يحرص كل من الآباء والأمهات على تنشئة أطفالهم بشكل سليم وصحي قدر الإمكان، لكن تظل بعض الأخطاء التربوية التي قد يقترفها الآباء دون قصد والتي تؤثر على تنشئة أطفالهم، فتنشئة طفل سوي نفسيًا يشير إلى التربية السليمة التي تلقاها من أسرته، وأي تقصير أو خطأ يرتكب تكون نتيجته أطفال غير أسوياء وغير سعداء أيضًأ.

يقول الكاتب كونستانتين لوكين، في مقال نشرته مجلة (سايكولوجي توداي) الأميركية: «إن هناك إجماعا على أن الأبوّة والأمومة مهمتان في غاية الصعوبة».

وكطبيعة البشر وضغوط الحياة قد يقع الآباء والأمهات في بعض الأخطاء في تربية أبنائهم في مختلف مراحل عمرهم ومن هذه الأخطاء:

التشاجر أمام الأطفال

بالطبع ليس هناك بيت يخلو من المشاكل والنزاعات، ضغوط الحياة والمسؤوليات التي لا حصر لها، وكثيرًا ما يغفل الآباء والأمهات التأثير النفسي لهذا الشجار على الأبناء والذي يؤثر ذلك بالسلب على شخصياتهم، وقد يؤدي ذلك إلى تنشئة طفل منعزل يرى العالم مكانًا مخيفًا مليئًا بالصراعات.

الثناء على جميع التصرفات

بعض الآباء يشجعون أطفالهم بالثناء على أي تصرف يقومون به حتى لو كان ذلك التصرف بسيطًا أو بديهيًا؛ اعتقادًا منهم بأنهم يشجعون الطفل على تكرار هذا الفعل، ولكن الإفراط في هذا الأمر يجعل الطفل محبًا للثناء وينتظر الشكر دائمًا من الآخرين مما يجعل دافع الطفل في القيام بالأعمال الجيدة هو المادة.

المساعدة الزائفة

إن كل مساعدة زائدة نقدمها للطفل هي في الحقيقة عقبة في طريق تطوره، طفلك الآن ينمو في طريقه ليصبح فردًا مستقلًا في المجتمع، وكل ما يحتاجه هو أن يكتسب تلك الاستقلالية التي سيعيش بها حياته، لا أن تمارس أنت استقلاليته بدلًا منه، فلا داع لأن تربط عنه حذائه بل علمه كيف يربطه لنفسه وغيرها.

كل شيء في أوانه أحلى

كل مرحلة عمرية من حياة الطفل لها متطلبات خاصة تدعم نموه وتطوره، فالطفل الصغير مثلًا يحتاج للانطلاق واللعب بحرية لدعم تطوره الجسدي، والأكبر سنًا يحتاج لتحديات ذهنية تدعم نموه العقلي، والأكبر يحتاج لخبرات اجتماعية تدعم نموه النفسي... إلخ، وحين تقحم متطلبات مرحلة متقدمة في مرحلة ابتدائية فإنك كمن يطعم اليرقة رحيق الأزهار بدلًا من أوراق الشجر بدعوى إعدادها لما ستواجهه حين تتحول لفراشة!

مقارنة الطفل بغيره

سواء أصدقائه أو أقاربه أو أخواته من الأمور التي تشوه شخصية الطفل، وتفقده ثقته بنفسه، وتُشعره بالنقص، فلكل طفل مهاراته وقدراته الخاصة التي تجعله مميزًا عن غيره ويكمن دور الآباء في مساعدته على اكتشاف ما يميزه لا ما يجعله مجردة صورة من أطفال آخرين.

الإهانة اللفظية أو الجسدية

بالرغم من العديد من التحذيرات المتكررة من خطورة اللجوء إلى السُباب أو الضرب كأسلوب لتقويم سلوك الطفل، إلا أن العديد من الآباء يلجئون إلى هذا السلوك الذي لا يُساعد في غرز أي قيمة تربوية على الإطلاق، بل على العكس يؤدي إلى تشويه نفسية الطفل وتربيته على الخوف مما يُضعف ثقته بنفسه فضلًا عن أن الضرب يُعالج المشكلة ظاهريًا وبصورة مؤقته دون فهم حقيقي لاحتياجات الطفل النفسية.

عقِّب ولا تعاقب، وليتحمل العواقب

حين تعاقب طفلك على خطأ ما، وتشعر بعدها أنك قد شفيت غليلك منه فاعلم أنك إنما عاقبته لتنتقم ولم تعاقبه لتربيه.

أخطاء الطفل هي فرص للتعلم، ونحن نتطلع إلى أن يفكر الطفل مستقبلًا في كيفية تجنب الخطأ، وليس في كيفية تجنب العقاب، لذلك فطريقة تعاملنا مع أخطاء الطفل يُعول عليها الكثير في رحلتنا التربوية معه.

الطفل الذي توبخه أمه وتعنفه لأنه لم ينهِ وجبة غدائه، قد يتخلص منها في القمامة في المرة القادمة ليتجنب العقاب، وبذلك تفاقمت المشكلة. في حين أنه يمكنها التعقيب على ذلك الأمر بأن وجبة العشاء تتأخر وأنها تخشى أن يجوع حتى ذلك الحين، وتتركه ليتحمل الجوع نتيجة اختياره إذا اختار ألا يتناول وجبته، وفي المرة المقبلة سيكون قد تعلم درسه.

تضارب أفعال وأقوال الوالدين

قد يحدث نوع من التضارب بين أفعال الوالدين والأقوال التي تصدر منهم للطفل، حيث يقوم الأبوين أحيانًا بأفعال قد يطلب أحدهم من الطفل الابتعاد عنها، وهذا ما يتسبب في حيرة الطفل، ولذا ينصح الخبراء الآباء بعدم مطالبة الطفل بالتوقف عن شيء وأحدهم يفعله، حيث إن هذا يبدو تناقضًا، كما يجعل الوالدين قدوة سيئة للأبناء.

آباء الطائرة المروحية

خلال فترة المراهقة، يصبح الأطفال أكثر ميلا إلى الاستقلالية، مما يعتبر أمرا إيجابيا لنموهم، وقد يرغب المراهقون في قضاء مزيد من الوقت مع أصدقائهم بدلا من والديهم، وقضاء عطلات نهاية الأسبوع خارج المنزل، ومن الطبيعي أن تشعر بالقلق نوعا ما عندما يكون طفلك غائبا عن ناظريك، إلا أن منعه من ممارسة الأنشطة التي يفضلها بمفرده سيكون له أثر سلبي على نفسيته.

ويسمى الوالدان بـ(آباء الطائرة المروحية) حين يرغب أحدهما بالمشاركة في حياة طفله بجميع تفاصيلها، ولكن قد يدفع هذا التصرف الطفل إلى الاعتقاد بأنه عاجز عن الاعتماد على نفسه، مما يتسبب في إصابته بحالة من الفزع.

لذلك ينبغي على الوالدين السماح لأطفالهم بارتكاب الأخطاء شرط أن تكون في حدود المعقول؛ حتى يتسنى لهم اكتشاف خبايا الحياة بمفردهم.

الانشغال بالهاتف

الانشغال الدائم بالهاتف الذكي للرد على رسالة أو الاطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي، أثناء قضاء الوقت مع الطفل، يجعله يشعر بعدم أهميته وربما يدفعه هذا للقيام بتصرفات غريبة لكسب اهتمامك.