عمرو الشيمي


عشقت الأحلام منذ صغري خاصة تلك الأحلام المبهجة السعيدة، مرت سنوات الطفولة سريعة ، وأقبلت أيام الشباب.


زادت رغبتى فى الحلم ، حلمت بأشياء أكثر من رائعة لا أعرف سببا واضحا لشغفى بتلك الأحلام ؛ ربما لأنى أحب الأمل وأعشق التفاؤل ،أو قد تكون محاولة منى للهروب من واقع بائس أعيشه أنا وأبناء جيلي .


لا أخفيكم سرا أن اليأس كان ينتابنى أحيانا لكنى لم أستسلم يوما ، وظللت أحلم. لم تكن أحلامى كلها أنانية ، فكما حلمت لنفسي حلمت لوطني ، حلمت بشوارع نظيفة ، ووظائف مرموقة ومجتمع متقدم وراق، ودولة قوية وأبية ،ترفض الظلم،وتقيم العدل .


حلمت بصوت يسمعنى ، ويد تشجعنى ، حلمت ألا أعيش كالملايين التى عاشت وماتت تحت ظلم محتل أو استبداد حاكم أو تسلط مملوك عشقت الحرية وعلمت أنها سبيل الإبداع والتقدم. ذهبت فى زيارة لأحد الأصدقاء طرقت الباب فتح لي صديقي بترحاب شديد ، ثم فأجانى بقوله : زين العابدين هرب. لم أشعر بنفسي إلا وأنا أحتضنه شعرت بسعادة غامرة فالمدعو بزين العابدين كان القرين والمماثل لمبارك كان أحدهما يتلمس خطى الآخر فى القهر والتسلط والتوريث تمنيت أن يلقى القرين مصير قرينه.


اشتدت وتيرة الأحداث فى مصر ،وبدأ البعض يشعل النيران فى نفسه معبرا عن يأس واحتقان أصاب أبناء المحروسة ، لم يكن هذه المرة بسبب المحتل الغاصب،بل بسسب بنى جلدتنا ممن تسموا بأسمائنا وانتسبوا إلى ديننا . اشتعلت نيران الثورة فى مصر نيران أشعلتها سنوات الفقر والجهل والمرض الذى أنهك جسد المحروسة.


بدأت أسال نفسي هل يمكن لأحلامك أيها الفتى أن تتحقق ؟! مرت ثماثية عشر يوما كأنها حلم بالفعل تعالت فيها صرخاتنا فى الميادين معبرة عن جيل ظمآن يريد أن يرتوى بتحقيق أحلامه ورغباته.اكتشفت أن ملايين الشباب كان لديهم نفس الحلم . تنحى الفرعون.تنفسنا الصعداء فى تلك اللحظة شعرت بأن حلمى دبت فيه الحياة وأنه أصبح أقرب ما يكون إلى الواقع. بدأنا نلمس أحلامنا ، شعرنا بدفئها وحرارتها كتبناها فى الشوارع ،ورسمناها على الحوائط . آن لنا أن ننتشى ، وآن لنا أن نفرح فما هى إلا سنوات وستصبح أحلامنا حقيقىة .


لم تكتمل سنوات ثلاث إلا وأفقنا على... كابوس لقد تحول الحلم إلى كابوس مرعب ومخيف بل لم يعد حلما مرعبا وإنما أصبح واقعا ملونا بالدماء فارقتنى أحلامى فمجرد تذكرها يؤلمنى قررت التقاعد والتوقف عن الأحلام والتعايش مع الواقع البائس . جلست أتناول الشاي على قهوة تطل على ميدان فسيح . نظرت حولي وجدت الكثير ممن بيض الشيب رؤوسهم تتعالى ضحكاتهم وكأن شيئا لم يكن ! بدأت أرتشف الشاى وقعت عيناي على حائط فى الميدان مكتوب عليه باللون الأحمر"يا من قتلتم فينا كل شئ حتى أحلامنا فلم نعد نراها شكرا لكم".
 

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع