مع التطور المتسارع في تقنيات وأجهزة تكنولوجيا المعلومات والأدوات الحديثة، ومع توفرها بشكل واسع بين مختلف شرائح المجتمع، وبالتزامن مع ارتفاع تكاليف التسجيل في مؤسسات التعليم التقليدي وتكاليف المواصلات، تبرز أهمية التحول نحو التعلّم الذاتي. هل كنت تعلم أنه يمكن للمرء أن ينهل مناهل العلم وهو جالس في منزله دون الحاجة لبذل مجهود جسدي كبير؟ في هذا المقال، سأستعرض أهمية وفوائد التعلم الذاتي، بالإضافة إلى التحديات والسلبيات المحتملة.
أهمية وفوائد التعلم الذاتي:
لا شك أن التعلم الذاتي يقدم فوائد عديدة للفرد على مختلف الأصعدة، من أبرزها:
⦁ تحديد أوقات الكفاءة: يمنح التعلم الذاتي المرونة للمتعلم لاختيار الأوقات التي يشعر فيها بالإنتاجية والقدرة على الاستيعاب، على عكس التعلم التقليدي الذي يفرض أوقاتًا محددة قد لا تناسب المتعلم.
⦁ تخصيص وقت أكبر للأسرة والهوايات: يتيح التعلم الذاتي للمتعلم تخصيص وقت أكبر للجلوس مع أفراد أسرته وممارسة هواياته، مما يعزز من جودة حياته الاجتماعية والنفسية.
⦁ توفير تكاليف التنقل: من أبرز منافع التعلم الذاتي توفير تكاليف الدورات التعليمية والتدريبية الحضورية، حيث يمكن للمتعلم الوصول إلى مصادر التعلم الرقمية بسهولة.
⦁ تعزيز قدرات البحث: يعزز التعلم الذاتي من قدرات المتعلم في البحث والتحري عن المعلومات، مما يزيد من كفاءته في تنظيم وتوظيف المعطيات بشكل منهجي.
ميادين ومجالات التعلم الذاتي:
يمكن للمتعلم أن يبني مسار تعلمه الخاص في مجال واحد أو أكثر من مجالات شتى، أهمها:
⦁ تعلم لغة أجنبية: يمكن للمتعلم اختيار اللغة التي يشعر بأنها تخاطب ذوقه واهتمامه وربما أهدافه على المدى القريب أو البعيد.
⦁ الإبحار في عالم البرمجة: كتابة الشيفرات البرمجية وخلق الحلول الخوارزمية في حل المشاكل الرياضية والمنطقية، أو تصميم مواقع الشبكة العنكبوتية والمدونات الشخصية والمتاجر الإلكترونية، أو حتى صناعة تطبيقات الحاسوب أو الهاتف النقال.
⦁ تعلم صناعة المحتوى الشخصي أو الترويج لمنتج شخصي: العالم الرقمي يضم العديد من مصادر التعلم التي لا تُعد ولا تُحصى، من مواقع إلكترونية أو تطبيقات إلكترونية جاهزة تعج بالأدوات والوسائل والأساليب الباهرة المتنوعة التي تخلق للمتعلم الدافع لكي يترجم موهبته أو يعلن عن منتجه في ذلك العالم الواسع.
⦁ متابعة الدروس المدرسية أو الجامعية: عبر إنشاء عضوية وحساب شخصي على الموقع الإلكتروني أو تطبيق الهاتف المحمول للمدرسة أو الجامعة المعنية، ومشاهدة دروس المنهاج التعليمي المصورة وقراءة المكتوبة منها والاستماع إلى المسموعة، بعد أن تكون إدارة تلك المؤسسة التعليمية قد رفعت تلك المحتويات والمناهج على منصتها الرقمية.
تحديات التعلم الذاتي وسلبياته:
⦁ تضاؤل العلاقات الاجتماعية: من أبرز التحديات التي تواجه المتعلم الذاتي هو الحد من التواصل الاجتماعي والاحتكاك بالآخرين، مما قد يؤدي إلى عزلة اجتماعية.
⦁ مضار صحية: الاعتماد الكبير على الأجهزة التكنولوجية قد يؤدي إلى مشاكل صحية مثل ضعف البصر وزيادة التوتر والقلق، بالإضافة إلى قلة الحركة التي قد تؤثر سلبًا على الصحة الجسدية.
عواقب انتشار التعلم الذاتي:
من المؤكد أن تزايد عدد الأفراد الذين يتجهون نحو التعلم الذاتي سيؤدي إلى تحول كبير في المؤسسات التعليمية، حيث ستزداد الجهود نحو تحويل المناهج الدراسية إلى الصيغة الرقمية، مما قد يؤدي إلى تقليل عدد أعضاء الهيئة التدريسية وتخفيض التكاليف التشغيلية لهذه المؤسسات.
ختامًا:
يمكن القول إن التعلم الذاتي يقدم فوائد عظيمة، من تحرير المتعلمين في تنظيم أوقاتهم وتوفير التكاليف، إلى تقليل العبء على المؤسسات التعليمية. ومع ذلك، يجب الانتباه إلى تحدياته مثل العزلة الاجتماعية والمشاكل الصحية المحتملة، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لضمان تجربة تعليمية متوازنة وصحية.