي ماسكين الحجوزات".

 

وأضاف أنه "خلال الشهور اللي فاتت في أكتر من عشر حالات وفاة بأمراض صدرية وعدم وجود تهوية"، ومن بينهم: أحمد السني– قضية سرقة، عمرو– قضية سرقة، حسين– قضية وصل أمانة، وهناك حالات في غرف أخرى، "وفيه أشخاص مرضى نفسيين فعلًا محتاجين حجز في مستشفى، مش في قسم شرطة".

 

علاوة ذلك، شكا المحتجز السابق من أنه يتم "معاملة أهالينا معاملة سيئة جدًا، ياريت تروحوا يوم الجمعة من بره القسم وتشوفوا من بعيد إزاي الأمناء والضباط بيتعاملوا مع الأهالي بالألفاظ والتهديد".

 

وأكدت الشبكة المصرية أن هذه الشهادة تتطابق مع إفادات متعددة حصلت عليها من أهالي محتجزين بالقسم، حيث أشاروا إلى سوء الأوضاع الصحية والإنسانية داخل الحجز، فضلًا عن المعاملة المهينة التي يتعرض لها الأهالي أثناء الزيارات، لا سيما أيام الجمعة.

 

وأشار إلى أن الإهانات والسباب بأقذر الألفاظ أصبحت ممارسة معتادة، وأن الاعتراض قد يقابل بالتهديد المباشر لهم أو لأبنائهم المحتجزين، و"اللي يقدر يدفع للأمناء بيعرف يدخل زيارته، والغلبان – وهو الأغلبية – بيتعاملوا معاه بأسوأ معاملة ممكنة".

 

مطالب وتحركات قانونية

 

وقالت الشبكة المصرية إنها قامت، وستواصل، بتقديم هذه الشهادات وغيرها من التقارير الموثقة إلى المستشار محمد شوقي النائب العام، نيابة التبين المختصة بالإشراف على حجز القسم، وزير الداخلية، إدارة التفتيش بوزارة الداخلية.

 

وطالبت وزارة الداخلية، وقبل إصدار أي بيانات نفي أو تكذيب، بالقيام بزيارة مفاجئة وفورية إلى حجز قسم شرطة التبين، والوقوف بشكل مباشر على أوضاع الاحتجاز داخله، وسماع شكاوى المحتجزين دون حضور أو تدخل من أفراد القسم.

 

وشددت الشبكة المصرية على أن السلطات الأمنية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، إلى جانب النيابة العامة، تتحمل المسؤولية القانونية الكاملة عن أمن وسلامة وحياة جميع المحتجزين داخل السجون وأقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز، وفقًا للدستور المصري، والقوانين الوطنية، والالتزامات الدولية لمصر في مجال حقوق الإنسان.

 

وحذرت من أن استمرار هذه الأوضاع دون تدخل عاجل وجاد قد يؤدي إلى مزيد من الوفيات والانتهاكات الجسيمة التي لا تسقط بالتقادم.