سجل مراقبون ردود فعل غاضبة ومطالب بالتحقيق في الإجراء الذي اتخذته محافظة بورسعيد بهدم قرية الفردوس وملحقاتها التي تعد متنفسًا شاطئيًا للغلابة في المدينة والمحافظات المجاورة، فضلاً عن غياب أي تصريح رسمي من رئاسة الوزراء أو محافظة بورسعيد.
وتصاعدت مطالب شعبية وسياسية بفتح تحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين عن هذا الإجراء الذي يمثّل، حسب وصف نشطاء، “قرصنة عقارية” على أحد آخر الشواطئ العامة المتاحة للمواطنين والمتاحة لكل الفئات ضمن مصايف معقولة.
وطالبوا بإصدار أوامر عاجلة بوقف أعمال الهدم والتحقيق في ملابسات ما حدث، والكشف عن الجهة التي أصدرت التعليمات بالتنفيذ دون حكم قضائي.
واعتبر مواطنون أن قرية الفردوس كانت محل نظر مخططات حكومية لإعادة تخصيص أراضي الساحل البورسعيدي لصالح مشروعات استثمارية خليجية في إطار الامتيازات طويلة الأجل، وهو ما يثير مخاوف من تحول السواحل المصرية إلى منتجعات خليجية.
https://www.facebook.com/thawretshaab11/videos/905029315038389/
الفردوس مش للبيع
ووجهت يمنى عامر Youmna Aamer إحدى سكان القرية نداء لكل مسئول عنده ضمير ولكل جهة ممكن تساعدنا نرجّع حقنا مؤكدة أن مع السكان "عقود انتفاع مفتوحة، قانونية ومختومة من الدولة، بتنص بوضوح على إن من حقنا ننتفع ونعيش في بيوتنا لحد التهالك…". لافتة إلى
"الفردوس مش للبيع!… الفردوس لينا"..
وعبرت عن المفاجأة من قرارت الاستيلاء على القرية وطرد سكانها وتسليمها لمستثمرين، "من غير تمليك، ومن غير تعويض، ومن غير أي احترام لحقوقنا أو مشاعرنا!.".
وعبرت عن الانتماء للمكان باعتباره " أقدم كمبوند في بورسعيد ، ومش من حق حد يهدمها ويساويها بالأرض عشان يبني كمبوندات وڤيلات للفئة القادرة بس!".
وأضافت "الفردوس مكان حافظنا عليه سنين، على البحر، والشجر، والحيوانات…". مشيرة إلى أن الأجهزة وصلت القرية بـ"..بلدوزر بتهد البلوكات مع وجود بلطجية تتهجم على الشاليهات وتسرقها".
وأكدت أن السكان كانوا أمام أمر واقع "..يا نلم حاجتنا ونمشي يا الشاليهات تتهد واحنا فيها ولو فضلنا قاعدين حراميه وبلطجيه يتهجموا علينا اي العبثيه دي… يعني إيه؟ يعني إيه يتقطع الكهربا والميّه عن الناس؟ يعني إيه ما نعرفش نطلع حاجتنا من بيوتنا؟ يعني إيه ناس تنام في عربياتها عشان خايفين من السرقة والبلطجة؟ فين الدولة؟ فين القانون ؟ فين حق المواطن العادي؟ ولا بقى كل شبر بيتباع للمستثمرين؟ وإحنا نروح فين؟".
وأشارت إلى أن السكان كانوا ينتفعون من الايجار اليومي للشاليهات التي تترواح بين 300 و600 جنيه لليوم، في حين يصل إيجار الفنادق لليوم 1000 جنيه.
وشددت أن السكان ليسوا "ضد التطوير… ولكن ضد التهجير وضد هدم الفردوس… وضد مسح تاريخ الناس وذكرياتهم".
التهجير القسري
الصحفي البورسعيدي عمر الفطايري @OElfatairy قال إن هدم قرية الفردوس "سابقة خطيرة تعيد إلى الأذهان مشاهد الإخلاء القسري وتهميش الطبقة المتوسطة، أقدمت السلطات المحلية في محافظة بورسعيد على هدم قرية الفردوس السياحية الواقعة على شاطئ البحر، دون صدور حكم قضائي أو توجيه إنذارات أو إخطار رسمي للمنتفعين وسكان القرية، في انتهاك صارخ للقوانين والدستور المصري".
وأشار إلى أن "قرية الفردوس، التي أُنشئت في أوائل التسعينيات، تعد من أقدم المصايف المخصصة للعاملين في الهيئات والنقابات العامة، وكانت تمثل أحد المتنفسات القليلة للطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل على الساحل الشمالي الشرقي للبلاد.
ونقل الفطايري "شهادات حية ومقاطع مصورة، وصلت الجرافات والقوات الأمنية إلى الموقع في وقت مبكر من صباح اليوم وشرعت في تنفيذ أعمال الهدم دون إظهار أي قرارات إدارية أو قضائية، ما اعتبره السكان جريمة بحقهم.
واستعرض جملة مخالفات قانونية ودستورية من قبل أجهزة الهدم وعدها انتهاكًا مباشرًا لعدد من المواد الدستورية في الدستور المصري الصادر عام 2014 (والمعدل لاحقًا)، من أبرزها:
•المادة (35): الملكية الخاصة مصونة، ولا تُمس إلا في الأحوال التي يقرها القانون، وبحكم قضائي، ومقابل تعويض عادل، ما يعني أن أي تدخل في حق الانتفاع أو التملك لا يجوز إلا بحكم قضائي، وهو ما لم يتوفر في حالة قرية الفردوس.
•المادة (63): يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم.
وهدم قرية يعيش فيها المواطنون أو ينتفعون بها دون إخطار أو بديل هو شكل من أشكال التهجير القسري التعسفي.
•المادة (9): تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز.
وتفريغ الشواطئ من المصايف الشعبية لصالح الاستثمار الخاص يُعد تمييزًا ضد الطبقة المتوسطة ومحدودة الدخل.
•المادة (25): تكفل الدولة تكافؤ الفرص في الحصول على الخدمات العامة، ومنها السياحة والترفيه.
