ثماني سنوات كاملة مرّت على اختفاء المواطن رضا محمد أحمد محمد عيسوي، المعروف بين أهالي قريته باسم عاطف عيسوي، دون أن يترك خلفه أي أثر يشير إلى مصيره أو مكان وجوده.
عيسوي، البالغ من العمر 48 عامًا، ويعمل موظفًا بوزارة الأوقاف، اختفى بشكل مفاجئ بعد اعتقاله من قبل قوة أمنية بمحافظة الشرقية في 27 ديسمبر 2017 أثناء سيره بدراجته النارية في أحد شوارع قرية المشاعلة التابعة لمركز أبو كبير.
ومنذ تلك الليلة، تحوّل كل شيء إلى صمت مطبق.
لحظة الاعتقال.. بداية الغموض
بحسب ما وثقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فقد تم توقيف عيسوي بعد مغرب ذلك اليوم، قبل أن يُقتاد إلى جهة غير معلومة، وتنقطع كل وسائل التواصل معه فورًا.
أُغلق هاتفه المحمول مباشرة بعد الاعتقال، ولم يُعرض على أي جهة تحقيق، كما لم يصدر بحقّه أي قرار قضائي حتى اليوم، ما جعل القضية واحدة من أطول حالات الاختفاء القسري في محافظة الشرقية.
احتجاجات الأهالي ووعود لم تتحقق
بعد أيام قليلة من غيابه، خرج أهالي قرية المشاعلة في وقفة احتجاجية أمام مديرية أمن الشرقية للمطالبة بالكشف عن مكان احتجازه.
ووجّه عدد من ضباط الداخلية وعودًا شفهية للأسرة بأن الإفراج عنه سيتم قريبًا أو على الأقل سيتم الإفصاح عن مكان تواجده.
إلا أن تلك الوعود تبخرت سريعاً، لتواجه الأسرة بعدها سنوات من الإنكار الرسمي، إذ ظلت الوزارة تنفي أي علم لها باعتقاله أو احتجازه.
شهادة وحيدة.. بصيص ضوء لا يكشف الطريق
في بداية يناير 2018، نقل معتقل سابق أُفرج عنه حديثًا معلومة وحيدة إلى أسرة رضا، قال فيها إنه شاهده داخل مقر الأمن الوطني في محافظة الشرقية بمدينة الزقازيق، وتحدث إليه خلال وجوده هناك.
كانت تلك الشهادة هي الخيط الوحيد الذي حصلت عليه الأسرة خلال السنوات الطويلة الماضية. لكن رغم أهميتها، لم تُتبع بأي خطوة رسمية تؤكد صحتها أو تنفيها.
مقار احتجاز غير رسمية.. وشهادات صادمة
تشير تقارير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان إلى أن معسكر قوات الأمن بالزقازيق التابع للأمن الوطني يُستخدم كموقع غير رسمي لاحتجاز مئات المواطنين من أبناء المحافظة.
وتعد الشرقية، وفق منظمات حقوقية، من أكثر المحافظات التي تشهد حالات اعتقال واختفاء قسري خلال السنوات الأخيرة، ما يعزز الشكوك حول احتمالية استمرار احتجاز عيسوي في أحد هذه الأماكن غير المعلنة.
معركة الأسرة مع الصمت.. بلاغات لا تجد من يقرأها
لم تدخر الأسرة جهدًا خلال السنوات الثماني الماضية، فقد تقدمت بعشرات البلاغات والتلغرافات والشكاوى إلى جهات رسمية عديدة، من بينها وزارة الداخلية، المجلس القومي لحقوق الإنسان، مكتب المحامي العام لنيابات شمال الشرقية، ومكتب النائب العام.
ومع ذلك، لم تتلق أي ردّ فعلي ملموس، ليبقى مصير ربّ الأسرة مجهولًا حتى الآن.
ثماني سنوات من الألم.. أب ينتظره خمسة أطفال
وراء هذا الغياب المريب تقف أسرة منهكة، زوجة سجينة للانتظار، وخمسة أطفال كبروا دون أن يعرفوا مصير والدهم أو يسمعوا صوته. لم تصلهم رسالة، لم يسبق لهم أن زاروه، ولم يُمكَّنوا حتى من الاطمئنان عليه.
ومع امتداد سنوات الاختفاء، يتصاعد قلق الأسرة على سلامته وصحته، لا سيما أن كل المعلومات عنه انقطعت تمامًا منذ بداية عام 2018.

