يا شعب مصر البطل، يا من قمت بثورة سلمية رائعة أذهلت العالم، ووضعتك فى الموضع اللائق بك، كشعب صانع للحضارة قبل أن يعرف العالم معنى الحضارة.

يا كل رجل وامرأة وشاب وشابة حانت اللحظة الحاسمة لجنىأعظم ثمار هذه الثورة والوصول إلى حالة الاستقرار تمهيداً لمسيرة البناء والنهضة، وهى لحظة انتخاب رئيس لمصر بالإرادة الشعبية الحرة، وهى اللحظة التى انتظرناها طويلاً، فماذا نحن فاعلون؟

 

 إن أصواتنا أمانة وشهادة لا يصح مطلقاً أن نكتمها {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴿283﴾}[البقرة] لذلك لا يجوز أن يقاطع أحد منا الانتخابات تحت أى دعوى {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّـهِ}[الطلاق : 2]

 

 كذلك يجب أن نختار الأصلح وفقاً للمعايير الوطنية والأخلاقية فالثورة قامت وقدمت الشهداء والضحايا للقضاء على نظام حكمنا بالقهر والظلم فى ظل قانون الطوارئ واعتقل وعذب وسجن الآلاف، وزور الانتخابات، ونهب الأموال وأراضى الدولة، وباع القطاع العام لأذنابه بأبخس الأثمان، وأفقر الملايين وأمرض الملايين وشرع فى توريث الحكم، فلنختار من وقف مع الثورة ويسعى لتحقيق أهدافها.
 

 

 كذلك ينبغى ألا نتأثر بالشائعات وألا نصدق الذين ينشرون الأكاذيب والمفتريات عملاُ بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴿6﴾}[الحجرات]
 

 

 إذا كان هناك من يريد ان يشوه هذه الانتخابات عن طريق التزوير بشراء الأصوات بالمال الحرام أو بغير ذلك من الوسائل فثقتنا أن أفراد الشعب المصرى لن يقبلوا هذه الرشوة لأنهم لا يأكلون الحرام ولا يفرطون فى مستقبل البلاد والأجيال، كما أنهم لن يضعوا أنفسهم تحت طائلة القانون ولن يعرضوا أنفسهم للعنة الله ( لعن الله الراشى والمرتشى والرائش بينهما ) .
 

 

 لقد كان الدعاء ومازال وسيظل يشق عنان السماء فى انتظار الإجابة التى وعد الله بها فى قوله " وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين " نرجو الله أن يكون قد حان حينها، لذلك ندعو الله ونحن موقنون بالإجابة أن يولى علينا خيارنا وألا يولى علينا شرارنا، وأن ينقذنا ممن لا يخافه فينا ولا يرحمنا .
 

 

 إن من حسن الطالع ويمن الموافقات أن تتم الانتخابات فى ليلة الإسراء والمعراج التى كانت آية من آيات الله الكبرى جاءت بعد محنة وكانت بشارة للنبى وصحبه، فلنثبت للدنيا كلها أننا أهل لتقديم آية على أن الشعوب التى استضعفت طويلاً فى مقدورها أن تطيح بالطغاة وأذنابهم وأن تنتخب من يصلح لحكمها ويحقق أهداف ثورتها من أبنائها وأبناء ثورتها فى رقى وتحضر واحترام بين كل التيارات والاتجاهات، فالثورة ثورة الجميع والوطن وطنهم والبرلمان والدستور والجيش والشرطة والقضاء كلها مؤسسات الشعب المصرى كله.

 

 

وفى الختام اود توجيه رسائل موجزة:
 

 

للإخوة الأقباط : أنتم إخوة مواطنون كرام، كل إصلاح للوطن هو إصلاح لجميع المواطنين مسلمين ومسيحيين، وكم عانينا جميعاً ( أنتم ونحن ) من الفتن الطائفية والتفرقة فى المعاملة التى كان يتبعها النظام البائد، ولا ريب أنكم حريصون على عدم إعادته مرة أخرى إلى السلطة، لذلك نتوقع منكم تغليب المصلحة العليا للوطن على غيرها .
 

 

الإخوة القضاة: أنتم ميزان العدل وأنتم أهل الحق وأسباب الاستقرار، وقد جعل الله بين أيديكم إقامة إرادته، لذلك نتوقع منكم إدارة العملية الانتخابية بمنتهى الأمانة والصدق وبالقسطاس المستقيم، كما تعودنا منك دائما، وقلوبنا معكم ودعاؤنا لكم والله يتولاكم.
 

 

 الشرفاء من المواطنين: أنتم عيون الشعب وحراس إرادته ومن ثم نأمل ألا تسمحوا بأى محاولة للتزوير لأنه إهدار لإرادة الشعب وتضييع لحاضره ومستقبله وليعلم المزورون أن القانون يجرم التزوير ويعاقب عليه وأن الله عز وجل فى الآخرة سوف يدين المزورين وينزل بهم عقابه لأن شهادة الزور من أكبر الكبائر ( ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور) .
 

 

 إخواننا أفراد الجيش والشرطة: أنتم المؤتمنون لحماية العملية الانتخابية فاحرصوا على أداء واجبكم بأمانة، ولتلتزموا بالقانون فى تعاملكم مع الناخبين فى ظل الإخوة الوطنية ولتعلموا أنه لا يحق لكم الإدلاء بأصواتكم في الانتخابات وفقا للقانون .

 

حفظ الله مصر وأعزّها وأعز أهلها إنه ولى ذلك والقادر عليه

 

{وَلَيَنصُرَ‌نَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُ‌هُ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿40﴾ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْ‌ضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُ‌وا بِالْمَعْرُ‌وفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ‌ وَلِلَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ‌ ﴿41﴾}[الحج]
 

 

أ.د. محمد بديع

 

المرشد العام للإخوان المسلمين

 

22 من رجب 1433هـ الموافق 12 من يونيو 2012م