اتهم السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، مصر بارتكاب "انتهاك خطير للغاية" لمعاهدة السلام مع إسرائيل، مؤكدًا أن القدس ستثير قريبًا المخاوف بشأن الحشد العسكري المصري.

وقال لايتر: "يتم بناء قواعد، ولا يمكن استخدامها إلا للعمليات والأسلحة الهجومية. هذا انتهاك واضح. لقد تم تجاهل هذه القضية لفترة طويلة، لكنها مستمرة. هذه قضية سنضعها على الطاولة – قريبًا وبشكل قوي للغاية".

أدلى لايتر بهذه التصريحات في أواخر الشهر الماضي خلال اجتماع مع مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، وذلك قبل اجتماع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. تم نشر فيديو لتصريحاته يوم الجمعة الماضي، لكنه أُزيل لاحقًا من المنصات الإلكترونية.

وهذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها مسؤول إسرائيلي مصر علنًا بانتهاك اتفاقية السلام من خلال توسيع وجودها العسكري في شبه جزيرة سيناء.

في الأسابيع الأخيرة، انتشرت مقاطع فيديو عبر الإنترنت تُظهر مركبات عسكرية مصرية منتشرة في شمال سيناء بالقرب من الحدود مع غزة. وبينما لا تزال مصداقية بعض هذه المقاطع غير واضحة – إذ يُقال إن بعضها قديم – فإن انتشارها الواسع جذب أيضًا اهتمام وسائل الإعلام العربية.

تناول الإعلامي المصري عمرو أديب التكهنات المتزايدة خلال برنامجه "الحكاية" على قناة "إم بي سي مصر" يوم الأحد، نافيًا الادعاءات بأن مصر تستعد للحرب مع إسرائيل. وقال: "لا أحد يريد دخول حرب، لكن إذا أجبرنا على القتال، فنحن مستعدون".

وفي الوقت نفسه، نشرت قناة "العربية" السعودية تقريرًا حول مقاطع الفيديو المتداولة، تضمن تعليقات من الخبير العسكري المصري محمد رفعت جاد، الذي صرّح بأن مصر تعزز أمن حدودها وفقًا لاحتياجات الأمن القومي والتهديدات القائمة.

وأشار جاد إلى أن التعزيزات المصرية تم نشرها بشكل دوري منذ بداية الحرب في غزة، مؤكدًا أن التحركات العسكرية في سيناء تندرج ضمن الحقوق السيادية لمصر للحفاظ على الاستقرار الداخلي. وبينما أقرّ بأن أي انحراف عن الاتفاقيات المبرمة قد يثير قلق إسرائيل، شدد على أن القاهرة لا تزال ملتزمة بمعاهدة السلام ولا تسعى إلى التصعيد في المنطقة.

وحذر وزير إسرائيلي سابق، يوڤال شتاينيتز، الذي يشغل حاليًا منصب رئيس مجلس إدارة شركة "رفائيل" للأنظمة الدفاعية المتقدمة، الأسبوع الماضي من تنامي القدرات العسكرية المصرية، مشيرًا إلى ضرورة أن تراقب إسرائيل التطورات عن كثب.

وقال شتاينيتز لموقع "واينت": "هناك بالتأكيد سبب للقلق بشأن الحشد العسكري المصري. العلاقات بين إسرائيل ومصر مستقرة حاليًا، لكن إذا أصبحنا ضعفاء يومًا ما، فسيستغل الجميع في المنطقة الفرصة".

كما سبق أن أثار دافيد جوفرين، السفير الإسرائيلي السابق في مصر، تحذيرات بشأن توسيع البنية التحتية العسكرية المصرية في سيناء. وسلط الضوء على توسع القواعد الجوية العسكرية شرق القاهرة، بما في ذلك في سيناء، ورفح، والعريش وإنشاء مخابئ ومستودعات ذخيرة جديدة ومضاعفة احتياطات الوقود وبناء سبعة أنفاق تحت قناة السويس – أربعة بالقرب من الإسماعيلية وثلاثة بالقرب من بورسعيدـ وتوسيع الطرق الرئيسية في سيناء وتحويلها إلى طرق سريعة، رغم قلة الحركة المدنية في تلك المناطق.

تأتي هذه المخاوف وسط تصاعد التوترات بين إسرائيل ومصر منذ اندلاع الحرب في غزة، خاصة فيما يتعلق بممر فيلادلفيا، حيث طالبت مصر بانسحاب القوات الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية زاد من تعقيد العلاقات بين القدس والقاهرة.

هذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها إسرائيل مصر بانتهاك معاهدة السلام لعام 1979. ففي عام 2012، نشرت مصر مقاتلات ودبابات في سيناء لأول مرة منذ حرب أكتوبر 1973، وهي خطوة اعتُبرت انتهاكًا لاتفاقيات كامب ديفيد. في ذلك الوقت، نفت مصر انتهاك الاتفاقية، مؤكدة التزامها بمعاهدة السلام.

من جانبه، كان لايتر، الذي عينه نتنياهو بعد انتخاب دونالد ترامب، من بين أبرز المنتقدين للتوسع العسكري المصري. يُذكر أن لايتر كان رئيسًا لموظفي نتنياهو خلال فترة توليه وزارة المالية، وكان يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره متحدثًا بارعًا باللغة الإنجليزية. في البداية، سعى نتنياهو لتعيين رون ديرمر سفيرًا، لكنه رفض، ثم عُرض المنصب لاحقًا على مستشاره للسياسة الخارجية، عوفير فالك، الذي رفض أيضًا.

https://www.ynetnews.com/article/skophmbcyg