يواجه الاقتصاد المصري في عام 2025 تحديات كبيرة نتيجة لسياسات اقتصادية غير مدروسة، واعتماد مفرط على القروض الخارجية، وسوء إدارة الموارد. منذ الانقلاب العسكري في 2013، اتخذت حكومة السيسي سلسلة من القرارات التي زادت من أزمات الاقتصاد بدلاً من حلها، مما أدى إلى تفاقم الديون، وارتفاع التضخم، وتراجع مستوى المعيشة. ومع ذلك، تظل هناك فرص للنمو إذا ما تمت معالجة هذه المشكلات بإصلاحات حقيقية.
تراكم الديون وسياسة الاقتراض غير المستدام
تشكل الديون أحد أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري في 2025. فقد تجاوز الدين العام 90% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما وصل الدين الخارجي إلى أكثر من 165 مليار دولار. وتعتمد الحكومة بشكل متزايد على الاقتراض لتمويل العجز في الموازنة، مما يزيد من أعباء السداد ويحد من القدرة على الاستثمار في مشروعات تنموية حقيقية.
بعد توقيع اتفاقيات متعددة مع صندوق النقد الدولي، فرضت مصر سياسات تقشفية تشمل خفض الدعم وزيادة الضرائب، مما زاد من معاناة المواطنين. ورغم أن هذه الإجراءات تهدف إلى تحقيق استقرار مالي، إلا أنها فشلت في تحفيز النمو الاقتصادي بسبب الفساد وضعف الكفاءة في الإنفاق العام.
ضخ السيسي مليارات الدولارات من القروض في مشروعات كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الذكية، بينما أهملت قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم. هذه المشروعات، رغم دعايتها الضخمة، لم تحقق عائدًا اقتصاديًا متناسبًا مع تكلفتها، مما زاد من أزمة المديونية دون تحقيق تنمية حقيقية.
السياسات الاقتصادية الخاطئة للانقلاب العسكري
أدت سياسات الترهيب والاحتكار لصالح شركات الجيش إلى تراجع الاستثمار الخاص، حيث فر العديد من رجال الأعمال والمستثمرين إلى دول أخرى بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. كما أن سيطرة المؤسسة العسكرية على قطاعات اقتصادية واسعة أدت إلى إضعاف المنافسة وتراجع جودة الخدمات.
بسبب العجز التجاري الكبير وتراجع الاحتياطي النقدي، انخفضت قيمة الجنيه المصري بشكل حاد، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية ووصول التضخم إلى مستويات قياسية. وقد فشلت السياسات النقدية في تحقيق استقرار الأسعار بسبب الاعتماد على طباعة النقود لتمويل العجز.
يعد الفساد أحد الأسباب الرئيسة لتردي الأوضاع الاقتصادية، حيث يتم تحويل مليارات الجنيهات إلى مشروعات وهمية أو صفقات غير شفافة. وقد أظهرت تقارير دولية أن مصر تحتل مراكز متأخرة في مؤشرات الشفافية ومكافحة الفساد.
فرص النمو المتاحة رغم التحديات
رغم التحديات الكبيرة، لا يزال الاقتصاد المصري يحمل فرصًا للنمو إذا ما تم اتخاذ إجراءات جادة، منها:
1. إصلاح النظام الضريبي وزيادة العدالة الاجتماعية
يجب إعادة هيكلة النظام الضريبي ليكون تصاعديًا، مع إعفاء محدودي الدخل وزيادة الضرائب على الكبارى. كما ينبغي توجيه الدعم بشكل أكثر كفاءة نحو الفئات الأكثر احتياجًا.
2. تشجيع القطاع الخاص وتقليص هيمنة الجيش على الاقتصاد
يتطلب النمو الاقتصادي الحقيقي فتح المجال أمام القطاع الخاص والحد من سيطرة المؤسسة العسكرية على المشروعات الكبرى، مما سيشجع الاستثمار الأجنبي والمحلي.
3. تنمية الصادرات وتقليل الاعتماد على الاستيراد
يمكن لمصر أن تعزز صادراتها من خلال دعم الصناعات التحويلية والزراعة، والاستفادة من الاتفاقيات التجارية مع أفريقيا وأوروبا.
يواجه الاقتصاد المصري في 2025 أزمات حادة بسبب سياسات الانقلاب العسكري الخاطئة، خاصة الاعتماد المفرط على القروض وسوء إدارة الموارد. ومع ذلك، تظل هناك فرص للانتعاش إذا ما تمت معالجة هذه المشكلات عبر إصلاحات حقيقية تعطي أولوية للشفافية والعدالة الاجتماعية وتمكين القطاع الخاص. بدون ذلك، ستستمر الأزمات في التفاقم، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد.