توفيت الطبيبة الشابة سلمى محمد أبو حبيش خلال تأديتها عملها في مستشفى القصر العيني في القاهرة، حيث تعرضت لهبوط حاد في الدورة الدموية ناجم عن إجهاد شديد وضغط العمل، بحسب مصادر محلية ونقابة الأطباء.
هذه الحادثة ليست حالة منفردة، بل تمثل نموذجاً لحال آلاف الأطباء الذين يعانون من ظروف عمل قاسية وضغوط متزايدة تحت إدارة حكومة الانقلاب، الأمر الذي أدّى إلى خسارة أرواح ثمينة وخروج أعداد كبيرة من الأطباء من المنظومة الصحية.
وقعت الحادثة في 8 أغسطس 2025، حين عملت الطبيبة سلمى نوبتين متتاليتين دون طعام أو راحة، مما أدى إلى تدهور حالتها الصحية ووفاتها أثناء تأديتها عملها في مستشفى القصر العيني، أحد أقدم وأبرز المستشفيات الحكومية المصرية.
وفقًا لنقابة الأطباء، فإنها توفيت نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية بسبب الإجهاد والإرهاق الناتجين عن ضغط العمل الشديد، هذه الحادثة سببت صدمة وحزنًا عميقًا في الأوساط الطبية والمجتمعية، كما أظهرت الأزمة التي يعاني منها النظام الصحي المصري.
الجهات الرسمية تميل إلى وصف الحوادث الطبية المفاجئة بأنها قضاء وقدر أو لا علاقة لها بالعمل، بينما الواقع الميداني يملأه أطباء امتياز يعملون لساعات طويلة بمكافآت زهيدة ونقص ضمانات الراحة والأمان الوظيفي.
الأرقام المروعة لحالة الأطباء في مصر
تشير إحصائيات نقابة الأطباء إلى أن هناك أزمة حادة في القطاع الصحي، حيث استقال أكثر من 11,500 طبيب من العمل الحكومي خلال 3 سنوات فقط بين 2019 ومارس 2022، منهم آلاف الأطباء الشباب الذين يتركون منصاتهم بسبب ظروف العمل السيئة.
كما تشير تقارير إلى أن مصر تعاني من نقص حاد في الأطباء حيث يوجد طبيب واحد لكل 1162 مواطناً، مقارنة بالمعدلات العالمية التي تصل إلى طبيب لكل 434 شخصًا.
كما أن عدد الأطباء العاملين فعليًا في قطاع الصحة الحكومي هو حوالي 38% فقط من إجمالي الأطباء المسجلين، مما يضاعف من أعباء العمل على القليل المتبقي.
انتقادات حادة للسياسات الحكومية
أدان متخصصون ونقابات الأطباء في مصر ضغوط العمل والظروف القاسية التي يصارعها الأطباء في ظل حكومة الانقلاب، عضو مجلس نقابة الأطباء الدكتور رشوان شعبان أكد أن ساعات العمل الطويلة وقلة الراحة وزيادة الإرهاق هما السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات الوفاة بين الأطباء الشباب، حيث يصل أحيانًا عمل الطبيب إلى 72 ساعة متواصلة.
كما أشار استشاري القلب الدكتور محمود سليمان إلى أن هذه الأوضاع تؤدي إلى أزمات قلبية مفاجئة بين الأطباء.
على الجانب الرسمي، نفت جامعة القاهرة رسمياً ارتباط وفاة الطبيبة سلمى حبيش بضغوط العمل، وهو موقف لم يقنع الكثيرين في ظل تضارب الأحاديث.
تأثير أزمة الأطباء على المنظومة الصحية
أدت هذه الأزمة إلى تعطيل الخدمات الصحية، إذ هجرة الأطباء إلى الخارج واستقالات الأعداد الكبيرة تعني نقصاً في القوى الطبية المطلوبة لخدمة ملايين المصريين.
ومنذ 2016 وحتى 2021، شهدت مصر تزايداً ملحوظاً في أعداد الأطباء المستقيلين، حيث ارتفع العدد من حوالي 1000 طبيب مستقيل سنوياً إلى أكثر من 4000 عام 2021، هذا النقص الحاد سبب أزمة مفتوحة في المستشفيات الحكومية التي تعاني من ضغط هائل، ما يؤثر بشكل مباشر على جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى.
لم تكن وفاة الطبيبة سلمى حبيش الحادثة الوحيدة، إذ شهدت مصر خلال السنوات الماضية وفاة عدد من الأطباء أثناء تأدية عملهم، مثل طبيبة التخدير مي رافع عام 2021، والطبيب محمود عبد الوارث والطبيب أحمد سليمان.
هذه الحوادث المتكررة تبرز حجم الضغط والإرهاق الذي يواجهه الكادر الطبي، ويعكس فشل سياسات حكومة الانقلاب في تأمين بيئة عمل مناسبة وآمنة للأطباء.
مطالبات بإجراءات فورية
- فتح تحقيق مستقل في ملابسات وفاة سلمى وتقديم النتائج للعامة.
- مراجعة جادة لساعات العمل والنوبات لأطباء الامتياز والكوادر الشابة، وتطبيق حد أقصى لساعات المناوبة.
- إلزام المستشفيات بمنح فترات راحة وطعام.
- رفع مكافآت وأجور أطباء الامتياز وتنظيم آليات حماية صحية ونفسية لهم.
- نشر بيانات دورية عن حالات الوفاة والحوادث المهنية في المستشفيات لتقييم السياسات والإصلاح.
مأساة طبية تُضاف إلى سجل الفشل الحكومي
ربطنا بوفاة الطبيبة سلمى حبيش وحالات الموت المفاجئ بين الأطباء، تكشف الأزمة الصحية في مصر واقعاً مأساوياً يعكس أثر الضغط الحكومي القاسي على قطاع الصحة.
الضغط والإهمال وعدم توفير بيئة عمل مناسبة للأطباء لا يهدد فقط حياة هؤلاء الشباب، لكنه يجعل ملايين المصريين عرضة لخطر نقص الخدمات الصحية، وتعطيل المنظومة الصحية هو جرم متكرر بحق الوطن والمواطنين،