التراجع التاريخي في المشاركة في مسرحية انتخابات مجلس الشيوخ يوضح أن الشرعية الشعبية التي رافقت موجة 2011 لم تُستعد، بل أن الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة اختفت أو أُقصيت، ما جعل الاستحقاقات اللاحقة تبدو أقلّ تمثيلاً وإشراكاً للشعب.. نناقش في التقرير الآتي:

 

  1. نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025
  2. ما أعلنت عنه الهيئة الوطنية للانتخابات
  3. مقارنة نسب المشاركة مع أعوام 2011، 2012، و2013.
  4. أسباب العزوف عن المشاركة في انتخابات 2025

 

أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات أن نسبة المشاركة في الانتخابات الشكلية مجلس الشيوخ بلغت 17.1% فقط، وهو معدل يعتبر منخفضًا للغاية بالمقارنة مع الانتخابات السابقة في مصر.

ادعى رئيس الهيئة القاضي حازم بدوي أن الانتخابات تمت بنزاهة وشفافية، وقالت أن اصطفاف المصريين أمام لجان الاقتراع كتعريف أصيل بتاريخ الوطن وأصالته، ولكن هذه التصريحات تثير التساؤلات حول حقيقة المشاركة الشعبية وحجم التمثيل الحقيقي للمواطنين في العملية الانتخابية.

انتخابات مجلس الشيوخ، الجولة الأولى تمت من 4–12 أغسطس 2025، وإعلان النتائج 12 أغسطس 2025، حيث أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات مشاركة 17.1% من المسجلين (69.3 مليون مواطن) وأن نحو 11.6 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم، وعدّدت عدد الأصوات الصحيحة والأصوات الباطلة، واحتفت بفوز قائمة "الوطنية من أجل مصر".

إعلان الهيئة هدفه ترسيخ رواية الاستقرار والمؤسسية، لكنه عملياً يعكس تراجع الحماس الشعبي عن المشاركة السياسية المعمّمة، وهو ما يُقلّص من مصداقية المجلس الجديد داخل الشارع وفي عيون المراقبين الإقليميين والدوليين.

 

مقارنة نسب المشاركة مع انتخابات 2011، 2012، و2013

كان عام 2011 نقطة تحول كبرى في تاريخ الانتخابات المصرية، حيث شهدت انتخابات مجلس الشعب الأولى بعد الثورة نسبة مشاركة تجاوزت 54%، وكانت تتمتع بأجواء من التفاعل الشعبي السياسي بعد سنوات من القمع والتهميش.

وفي انتخابات 2012، التي جرت في ظل حكم محمد مرسي، تجاوزت نسبة المشاركة نسبة 50%، رغم حالة الانقسام السياسي الحاد في البلاد.

أما في انتخابات 2013، شهدت البلاد الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي وأطاح بالرئيس محمد مرسي، وكانت نسبة المشاركة في بعض الدوائر أقل من 30%، لكنها ما تزال ضعيفة بالمقارنة مع فترات ما قبل 2013، لكنها أعلى بكثير من نسب المشاركة المتدنية في انتخابات مجلس الشيوخ 2025.

بالمقارنة، يمثل معدل 17.1% في عام 2025 تراجعًا حادًا في المشاركة السياسية، مع فقدان واضح للحماس الشعبي تجاه العملية الانتخابية تحت حكم قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي.

 

أسباب العزوف عن المشاركة في انتخابات 2025

تتعدد الأسباب التي أسهمت في تدني نسب المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025، منها:

  1. تمثيل محدود وضيق للمواطنين: ثلث أعضاء المجلس يعينهم قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، وأغلب المقاعد الانتخابية تتم عبر قوائم مغلقة تجعل العملية أشبه باستفتاء غير ديمقراطي، مما يقلل من جاذبية المشاركة ويضعف الثقة في قانونيتها.
  2. غياب المنافسة الحقيقية: اقتصرت القوائم في كل دائرة على قائمة واحدة أو تحالف موحد، مما أنهى إمكانية وجود منافسة ديمقراطية أو حقيقية، فانتخابات بلا منافسة حقيقية تعني عزوف الناخبين.
  3. فقر الوعي بدور المجلس: مجلس الشيوخ له دور استشاري محدود، وهذا يقلل من دوافع الشباب وغيرهم من الفئات للمشاركة، لأنهم لا يرون تأثيرا حقيقيا لمجلس الشيوخ في صنع القرار.
  4. انعدام الثقة في النظام السياسي: سنوات من القمع، اعتقالات المعارضة، وانتهاكات حقوق الإنسان، مع استمرار حالة قمع الحريات السياسية أثرت على رغبة المواطنين في المشاركة.
  5. الأوضاع الاقتصادية الصعبة: ارتفاع معدلات التضخم التي وصلت إلى نحو 40% وارتفاع الفقر أثر بشكل سلبي على معنويات الناس وحماسهم.
  6. عدم كفاءة المجلس السابق: سجل مجلس الشيوخ السابق ضعيفًا فيما يتعلق بالرقابة التشريعية والتأثير في السياسات العامة، مما ساهم في نفور المواطنين من المشاركة.

 

أشار حمدي قشطة قيادي بحزب الدستور إلى أن غياب المنافسة السياسية الحقيقية ونظام القوائم المغلقة أدى إلى تراجع كبير في المشاركة، مما يجعل الانتخابات مجرد إجراء شكلي لا يعبر عن إرادة الشعب.

بينما أكد محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية أن فقدان الثقة في النظام الانتخابي سببه القوانين التي تعزز هيمنة السلطة التنفيذية على المجالس التشريعية، مما يحول الانتخابات إلى استفتاء على النظام لا فرصة ديمقراطية.

كما وجه حازم عبد العظيم الحليف السابق للسيسي انتقادات أشد، مشيرًا إلى الفشل في إدارة الأوضاع الاقتصادية والتراجع في الحريات السياسية كعوامل أساسية في عزوف الناخبين عن المشاركة.

تكشف أرقام نسبة المشاركة الحقيقية في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 والتي بلغت 17.1% عن أزمة سياسية عميقة في مصر تحت حكم السيسي، تعكس عزوفًا شعبيًا ناتجًا عن غياب المنافسة السياسية، ضعف التمثيل، فقدان الثقة في النظام، والأوضاع الاقتصادية الصعبة.

بالمقارنة مع مراحل الانتقال الديمقراطي المبكرة 2011-2013، يظهر بوضوح أن المشاركة السياسية قد انخفضت بشكل درامي، مما يضع مستقبل المشهد السياسي المصري في حالة من الركود والاستسلام للواقع الحالي.