في واحدة من أسوأ بدايات الأسبوع منذ سنوات، انهارت الأسواق المالية في أوروبا وآسيا بشكل جماعي اليوم الإثنين، متأثرة بقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب القاضية بفرض رسوم جمركية واسعة النطاق على واردات بلاده من دول عدة، ما أثار مخاوف من حرب تجارية شاملة قد تعصف بنمو الاقتصاد العالمي.

فمع افتتاح جلسات التداول، هبط مؤشر "يورو ستوكس 600" الأوروبي بأكثر من 5%، في حين سجلت بورصات كبرى مثل فرانكفورت وباريس ولندن وميلانو وزيورخ خسائر جماعية حادة، بينما امتدت العدوى إلى أسواق آسيا، حيث تكبدت بورصات اليابان والصين وهونغ كونغ خسائر مماثلة، في مشهد يعيد إلى الأذهان صدمات الأسواق الكبرى في الأزمات الاقتصادية السابقة.
 

انهيارات متزامنة في أوروبا وآسيا
   في ألمانيا، تراجعت بورصة فرانكفورت بنسبة بلغت 7.86%، بعد أن سجلت في لحظة من التداول هبوطًا تجاوز 10%، وهو واحد من أكبر الانخفاضات في تاريخها الحديث.
أما بورصة باريس فخسرت نحو 6.19%، بينما هبطت بورصة لندن بنسبة 5.83%. كذلك سجلت بورصة ميلانو الإيطالية تراجعًا بنسبة 2.32%، وانهارت البورصة السويسرية بنسبة 6.82%.

وقبل الافتتاح الرسمي للتداول، كانت المؤشرات المستقبلية (العقود الآجلة) تنذر بما هو قادم: إذ تراجعت عقود بورصة فرانكفورت بنسبة 4.4%، و2.58% في باريس، و2.43% في لندن، وصولًا إلى 5.3% في ميلانو.

وفي آسيا، ضرب الزلزال الأسواق اليابانية بشدة، حيث خسر مؤشر نيكاي ما نسبته 7.8%، على وقع هروب جماعي للمستثمرين من أسهم الشركات المعتمدة على السوق الأميركية، مثل تويوتا وسوني وتوشيبا، بعد أن فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية بنسبة 24% على وارداتها من اليابان.

وفي الصين، ساد اللون الأحمر شاشات التداول، حيث خسر مؤشر بورصة هونغ كونغ نحو 13% من قيمته، مقابل 7% لمؤشر شنغهاي، مع تصاعد التوترات والردود الصينية المرتقبة.
 

قلق أوروبي وتصعيد مرتقب
   لا تقف تأثيرات هذه الرسوم عند حدود الخسائر الفورية، بل تمتد إلى توقعات أكثر قتامة لمستقبل النمو الاقتصادي في القارة العجوز.
وفي هذا السياق، حذر محافظ البنك المركزي اليوناني، ستورناراس يانيس، من أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب قد تؤدي إلى "إبطاء النمو الاقتصادي في منطقة اليورو بما يتراوح بين 0.5 إلى 1 نقطة مئوية".

وفي تصريحات نشرتها فايننشال تايمز، أكد ستورناراس أن أوروبا تدرس حزمة من الإجراءات المضادة تستهدف واردات أميركية بقيمة 28 مليار دولار، في محاولة لردع السياسات الحمائية الأميركية.

ولم يتردد المسؤول الأوروبي في التحذير من "صدمة طلب سلبية قوية" قد تضرب اقتصاد منطقة اليورو، مشيرًا إلى أن "بعض قرارات الإدارة الأميركية جاءت أسوأ من المتوقع، وتسببت بدرجة غير مسبوقة من عدم اليقين في السياسة العالمية".
 

تأثيرات تضخمية وارتباك استثماري
   من جانبه، قال جون بلاسارد، الخبير الاستثماري في شركة ميرابو السويسرية، إن تصاعد التوترات التجارية ينذر بتباطؤ اقتصادي حاد في أوروبا والعالم.
وأضاف: "شهدنا الأسبوع الماضي أكبر تراجع أسبوعي في الأسواق الأميركية منذ مارس 2020، واليوم نرى ارتداد هذا الزلزال إلى بقية الأسواق".

ووفقًا لتقديرات البنك المركزي الأوروبي، فإن فرض رسوم شاملة بنسبة 25% على واردات أوروبا من قبل الولايات المتحدة سيؤدي إلى خفض نمو منطقة اليورو بمقدار 0.3 نقطة مئوية خلال السنة الأولى، فيما سترفع الإجراءات الانتقامية الأوروبية هذا الرقم إلى 0.5 نقطة مئوية.