يسعى كل منا للنجاح والتميز في عمله، ببذل مزيد من الجهد والمثابرة والتعلم، لكن لا يخلو أي عمل من ضغوط تؤرقنا، وربما تزداد حدتها تارة وتخف تارة أخرى، فينشغل تفكيرنا دائما بكيفية مقاومتها، ويؤدي استمرار وشدة وطأتها للإسراع بقرار يظنه البعض صحيحا؛ وهو ترك الوظيفة الحالية بحثا عن عمل آخر، ظنا أن العمل الجديد خال من الضغوط، وهذا ظن واهم، فلا يوجد عمل بلا ضغوط. وترجع ضغوط العمل لأسباب، منها: عدم توافر المهارات الفنية المطلوبة في الموظف، والتي تؤهله إلى اكتساب ثقة رؤسائه في عمله، أو ربما لعدم استطاعة الموظف التكيف مع بيئة عمله، أو محيطه الاجتماعي داخل الشركة أو المؤسسة أو المنظمة التي يعمل بها؛ نتيجة افتقاده فن التعامل مع الآخرين، كما أن انتهاج الموظف سياسة التسويف وجعلها أساس حياته العملية، تجعله دائم التأخير في إنجاز أعماله حتى تتراكم أمامه وتشق عليه، ويجد نفسه في موقف العجز عن أداء هذه الأعمال. تغيير طريقة التفكير وقد يشعر الموظف بأن المركز الوظيفي الذي يشغله أو العمل الذي يقوم به داخل المنظمة لا يرقى إلى مستوى طموحه العملي، وأنه يستحق مركزاً وظيفيًّا أعلى، وأحيانا يتعرض الموظف إلى ضغوط حياتية خارج المنظمة، ولكنه ينقلها معه إلى داخل المنظمة، مما ينعكس على أدائه في عمله. وحتى يتجاوز الموظف هذه الضغوط لابد من تغيير طريقة التفكير، هذا ما أكده رشاد اللولو خبير التنمية البشرية، والذي رأى أن الشعور بالضغط النفسي عملية تتألف من مرحلتين: أولاهما الدافع أو المحرك للشعور وهو الحدث، وثانيهما طريقة التفكير في الحدث ودور ذلك في تحفيز وإثارة الشعور والمعاناة. ووفقا لذلك، فإن طريقة التفكير هي التي تضخم الحدث أو تجعله يمر مرور الكرام، ورصد اللولو في هذا الإطار بعضا من أنماط التفكير الخاطئ مثل: اعتمادنا أسلوب المبالغة عند تعاملنا مع الحدث. افتراضاتنا السلبية تجاهه. اعتمادنا على التعميم في التعامل معه وإصدار الأحكام. القفز إلى الاستنتاجات بدون أدلة. التوقعات المستقبلية غير الواقعية. طريقة التفكير بالمثالية الشديدة. التمييز بين الأفراد وعن التمييز بين الأفراد ماديا أو معنويا، كأحد ضغوط العمل، أوضح اللولو أنه لا ينكر وجود تمييز بين الأشخاص في العمل يكون بسبب سوء الإدارة، ولكنه لا يعفي الشخص نفسه من مسئولية هذا الشعور في كثير من الأحيان؛ بسبب عدم التقييم الموضوعي لذواتنا، وإعطائها أكثر مما تستحق. ويحتاج الشخص في هذه الحالة إلى تغيير نمط تفكيره وتعديل اتجاهاته الذهنية بما يجعله أكثر موضوعية، وينصح في هذا الإطار بالتعرف على الطريقة التي يتعامل بها الأشخاص المميزون مع الإدارة، وكيف يتفهمون النظام داخل المؤسسة، بما يجلهم يحصلون على مزايا لا تتوفر للآخرين. ومن هذا المنطلق يرفض اللولو أن يتخذ الأفراد الذين يتم التميز ضدهم قرارا بقصر جهدهم على عدد محدود من الساعات ما دام أنهم لا يحصلون على مزايا يتحصل عليها زملاء لا يعملون بالقدر الكافي، وقال: “من الخطأ أن ننظر دائما لنصف الكوب الفارغ”، علينا العمل بإخلاص، فربما تتحقق بعض المكاسب الذاتية والخفية التي ربما لا تكون واضحة في الوقت الحالي. ضغوط الوقت ومن مشكلة التمييز إلى الوقت، يشكو الكثيرون من الإرهاق نتيجة كثرة أعباء العمل؛ حيث نشعر وكأننا نعمل في طاحونة تتحرك دون توقف. ولمثل من يعاني من ذلك الشعور ينصحهم اللولو: “أعيدوا تنظيم وقتكم”، بإعداد جدول بما يستنزفه كل نشاط من وقت، ومحاولة اختصاره أو إعادة ترتيبه في جدول النشاطات اليومية. وأكد على ضرورة ترتيب جدول النشاطات اليومية حسب أهميتها (الأهم فالمهم)، وقدم في هذا الإطار عشر نصائح هي: 1- اصنع قوائم بالأشياء المراد إنجازها (يوميا). 2- استثمر الساعة الهادئة (الوقت المتميز استثمره في التخطيط والتفكير). 3- اجمع المهام المتشابهة. 4- حدد الهدف وحدد تاريخ إنجاز الهدف. 5- حدد الأولويات، ورتب المهام حسب الأولوية. 6- قم بتنفيذ الأعمال الرئيسية، وفوض في الأعمال الأخرى. 7- أدر أوراقك بشكل جيد، أوراق بحاجة إلى تفويض، وأخرى بحاجة إلى إجراء سريع، وبعضها يؤجل ويحفظ في ملف، وجزء يتم التخلص منه. 8- تجنب التأجيل والتسويف والمماطلة. 9- قم بالمهام غير المحببة أولا. 10- انتبه إلى الوقت الضائع. كثرة التكليفات وتتداخل مع مشكلة الوقت مشكلة أخرى، وهي معاناة البعض من تعنت مديريه في تفويضه بكل صغيرة وكبيرة في العمل، بما يجعل الوقت غير كاف للإنجاز، وهو ما يرهقهم ويشعرهم بالضغط الذي يتزايد ليسبب حالة من الاكتئاب الشديد، ويرى اللولو أن هذا يرجع إلى ثقة المديرين بهم وهو شيء إيجابي، وقد يكون سببه أن المدير يعاني بعض الضغوط من أعلى. وينصح باتباع الخطوات التالية للتخلص من هذا الشعور:
ضع قائمة قابلة للتعديل بما يجب إنجازه كل يوم، وعليك أن تسأل مديرك عند كل تفويض بالوقت النهائي لموعد تسليم المهمة، وابدأ بتعديل القائمة على حسب الأولويات في المهام المطلوبة (الأهم فالمهم). اطلب من مديرك السماح لك بتفويض الآخرين لتنفيذ مهام يستطيعون القيام بها، وتأخذ منك وقتا لتنفيذها؛ أي أن تكون قائدا لفريق عمل وتوزع عليهم المهام (ولتكن طريقتك في الطلب تعبر عن اهتمامك بإنجاز المطلوب في أقصر وقت ولصالح المؤسسة ولا تعبر عن تذمرك من كثرة العمل). الإبداع ينتج من كثرة مزاولة العمل، وهو ما يفيد في اكتساب الخبرة والحنكة الوظيفية؛ مما يزيد من قيمتك وأهميتك في مجالك الوظيفي بشكل عام، ولدى مديريك بشكل خاص، وتصبح شخصا لا يستغنى عنه. لم تكن يوما كثرة العمل عائقا عن الإنجاز، بل العائق الحقيقي هو ما نحدث به أنفسنا، فكلما كان حديثنا للنفس سلبيا شعرنا بجبال من الهم على أكتافنا، أما إذا كان الحديث إيجابيا سنشعر بقدرتنا اللامحدودة على مجابهة الأمور والمشاكل. فكر دائما بأنك المنجز الخارق في مؤسستك، وكم من الإنجازات السابقة استطعت إنجازها؟ وبأن لديك الحلول دائما. حتى لا تفترسنا الضغوط كل هذه الضغوط، هل تستطيع تركها خلف ظهرك عند دخول منزلك؟.. الإجابة وصفة قدمها اللولو تمكننا من الفصل بين العمل والمنزل، وقبل أن يشرع اللولو في تقديم تفاصيلها، أكد أن عدم الفصل يؤدي لكثرة الضغوط التي من شأنها أن تفقد الشخص القدرة على التعامل السوي مع الآخرين، وقدم خمس نصائح للفصل، هي: نظرا لصعوبة الفصل بين العمل والبيت، فنحن لا نستطيع أن نرمي مشاكل العمل كليا خارج المنزل قبل الدخول إليه إلا بالتدرب؛ لمحاولة التخفيف من هذه المشاكل، فينصح بالسير مدة لا تقل عن ربع ساعة قبل الدخول للمنزل. علينا أن نتأكد أن الحياة أقصر من أن نعيشها بتعاسة تؤثر علينا وعلى الآخرين؛ لذلك يجب علينا أن نحرص على سؤال هام: كيف تسعد ذاتك ومن حولك؛ لأنه لا ذنب لهم فيما يحدث في العمل. لا شيء يهدئ النفس مثل الصلاة، فأكثِر منها: { ألا بذكر الله تطمئن القلوب} (الرعد:28) ، وعند السجود تمتص الأرض معظم الطاقة السلبية المختزنة في جسدك؛ مما يؤدي إلى الاسترخاء والهدوء النفسي. ابحث عن مصادر التوتر في العمل بموضوعية شديدة (ربما تكون هذه المصادر أنت السبب فيها، كعجزك عن أداء المطلوب منك في الوقت المحدد، أو سوء التنظيم داخل العمل، أو قصر الوقت، أو أنك تمارس عملا لا تحبه… إلخ). وينصح بضرورة التحلي بروح إيجابية، وأن يتكون لدينا اعتقاد راسخ بأن ما يحدث في هذا الكون هو لصالحنا وليس ضدنا.