نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن مصادر أمنية أن الجيش يعتزم تحويل مدينة رفح والأحياء المحيطة بها في قطاع غزة لجزء من المنطقة العازلة ولن يسمح للسكان بالعودة إليها.

وأضافت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي يدرس هدم كافة المباني الواقعة في نطاق منطقة رفح.

وأشارت إلى أن الهدف لا يقتصر على الاستيلاء على هذه المنطقة، وإنما تحويل غزة إلى جيب جغرافي داخل إسرائيل وإبعاد القطاع عن الحدود المصرية وزيادة الضغط على حماس.

ويأتي هذا القرار على خلفية قرار القيادة السياسية استئناف الحرب وتصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن الاستيلاء على مساحات واسعة من غزة.

وتقع هذه المنطقة بين محور فيلادلفيا ومحور موراغ وكان يسكن بها نحو 200 ألف فلسطيني، وتصل مساحتها إلى 75 كيلومتر مربع وتشكل 20% من مساحة قطاع غزة.

 

تطور جديد

يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لجعل مدينة رفح جنوب قطاع غزة والأحياء المحيطة بها جزءًا من المنطقة العازلة. المنطقة، الواقعة بين محور فيلادلفيا في الجنوب وممر موراج في الشمال، تعد موطنًا لنحو 200 ألف فلسطيني قبل الحرب. لكن في الأسابيع الأخيرة أصبح المكان مهجورًا بعد أن دمر  الجيش الإسرائيلي المنازل  فيه.

ومؤخرًا، وبعد انتهاء وقف إطلاق النار، دعا الجيش السكان المدنيين الذين ما زالوا يعيشون هناك إلى الإخلاء والانتقال إلى المنطقة الإنسانية بالقرب من الساحل، في منطقتي خان يونس والمواصي.

حتى الآن، امتنعت قوات الجيش الإسرائيلي عن ضم مدن بأكملها، مثل رفح، إلى المنطقة العازلة التي أنشئت على طول الحدود مع إسرائيل منذ بداية الحرب. وتقول مصادر في المؤسسة الأمنية إن هذا الطلب نشأ على خلفية قرار المستوى السياسي تجديد الحرب الشهر الماضي، وعلى خلفية تصريح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل ستسيطر على مناطق واسعة في قطاع غزة. ويبدو من بعض النواحي أن هناك نية لتكرار ما تم فعله في الشمال وفي جنوب قطاع غزة.

هذا النوع من توسيع المنطقة العازلة له أكثر من معنى. وليس هذا فقط، فالمنطقة واسعة ــ حوالي 75 كيلومترًا مربعًا، أي ما يقرب من خمس مساحة القطاع بأكملها ــ بل إن فصلها عمليًا يحول القطاع إلى جيب داخل الأراضي الإسرائيلية، ويبعده بشكل محكم عن الحدود المصرية.

 

توسيع محور موراغ

وزعم الجيش الإسرائيلي أن قواته عثرت على فتحات أنفاق، ودمرت بنى تحتية “معادية” في منطقة تل السلطان غرب مدينة رفح، حيث تكثف فرقة غزة (143) عمليتها البرية هناك.

وأضاف أن قوات الفرقة 36 تواصل العمل في رفح وفي محور موراغ، في منطقة لم يعمل فيها الجيش الإسرائيلي في الماضي.

وذكرت هآرتس أن الجيش الإسرائيلي بدأ توسيع ممر موراغ ويدمر المباني على طول الممر.

وبحسب تصريحات سابقة لمسؤولين إسرائيليين، فإن محور موراغ مخصص لفصل رفح عن خان يونس في جنوب قطاع غزة.

 

غارات جوية

وادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف “مسلحين” في غارات جوية شملت 45 هدفًا في أنحاء قطاع غزة، في حين أسفرت تلك الهجمات عن استشهاد عشرات الفلسطينيين معظمهم أطفال ونساء.

وقال في بيان، إن قواته تواصل العملية البرية في قطاع غزة، بينما أغار سلاح الجو على أكثر من 45 هدفًا في أنحاء قطاع غزة على مدار الساعات الـ24 الماضية.

وزعم أن الهجمات شملت مواقع “لمسلحين”، إلا أن مصادر طبية وشهود عيان يؤكدون أن القصف يستهدف منازل مدنيين ومراكز إيواء وخيام نزوح، مما يسفر عن استشهاد عشرات الفلسطينيين معظمهم أطفال ونساء.

 

ممارسات إجرامية

كشف ضباط إسرائيليون عن ممارسات ميدانية إجرامية في قطاع غزة، خصوصًا في مدينة رفح جنوب القطاع، حيث أشاروا إلى أن وتيرة الدمار بلغت حداً لم يبقِ شيئًا لتدميره، في وقت تستمر فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي بحشد المزيد من الوحدات.

وبحسب ما نقلته هآرتس عن ضباط في جيش الاحتلال، الأربعاء، فإنه "لم يعد هناك ما يمكن تدميره في رفح، ولا حاجة لكل هذه القوات التي يتم نشرها هناك، ومن المحبط العودة للعمل في هذه المنطقة".

وأشارت الصحيفة إلى وجود تنافس بين "الوحدات القتالية" الإسرائيلية على من يمكنه تدمير أكبر عدد من المباني في المناطق التي تسيطر عليها في غزة، مما يكشف عن منطق إجرامي تدميري يسود بين قوات الاحتلال على الأرض.

وتطرّق بعض الجنود إلى حوادث قتل وقعت خلال عمليات تفتيش للمدنيين الفلسطينيين بغزة، حيث أكدوا أن أشخاصًا استشهدوا أثناء بحثهم عن الطعام، تطبيقًا لخطاب متطرف يتردد في الشارع الإسرائيلي مفاده أنه "لا يوجد أبرياء في غزة".

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، مساء أمس الأربعاء، أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس 2025 بلغت 1482 شهيدًا و3688 إصابة. كما ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 50.846 شهيدًا و115.729 إصابة.

من جهتها، أكدت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة، أن المعابر المؤدية إلى القطاع لا تزال مغلقة منذ شهر كامل، مشيرة إلى أن استمرار هذا الإغلاق يُفاقم الوضع الإنساني،

حيث بات جميع سكان القطاع بحاجة ماسة وفورية إلى المساعدات الإنسانية.

وفي السياق الميداني، استُشهد مواطنان وأُصيب آخرون جراء قصف صهيوني استهدف شارع الطينة في مواصي القرارة بمدينة خانيونس، جنوب القطاع، فيما استُشهد طفل صباح اليوم متأثرًا بإصابته في قصف مدفعي على بلدة الفخاري شرقي المدينة.

كما واصل طيران الاحتلال غاراته العنيفة على مناطق شمال غربي مدينة رفح، تزامنًا مع تدمير المنازل والمباني السكنية هناك. وأسفر قصف إسرائيلي على خيمة تؤوي نازحين شمال غرب مدينة الزهراء وسط القطاع عن ارتقاء شهيد، في حين استُشهد مواطن آخر في قصف مماثل قرب مطعم حيفا بمخيم النصيرات وسط القطاع.

وفي شمال القطاع، قصفت مدفعية الاحتلال مناطق في بيت لاهيا، فيما أُصيب عدد من المواطنين جراء استهداف منزل يعود لعائلة السويركي في شارع مشتهى بحي الشجاعية شرق مدينة غزة.