في وقتٍ تشهد فيه الشعوب العربية والعالمية احتجاجات متزايدة ضد الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان، اختار نظام السيسي سياسة التفرقة والتلاعب بالمصريين في الخارج، مستغلًا الأزمة السياسية والاحتجاجات السلمية التي نظّمها مصريون ضد حصار غزة وإغلاق معبر رفح.
ما كُشف عنه مؤخرًا من أحداث حول السفارات المصرية بالخارج لم يكن مجرد فشل دبلوماسي، بل فضيحة تهدد وحدة أبناء الوطن، وتفضح أساليب السلطة في إدارة الأزمات، من خلال تحريض موظفين أو تأجير شباب للقيام بأعمال عنف ضد مواطنين مصريين عبّروا عن رفضهم للسياسات الحكومية.
الفضيحة الدبلوماسية: غلق السفارات وحصار المحتجّين
خطط نظام السيسي لإغلاق السفارات المصرية وفرض حصار على أي احتجاجات سلمية، ظنًا منه أن ذلك سيساهم في كتم صوت المصريين بالخارج.
لكن هذه السياسات فشلت بشكل واضح، إذ كشفت عن هشاشة الجهاز الدبلوماسي المصري وعجزه عن التعامل مع الاحتجاجات بأساليب حضارية.
المشهد الأخير في العاصمة النرويجية أوسلو، حيث اعتدى موظفو السفارة على محتجّين، كان صادمًا وأدى إلى تدخل وزارة الخارجية النرويجية وجهاز الأمن (PST)، مؤكدين أن القانون النرويجي يسري على كل من يتواجد على أراضيهم، بما في ذلك ممثلو السفارات.
التفرقة بين أبناء الوطن: سياسة "إنتو شعب وإحنا شعب"
ما زاد الأزمة تعقيدًا هو استخدام النظام لسياسة التفرقة بين المصريين في الغربة. فقد لجأت الحكومة إلى استئجار شباب مصريين للقيام بأعمال عنف ضد معارضين لسياسات النظام، خصوصًا في ما يتعلق بدعم حصار غزة وإغلاق معبر رفح.
تمثّل هذه السياسة نهجًا متعمدًا لفصل المواطنين عن بعضهم البعض، وكأن هناك "شعبين" مصريين: أحدهما موالٍ للنظام، وآخر معارض له، في محاولة يائسة لكسر الروح الوطنية الجامعة.
فشل السياسات الحكومية والفضائح المستمرة
تتوالى فضائح نظام السيسي؛ فبينما يُظهِر داخليًا صورًا مزيفة توحي بالسيطرة والاستقرار، تتكشّف في الخارج حقائق من الفوضى والإهمال.
لم تكن الإجراءات في السفارات مجرد تصرفات فردية، بل جزءًا من خطة ممنهجة لتعطيل الاحتجاجات، لكنها فشلت فشلًا ذريعًا.
وبدلاً من كتم الأصوات، أفضت هذه التصرفات إلى فضائح إعلامية على مستوى عالمي، كشفت عن ضعف النظام وخرقه للقانون الدولي.
تداعيات هذا النهج على صورة مصر في الخارج
أثرت سياسات العنف ضد المحتجين المصريين في الخارج—سواء عبر تحريض موظفين رسميين أو استئجار شباب للاعتداء على المعارضين—بشكل بالغ على سمعة مصر الدبلوماسية والثقافية.
بات المجتمع الدولي يرى في مصر دولةً تتعامل بعنف مع مواطنيها حتى خارج حدودها، ما أدرج مؤسساتها ضمن قائمة الأنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان وحرية التعبير، في مؤشر واضح على فشل الدولة في حماية صورتها ومصالحها الدولية.
وأخيرًا؛ فإن سياسة السيسي تجاه المصريين في الخارج تكشف -من حصار السفارات إلى استئجار شباب لتهديد المعارضين- عن فشل واضح في إدارة الأزمات، وفجوة أخلاقية وسياسية في قيادة الدولة.
لم تقتصر هذه السياسات على التعدي على حقوق المواطنين، بل تهدد وحدة الشعب وتزرع الانقسام بين أبنائه. الفضيحة الدبلوماسية لم تعد مجرد حوادث فردية، بل أصبحت دليلًا على نية الحكومة التلاعب بالمصريين وكسر أي روح احتجاج سلمية.
وهكذا، يتحمّل النظام مسؤولية مباشرة عن تشويه صورة مصر في الداخل والخارج، وعن المساس بوحدة شعبها وتاريخها السياسي والاجتماعي.