بقلم : مجدي مغيرة

 

عندما تسود العبثية ، ويغيب العقل والمنطق ، بل عندما نعيش عصر ما بعد العبثية تصير الأمور كما أرويها لكم في الأمثلة الآتية :

1- شاب يجلس في بيت أبيه ، يُصْلح من شأن غرفته ، ويرتب أوضاعها ، ويزين جدرانها ، وأتاه حارس المنزل الذي يتقاضى أجرا كبيرا مقابل الحفاظ عليه وعلى من يسكن فيه ، وطلب منه عدم فعل ذلك ؛ وإلا ......

كما هو متوقع استخف الشاب بتهديد الحارس ، لأنه يطلب أمرا ليس من حقه ، بل هو حق أصيل للشاب لا يجوز للحارس و لا لغيره أن يمنعه أو حتى يسأله لم تفعل ذلك .

يدخل الحارس الغاضب على الشاب بسلاحه .

يفرغ خزنة رشاشه في الشاب .

تطلق أمُّ الشاب زغرودةً فرحاً بمقتل ابنها ، وترقص للقاتل احتفالا بإنجازه يخرج والد الشاب من غرفة نومه هاتفا بحياة الحارس الذي خلصه من صداع ضناه .

يطلب الحارس من الوالدين أن يخرجا من البيت ويتركاه غنيمة باردة له ؛ فيستجيبان ويعلقان على ذلك بقولهما : مش مهم ....المهم إنه خلصنا من صداع ابننا .

2- يسأل أحدهم شيخ المسجد هل يُثابُ الرجلُ إذا جامع زوجته ؟ فيجيبه شيخ المسجد : "نعم ، إذا كان الرجل يأثم إذا جامَع في الحرام ، فكذلك يُثاب إذا جامع في الحلال " .

يخرج الرجل بعد أن اطمأن لفتوى شيخ المسجد ، وينادي على امرأته وهو في الشارع ، فتأتيه زوجته في الشارع ؛ فيطلب منها خلع ملابسها ؛ ليجامعها .

تندهش المرأة وتذَكِّر زوجها بالحياء ، وبالعيب ، وبالفضائح ، و..... و......و......... .

يستنكر الرجل على امرأته لحرمانها إياه حقا من حقوقه .

ويأتي الأولاد ويعتبون على أمهم تحَجُّرَها وتخلف عقلها ، وقسوة قلبها حينما منعت والدهم حقاً من حقوقه .

يندهش رجلٌ يعبر الشارع مما رأى وسمع ؛ فينكر على الرجل وأولاده.

فيرد الزوج أن ذلك حق من حقوقه ، يفعله في أي مكان ، وفي أي زمان.

ويرد الأولاد على الرجل قائلين : طالما أن ذلك حق من حقوق أبينا ، فلم التستر والاختباء ؟ !

عند ذاك أثنى أدعياء العقل وأدعياء الحكمة وأدعياء الفهم وأدعياء الانفتاح وأدعياء الثقافة على الرجل وبنيه ، معللين ذلك أن الحلال لا يجب إخفاؤه ، بل من حق الرجل أن يمارسه علنا ، ومن حق الناس أن تشاركه بالفرح له وبالاستمتاع برؤيته وهو يمارس حقه .

3- بينما الرجل جالس في بيته ، إذ يأتيه غريبٌ ، ويقدم له مبلغا كبيرا من المال مقابل أن يعطيه زوجته ليستمتع بها ؛ فيوافق الرجلُ على الفور ، معبرا عن فرحته الشديدة بالمال .

تستنكر المرأة فعل زوجها .

ويغضب بعض الأولاد لفعل أبيهم ؛ فيرد على الجميع بالسب والشتم والاتهام بالجهل وقلة الفهم .

ثم يشرح لهم أنه فعل ما فعل ليس لنفسه ، بل لتلك الزوجة العاصية ولهؤلاء الأولاد العاقين ؛ فيصفق له بعض أولاده ، ويثني على عبقريته بعض من نَصَّبوا أنفسهم أوصياء على الزوجة والأولاد .

 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها فقط ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع