مع اقتراب انتخابات مجلس نواب السيسي 2025، تتجدد الأسئلة حول طبيعة العملية الانتخابية وحدود التنافس الحقيقي فيها، وسط مؤشرات على استمرار نمط “الهندسة المسبقة” التي تُحكم نتائجها ضمن سقف محدد سلفًا. هذا ما يؤكده الكاتب والناشط السياسي هشام قاسم في حواره مع الإعلامي محمد ناصر، الذي يرى أن الانتخابات تُدار من أعلى عبر تصميم بنيوي متكامل، يتجاوز يوم التصويت إلى المراحل السابقة عليه، بدءًا من إعداد القوائم وحتى ضبط المجال العام.


 

 

قواعد اللعبة المرسومة مسبقًا
يشرح قاسم أن “الهندسة” لا تعني التلاعب المباشر أثناء الاقتراع، بل تبدأ قبل ذلك بكثير، عبر قواعد قانونية وسياسية مصمَّمة بعناية لضمان مخرجات متوقعة. فالقوائم المغلقة تُحسم غالبًا بتوافق سلطوي، ونسب التعيين تُستخدم لتأمين الكتلة الصلبة داخل البرلمان، فيما يُسمح بمرور عدد محدود من المعارضين “المُدارين” لتجميل المشهد وإضفاء طابع شكلي للتعددية.
ويعتبر قاسم أن ما كان يُمارس في تسعينيات القرن الماضي بأساليب ظرفية، بات اليوم أكثر إحكامًا وهيكلية، مع منظومة كاملة من القوانين والإجراءات التي تسبق يوم الاقتراع.
 

جدول منظم... ولكن
أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات جدولًا زمنيًا مفصلًا، يبدأ بفتح باب الترشح من 8 إلى 15 أكتوبر، ويشمل التصويت في الخارج يومي 7 و8 نوفمبر، وفي الداخل على مرحلتين يومي 10 و11 ثم 24 و25 من الشهر ذاته، مع جولات إعادة في ديسمبر.
ورغم ما يعكسه ذلك من انتظام إداري وشفافية إجرائية، إلا أن مراقبين يرون أن هذه الشفافية الشكلية لا تجيب عن سؤال العدالة التنافسية، إذا ما كانت البيئة السياسية والإعلامية والقانونية نفسها مقيدة. فعدالة توزيع الدوائر، وحرية الترشح، والوصول المتكافئ إلى الإعلام والتمويل، تبقى في قلب النقاش حول مدى نزاهة العملية.
 

النفوذ الأمني والحزبية المُدارة
يرى قاسم أن تداخل الأدوار بين الأجهزة الأمنية والحقل الحزبي أفرز ما يسميه “حزبية الدولة”، حيث تتحول القوائم والتعيينات إلى أدوات ضبط للبرلمان أكثر منها آليات تمثيل سياسي. ويشير إلى أن تمرير بعض الوجوه المعارضة يتم غالبًا بمعرفة مسبقة لتجميل الصورة، بينما تظل مفاتيح اللعبة بيد الأجهزة التنفيذية والأمنية.
في المقابل، تؤكد تصريحات رسمية أن التنسيق بين مؤسسات الدولة ضروري لضمان الانضباط والشفافية، وهو ما يفتح سؤالًا آخر حول مدى استقلالية العملية الانتخابية عن الهيئات التنفيذية التي تشرف عليها.
 

برلمان متوقَّع المخرجات
بحسب قراءة قاسم، تفرز هذه “الهندسة” برلمانًا محدود الفاعلية، يتمتع بجيوب معارضة صغيرة لا تغيّر في موازين الرقابة أو التشريع، مما ينعكس على حيوية الحياة السياسية وقدرتها على مساءلة السلطة. وتُستخدم نسب المشاركة والتغطيات الإعلامية الرسمية عادة كمؤشرات “شرعية”، في حين يرى منتقدون أن الشرعية الديمقراطية تُقاس بحرية الترشح وتكافؤ الفرص لا بعدد الصناديق المفتوحة.
 

انتخابات يعلو فيها صوت الباطل
من جهته قال المحامي طارق العوضي في عدة تغريدات له " ويسألونك عن انتخابات النواب، فقل لهم: لقد اعتزلت هذا العبث منذ زمن، حين أدركت أن المقاعد تُمنح بالولاء لا بالكفاءة، وأن الصوت الشريف يُكتم، بينما يعلو صخبُ الباطل والمال. قل لهم: إن الأمر لم يعد يليق بي، ولا أرضى أن أكون شاهدًا على مهزلةٍ تُهدر فيها الكرامة باسم الديمقراطية".
 

برلمان التصفيق
وتابع أنه لن يكون "شريكًا في مشهدٍ تُهان فيه إرادة الناس. أنا لم أُخلق لأصفّق أو أُستدعى في مشهدٍ معدّ سلفًا، فقد اخترت أن أبقى حرًّا… ولو وحيدًا".
واختتم " القائمة الوطنيه من اجل مصر مصر العشه ..ولا القصر؟".