أعلن عضو مجلس نقابة المحامين عمرو الخشاب نجاح دعوة النقابة العامة للمحامين بمقاطعة خزائن المحاكم على مستوى الجمهورية، احتجاجًا على الرسوم الجديدة التي فرضتها محاكم الاستئناف تحت مسمى "رسوم الميكنة"، مؤكدًا أن نسبة الالتزام بالمقاطعة بلغت 90%، مع رصد مخالفات فردية محدودة داخل بعض محاكم القاهرة.

تأتي هذه الخطوة التصعيدية ضمن سلسلة إجراءات أقرتها نقابة المحامين منذ مارس الماضي، رفضًا لقرارات رؤساء محاكم الاستئناف التي أضافت أعباء مالية جديدة على كاهل المحامين والمتقاضين، من بينها رسم بقيمة 33 جنيهًا عن كل ورقة يتم تقديمها ضمن "حوافظ المستندات"، إضافة إلى زيادات مبالغ فيها في رسوم إصدار الشهادات والصيغ التنفيذية.

وقال الخشاب إن المحامين أوفوا بالتزاماتهم النقابية، ويواصلون التصعيد لحين الاستجابة لمطالبهم، مضيفًا: "نحن نرفض استمرار فرض الرسوم بهذا الشكل المفاجئ وغير المدروس، وننتظر نتائج الاجتماع المرتقب الذي سيعقد بحضور نقيب المحامين والنقباء الفرعيين لبحث الخطوات التالية".

الاعتراض لا يقتصر على الجانب المالي فقط، بل يمتد، بحسب النقابة، إلى مبدأ "دستورية القرار" ذاته. إذ ترى النقابة أن ما أقدمت عليه محاكم الاستئناف يمثل تجاوزًا واضحًا لصلاحيات السلطة القضائية، وتغولًا على اختصاصات مجلس النواب وحده، بوصفه الجهة المخولة قانونًا بفرض الرسوم من خلال التشريع، لا عبر قرارات إدارية.

في هذا السياق، طالب نقيب المحامين عبد الحليم علام، في كلمته أمام الجلسة العامة لمجلس النواب التي انعقدت اليوم لمناقشة قانون الإجراءات الجنائية، بتدخل تشريعي وسياسي عاجل لنزع فتيل الأزمة. ودعا البرلمان، بصفته سلطة الرقابة والتشريع، للتصدي لما وصفه بـ"انتهاك صريح للدستور والقانون"، محذرًا من تداعيات استمرار تجاهل مطالب المحامين.

كذلك حمّل النقيب الحكومة مسؤولية التدخل العاجل، مطالبًا وزيري العدل وشؤون المجالس النيابية بإعادة تقييم الموقف وفتح حوار مع النقابة لإنهاء الأزمة قبل تفاقمها.

من جهته، حذّر عضو مجلس النقابة محمود الداخلي من أن استمرار تجاهل مطالب المحامين سيدفعهم إلى تصعيد جديد، لمّح إلى أنه قد يشمل إعلان إضراب عام، ووقف التعامل الكامل مع محاكم الاستئناف والجنايات، بما في ذلك عدم حضور الجلسات أمامها.

وتعود جذور الأزمة إلى قرار أصدره رئيس محكمة استئناف القاهرة، المستشار محمد نصر سيد، في مارس الماضي، تضمن استحداث رسوم جديدة على خدمات التقاضي، من بينها "رسوم مراجعة الحوافظ" ورسوم باهظة لإصدار الشهادات والصيغ التنفيذية. وقد اعتبرت النقابة هذه الرسوم "غير دستورية" و"تُقوّض مبدأ مجانية التقاضي"، فضلًا عن تجاهل السلطة القضائية للنقابة في مناقشة هذه القرارات.

وفي 8 مارس، أعلنت النقابة العامة للمحامين رفضها الكامل للقرارات الجديدة، ووصفتها بأنها تتعارض مع المشروعية الدستورية، وتنتقص من حق التقاضي المكفول لكل المواطنين. كما انتقدت غياب الحوار المجتمعي مع النقابة، على الرغم من كونها شريكًا دستوريًا في منظومة العدالة.

وبحسب بيان سابق للنقابة، فإن فرض تلك الرسوم خلق مشكلات حقيقية تمس جوهر العدالة وتفتح الباب أمام التضييق على المواطنين، في وقت تعاني فيه قطاعات واسعة من الشعب من أزمات معيشية خانقة.

وتؤكد لجنة الأزمة المشكلة داخل النقابة أن القضية لم تعد مجرد خلاف مالي، بل باتت أزمة قانونية ودستورية تهدد التوازن الدقيق بين سلطات الدولة، وتنال من موقع المحاماة كشريك أساسي في إقامة العدل، ما يجعل من التصعيد خيارًا لا بد منه.