تصاعدت المخاوف حول مصير النقابي العمالي شادي محمد، بعد بلاغ رسمي قدّمته زوجته سلوى رشيد إلى النائب العام، محمد شوقي عياد، يفيد باختفاء زوجها قسريًا عقب "تغريبه" من مقر احتجازه، وعدم حضوره جلسة تجديد حبسه، وسط اتهامات بانتهاكات تعرض لها على خلفية مواقفه السياسية.
وقائع الاختفاء القسري
تعود تفاصيل الواقعة إلى الثلاثاء الماضي، حين كان من المقرر أن يُعرض شادي محمد على الدائرة الأولى إرهاب في محكمة الجنايات بمركز بدر للإصلاح والتأهيل، للنظر في أمر تجديد حبسه، إلا أن الجلسة شهدت غيابًا غير مبرر لشادي، ما أثار قلق هيئة الدفاع وأسرته.
وفقًا لما ذكرته زوجته في البلاغ، فإن إدارة سجن "العاشر 6" قامت بنقل زوجها إلى سجن "برج العرب" يوم 26 يناير الماضي، إلا أن إدارة "برج العرب" أنكرت وجوده، ما أدى إلى تعذر عرضه على المحكمة.
ورغم محاولات الدفاع والأسرة الاستفسار عن مكان احتجازه، قوبلت كل المحاولات بالصمت وعدم الإفصاح عن أي معلومات.
دوافع الاعتقال وتفاصيل القضية
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار احتجاز شادي محمد بتهمة دعمه للقضية الفلسطينية، بعدما أُوقف على خلفية رفع "لافتة دعم فلسطين" والتعبير عن تأييده للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، في أعقاب العدوان على قطاع غزة.
وتُعد قضية شادي محمد جزءًا من سلسلة ملاحقات طالت نشطاء ونقابيين عبروا عن تضامنهم مع فلسطين، في وقت شهدت فيه مصر تظاهرات محدودة للتنديد بالعدوان الإسرائيلي، ما زاد من حدة التضييق الأمني على الأصوات المعارضة.
الإضراب عن الطعام.. صرخة استغاثة
كشفت سلوى رشيد أن هذا البلاغ ليس الأول، إذ سبق أن تقدمت في 6 فبراير الجاري ببلاغ للنائب العام، أكدت فيه دخول زوجها في إضراب كامل عن الطعام اعتراضًا على "تغريبه" وظروف احتجازه غير الإنسانية، محذرة من تدهور حالته الصحية.
وذكرت رشيد أن زوجها أُجبر على مغادرة زنزانته في سجن "العاشر 6" دون السماح له بجمع أغراضه الشخصية، بما في ذلك ملابسه ونظارته الطبية، ثم وُضع في زنزانة مكتظة بالسجناء في سجن "برج العرب"، حيث يتناوب المعتقلون على النوم نظرًا لضيق المساحة.
وأوضحت أن زوجها لا يحصل على أكثر من 6 ساعات نوم كل 48 ساعة بسبب الازدحام، ما انعكس بشكل واضح على حالته الصحية والنفسية، حيث بدا عليها الإرهاق الشديد والانهيار النفسي، في أسوأ وضع رأته فيه خلال فترة اعتقاله الممتدة منذ أكثر من تسعة أشهر.
غياب الردود الرسمية رغم البلاغات
على الرغم من تقديم أكثر من بلاغ للنائب العام، إلا أن أسرة شادي محمد ودفاعه لم يتلقوا أي رد رسمي حول مكان احتجازه الحالي، أو الأسباب وراء نقله المفاجئ وحرمانه من حقوقه الأساسية.
وتقول زوجته إنها حاولت، برفقة هيئة الدفاع، التواصل مع إدارة سجن "برج العرب" والضباط المسؤولين، لمعرفة الأسباب وراء هذا الإجراء، لكن كل الأبواب أوصدت أمامهم، ما دفعها إلى الاستنجاد بالنيابة العامة، مطالبة بإنقاذ حياة زوجها.
حقوقيون يدينون "التغريب" كأداة قمع
تندد منظمات حقوقية مصرية ودولية بسياسة "التغريب"، والتي تُعد بمثابة إجراء عقابي، يتمثل في النقل القسري للسجناء السياسيين إلى سجون بعيدة، لقطعهم عن ذويهم ومحاميهم، في انتهاك صارخ لحقوقهم الأساسية.
وفي هذا السياق، يعتبر حقوقيون أن ما حدث مع شادي محمد هو امتداد لسياسة قمع الأصوات المعارضة، إذ يهدف التغريب إلى تشديد العزلة على السجناء السياسيين، وتجريدهم من أي شكل من أشكال الدعم أو التواصل مع العالم الخارجي.
المطالبات بالتحرك الفوري
في ظل هذا الوضع المتفاقم، تطالب أسرة شادي محمد ومحاموه السلطات بالكشف الفوري عن مكان احتجازه، والسماح لهم بزيارته والاطمئنان على حالته الصحية.
كما يناشد حقوقيون النائب العام بسرعة التدخل لوقف الممارسات العقابية بحق السجناء السياسيين، وضمان معاملتهم وفقًا لما ينص عليه القانون والدستور المصري.