أعلنت إدارة بحيرة البردويل التابعة لجهاز «مستقبل مصر للتنمية المستدامة» التابع للقوات الجوية قرارًا مفاجئًا بوقف الصيد في البحيرة «حتى إشعار آخر»، بعد إعلان غالبية صيادي البحيرة التوقف عن العمل احتجاجًا على شروط وإجراءات جديدة فرضها الجهاز مع انطلاق موسم الصيد في 25 أبريل الماضي.
ويشكل هذا الموسم أول تجربة لإدارة «مستقبل مصر» التي تسلمت مسؤولية البحيرة نهاية العام الماضي، بناءً على توجيهات من «القيادة السياسية» تهدف إلى تطوير الموارد السمكية بالبحيرة وتحسين الظروف الاقتصادية للصيادين، وذلك عبر تطوير مراسي الصيد والبنية التحتية وتقديم مساعدات اجتماعية، وفقًا لبيان رسمي من رئاسة مجلس الوزراء آنذاك.
خلفية الإدارة وتغيرات الموسم الجديد
قبل أن تتولى «مستقبل مصر» إدارة البحيرة، كانت بحيرة البردويل تحت إشراف جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، بالتعاون مع الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية التابعة للقوات المسلحة، منذ عام 2016، حسب مصادر داخل الجهاز.
ومع بداية الموسم الجديد، شرعت «مستقبل مصر» في تطبيق نظام جديد صارم للصيد، شمل تحديثات على معدات الصيد (الشِباك) ورفع رسوم التصاريح، إضافة إلى محاولات إعادة تنظيم آليات البيع والتوزيع، ما تسبب في توترات حادة مع الصيادين المحليين.
شروط جديدة أثارت غضب الصيادين.. خسائر وانخفاض حصيلة الصيد
طالب الجهاز الصيادين باستخدام نوع جديد من الشباك فتحاته أكبر بهدف الحفاظ على الزريعة ومنع صيد الأسماك الصغيرة.
لكن هذا الشرط قلل بشكل كبير من كمية الأسماك التي يمكن صيدها، إذ اقتصرت على الأسماك الكبيرة التي نفدت سريعًا، بينما حُرم الصيادون من صيد أنواع مهمة مثل الجمبري والدنيس الصغير، التي تمثل مصادر دخل رئيسية لهم.
وبالتزامن مع قلة الإنتاج، رفع الجهاز رسوم «الفاتورة» على كل كيلو من الحصيلة أضعافًا، فارتفعت رسوم الكابوريا من جنيهين إلى 12 جنيهًا للكيلو، ورسوم الدنيس من 20 إلى 22 جنيهًا خلال الموسم، ما زاد من العبء المالي على الصيادين الذين يشكون من غلاء هذه الرسوم دون مبرر واضح.
وقال «خالد»، أحد صيادي البحيرة: «الأسواق اتردمت، الكابوريا بقت رخيصة بسبب قلة المعروض، في الوقت اللي إدارة البحيرة بتشارك في رزقنا برفع الفواتير».
تدخل في سوق السمك ومحاولة تغيير قواعد البيع
لم يقتصر الأمر على تغيير معدات الصيد والرسوم، بل حاولت إدارة «مستقبل مصر» استبعاد التجار المحليين من بئر العبد والعريش واستبدالهم بتجار جدد من محافظات أخرى، وأجبرت الصيادين على بيع الأسماك لهؤلاء التجار بأسعار أقل من المتفق عليها محليًا، مما أوقع خسائر إضافية على الصيادين وأثار غضبهم.
وقال صياد آخر يدعى «فتحي»: «التجار الجدد كانوا يبيعوا أنواع رخيصة مثل الشبار والطبارة، والسمك مش للبيع برا بسبب الأسعار المرتفعة».
مخاوف من استبدال الصيادين المحليين بمستأجرين جدد
تصاعد القلق لدى الصيادين المحليين بعد تجهيز «مستقبل مصر» 25 مركبًا في بداية الموسم لتأجيرها لصيادين من خارج المحافظة.
كما قام الجهاز بمصادرة مراكب صيادين لم يتمكنوا من تجهيزها وترميمها لتأجيرها للوافدين الجدد، في خطوة اعتبرها الصيادون تهديدًا مباشرًا لاستمرارهم في مهنة الصيد.
وقال «خالد»: «إحنا أصحاب الرخص من 1979 بندفع ضرائب وتأمينات، مش مقبول إنهم يجيبوا صيادين من بره ويسلموهم مراكب وينزلوا بيها في البحيرة».
ورصد الصيادون قيام الجهاز بصيانة آلات صيد غير قانونية أمام أعينهم، وسط معلومات بأن تلك المعدات ستُسلم للمستأجرين الجدد، في ظل تطبيق قيود صارمة على الصيادين المحليين.
محاولات الحوار وتصاعد التوتر
حاول شيوخ القبائل وكبار الصيادين التفاوض مع إدارة الجهاز لرفع مطالبهم، والتي شملت السماح بصيد الجمبري، تخفيض رسوم الفواتير، عدم التدخل في عمليات البيع، والسماح بالصيد بالقرب من مداخل مياه البحر (البواغيز).
لكن الرد كان أن المطالب قيد الدراسة، مع تهديد باتخاذ إجراءات قانونية ضد 35 صيادًا اتُهموا بتحريض المحتجين.