نظّم آلاف المحامين أمس الأربعاء، وقفات احتجاجية أمام المحاكم الابتدائية في مختلف المحافظات، رفضًا لما يُعرف إعلاميًا بـ"رسوم الميكنة"، التي فرضتها محاكم الاستئناف مؤخرًا مقابل خدمات استخراج الوثائق والشهادات القانونية.

خطوة وصفها مراقبون بأنها قد تمهّد لمواجهة مفتوحة بين نقابة المحامين والمؤسسة القضائية إذا لم تُسفر عن حلول. في تحرّك تصعيدي يسبق انعقاد جمعيتهم العمومية الطارئة.

وتأتي هذه الاحتجاجات استجابة لدعوة مجلس النقابة العامة للمحامين التي سبق الإعلان عنها منتصف مايو الماضي، وتضمنت تنظيم وقفتين احتجاجيتين في 19 و29 من الشهر ذاته، تمهيدًا لعقد جمعية عمومية طارئة يوم السبت 21 يونيو الجاري، بمقر النقابة العامة بالقاهرة، لاتخاذ ما يلزم من قرارات.

وأكدت النقابة أن هذه الدعوة ستُلغى فقط في حال إعلان مجلس رؤساء محاكم الاستئناف تراجعهم عن فرض الرسوم، التي تصفها النقابة بـ"غير القانونية وغير الدستورية".
 

احتجاجات من شمال سيناء إلى أسيوط
   على صفحتها الرسمية بـ"فيسبوك"، نشرت نقابة المحامين عشرات الصور لتوثيق مشاركة المحامين في الاحتجاجات بالمحافظات، من بينها الإسكندرية، شمال البحيرة، كفر الشيخ، المنوفية، شمال الجيزة، مطروح، شمال الشرقية، وشمال أسيوط، إضافة إلى الفيوم، شمال الدقهلية، جنوب وشمال سيناء، جنوب الجيزة، سوهاج، جنوب الدقهلية، المنيا، وحلوان.

تنوّعت الشعارات والهتافات، لكن الرسالة كانت واحدة: "لا لرسوم تُجهز على حق المواطن في التقاضي.. لا لفرض رسوم دون سند من القانون".
 

النقيب: تمسكوا بالصمت فأجبرونا على التصعيد
   وقال نقيب المحامين، عبد الحليم علام، إن هذه الوقفات تأتي في إطار الخطوات التصعيدية التي قررها مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين، قبل يومين فقط من الجمعية العمومية، لافتًا إلى أن النقابة سعت منذ البداية لحل الأزمة عبر الحوار، لكن "الجهات المسؤولة تمسكت بمواقفها دون أي مرونة".

وأوضح علام أن مجلس رؤساء محاكم الاستئناف لم يبدِ أي استجابة لمطالب المحامين بإلغاء الرسوم المفروضة، مضيفًا: "لم نكن نرغب في الوصول لمرحلة الجمعية العمومية، خاصة في ظل ظروف الدولة الحالية، لكننا دفعنا دفعًا لهذا المسار".

وتابع: "نحن كنقابة مهنية داعمة للدولة، لم نكن نسعى لمواجهة مع أي مؤسسة، بما فيها المؤسسة القضائية، بل كنا نأمل في العودة لتطبيق صحيح القانون والدستور، لكن لا يمكن القبول بمزيد من التجاهل لحقوق المحامين والمواطنين".
 

بداية الأزمة.. قرار واحد أشعل الاحتجاجات
   تعود بداية الأزمة إلى مارس الماضي، عندما أصدر رئيس محكمة استئناف القاهرة، المستشار محمد نصر سيد، قرارًا بفرض رسوم جديدة تحت مسمى "مراجعة الحوافظ"، تُقدر بـ33 جنيهًا عن كل ورقة قانونية، إضافة إلى زيادات ملحوظة في رسوم استخراج الشهادات القانونية (60.5 جنيهًا للشهادة)، والصيغ التنفيذية للأحكام (242 جنيهًا)، وفقًا لما أكده عضو مجلس النقابة العامة، ربيع الملواني.

هذه الرسوم، التي اعتبرها المحامون "مغالى فيها وغير قانونية"، قوبلت برفض قاطع من النقابة، التي اعتبرت القرار تجاوزًا واضحًا للمشروعية الدستورية، وهددت بوقف التعامل مع خزائن المحاكم في جميع أنحاء الجمهورية.
 

النقابة: الرسوم تعرقل العدالة وتقصي المحامين
   وفي بيان شديد اللهجة صدر عن النقابة في 8 مارس، قالت إن فرض تلك الرسوم يشكّل انتهاكًا لحق التقاضي المكفول دستوريًا للمواطنين، ويؤثر سلبًا على الدور المحوري الذي يلعبه المحامون داخل المنظومة القضائية.

وانتقد البيان عدم إشراك النقابة في أي حوار مجتمعي قبل إصدار هذه القرارات، مؤكدة أن "المحامي ليس مجرد طرف متعامل مع المحكمة، بل شريك دستوري للسلطة القضائية، يؤدي رسالة سامية لحماية الحقوق والحريات".

وفي ظل تصلب موقف رؤساء محاكم الاستئناف وغياب أي مؤشرات لحل قريب، يترقب المحامون قرارات الجمعية العمومية السبت المقبل، والتي قد تتضمن، بحسب مصادر داخل النقابة، تصعيدًا أكبر قد يصل إلى وقف العمل أمام المحاكم أو الامتناع عن التعامل مع رسوم الدولة القضائية بالكامل.
 

شاهد:
https://www.facebook.com/share/p/1CSiZFt64w
https://www.facebook.com/share/p/1G8baxgVYU
https://www.facebook.com/share/p/18tFPSm9AH