في تقرير حديث، أعلنت شركة "أغذية" الإماراتية عن ارتفاع صادراتها من مصر إلى 55.3 مليون درهم خلال النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ50.3 مليون درهم في نفس الفترة من العام السابق، مما يعكس زيادة بنسبة 14.7% في الإيرادات بالربع الثاني من العام الحالي.
هذه الأرقام تبدو إيجابية ظاهرياً، لكنها تكشف عن واقع مُقلق؛ فبينما تنمو شركات إماراتية مستفيدة من موارد مصر الاقتصادية وتصدّر من أراضيها، يُعاني الاقتصاد المصري الرسمي أزمات حادة تحت حكم عبد الفتاح السيسي.
ومع ذلك، سجلت الشركة خسائر فصلية قدرها 41 مليون درهم في الربع الثاني من عام 2025، مقارنة بأرباح قدرها 55.6 مليون درهم في نفس الفترة من العام الماضي، مما يشير إلى تحديات مالية تواجهها الشركة.
تجدر الإشارة إلى أن الإمارات تعتبر من أكبر الشركاء التجاريين لمصر، حيث استحوذت على 25.6% من إجمالي تجارة مصر مع دول الخليج في عام 2023، مما يعكس عمق العلاقة الاقتصادية بين البلدين.
من جهة أخرى، تواصل الإمارات تعزيز استثماراتها في مصر، حيث بلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر 7.2 مليار دولار في عام 2019، مما يعكس اهتمامًا مستمرًا في تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
ومع ذلك، يثير هذا التوسع في الاستثمارات الإماراتية في مصر تساؤلات حول تأثير ذلك على السيادة الاقتصادية لمصر، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
الإمارات تسيطر على الاقتصاد المصري..
تواصل الإمارات تعزيز نفوذها الاقتصادي في مصر، و"أغذية" هي مثال بارز على ذلك، توضح أرقام صادرات الشركة الإماراتية من مصر أن هناك استغلالاً واضحاً للموارد المصرية من قبل الاستثمارات الإماراتية، التي استفادت نموها في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصري الرسمي.
هذه السيطرة لا تقتصر على قطاع الغذاء، بل تمّتد إلى استثمارات في البنية التحتية والقطاع العقاري والطاقة، حيث تبقى مصلحة حلفاء السيسي أكبر من مصلحة الشعب المصري.
تحليل هذه العلاقة بين نظام الانقلاب المصري والاستثمارات الإماراتية يشير إلى تحالف سياسي واقتصادي يهدف إلى تثبيت حكم السيسي بدعم من الإمبراطورية الاقتصادية لدولة الإمارات، بينما يستمر تدهور الأوضاع المعيشية للمصريين.
هذا الأمر يعكس ما اعتبره كثيرون "استعمارًا اقتصاديًا" داخليًا بمباركة النظام العسكري.
انهيار مصر الاقتصادي تحت حكم السيسي
وُصف حكم السيسي منذ انقلاب يوليو 2013 بأنه شديد القمع، وحمل معه انهيار الاقتصاد المصري على عدة محاور، ولم تفِ وعود السيسي بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، على العكس، شهدت مصر معدلات تضخم قياسية تجاوزت 40% في فترات حديثة، وانخفاضاً حاداً في القوة الشرائية للمصريين، وتفشي البطالة، خصوصًا بين الشباب.
كما تم تقليص الدعم عن السلع الأساسية والوقود بحجة إصلاح الاقتصاد دون توفير حماية اجتماعية كافية، مما أثار موجة من الغلاء والضغط الشعبي على الأسر المصرية الفقيرة.
تغلغل الجيش في الاقتصاد وتركز السلطة في يد السيسي عزز من سلطة القمع المستمرة وأغلق أبواب الحلول السياسية.
كل هذه الأوضاع تسببت في نزوح جماعي وهجرة غير شرعية للشباب هربًا من الواقع الاقتصادي الصعب.
تصريحات فضحت واقع السيسي
تصريحات العديد من السياسيين والنواب المصريين أظهرت أن حكم السيسي قائم على القمع وتهميش الشعب.
البرلماني اليساري عبدالحميد كمال، مثلاً، أشار في 2016 إلى أن السيسي تجاهل الأزمة الحقيقية للشعب من غلاء مفرط وبطالة، ورأى أن البرلمان الحالي يفتقد للحيوية ويخدم أجندة النظام، مع استمرار انتهاك الدستور والحقوق السياسية.
وسائل الإعلام تحت سيطرت السيسي وتروج للمبررات القمعية، بينما البرلمانيون الخاضعون يرتكبون مخالفات دستورية، كلها دلالات على الحكم الاستبدادي.
نتائج حكم السيسي..
بعد عشر سنوات من الحكم العسكري، لم تتحقق وعود السيسي بالازدهار والتنمية، بل تفاقم الفقر والبطالة.
الأزمات الاقتصادية والسياسية تراكمت، والعجز في الميزانية وصل إلى مئات المليارات من الجنيهات مع تراجع الإنفاق على الصحة والتعليم وازدياد الإنفاق العسكري، هذه سياسة تبقي مصر في دائرة فقر سياسي واقتصادي، حيث يزداد تبعية مصر للإمارات والدوائر الاقتصادية العسكرية.
يبرز كيف أن النمو الاقتصادي الظاهري الممثل في صادرات شركة إماراتية لا يعكس الواقع المأساوي لمعظم المصريين، الذين يرزحون تحت نظام قمعي، اقتصادي منهار، وتبعية متزايدة لدول إقليمية مثل الإمارات.