"الحرم الجامعى" اسم استمد قدسيته من قدسية رسالته وحرمة من فيه،فهو المكان الذي يهيئ الشباب المصرى ليشارك فعليا فى نهضة بلاده، لذلك تم تسميته " حرما " ليكتسب قداسة وإجلال تقديرا لدوره فى بناء مستقبل الوطن.


وعلى مدار التاريخ الحديث شهد حرم الجامعات المصرية فكرا ووعيا سياسيا شارك فى تشكيل الوعى السياسي لدى الشباب، بداية من دورهم مواجهة الاحتلال الإنجليزى لمصر، ومرورًا بتظاهرات الطلاب المؤيدة لسعد زغلول بعد نفيه لجزيرة مالطة وأحداث ثورة عام 1919.

 بل إن حرم جامعة القاهرة كان وفى عام 1948 مركزا للتدريب على حمل السلاح لتهيئة الشباب لخوض معركة تحرير فلسطين ، ومنها دورالطلاب فى تظاهرات الجامعات إبان حرب 1967 فضلًا عن التظاهرات المطالبة بالحرب لاسترداد سيناء حتى عام 1973.


الطلاب ومناهضة الانقلاب



 
وعندما تم إغتيال إرادة الشعب المصرى فى إنقلاب الثالث من يوليو لعام 2013 م ؛ انتفض طلاب الجامعات المصرية فى كل محافظات مصر ليشكلوا حراكا ثوريا مشتعلا ألهب روح الثورة وأمدها بدماء جديدة سرت فى عروقها وارتفع شعار "الطالب هو الحل".

ومن هنا بدأ اﻹنقلابيون يتخوفون من تلك الثورة الشبابية المشتعلة فى كل جامعات مصر، وبدأت صياغة القوانين لمواجهة الحراك الطلابي.

وبدأوا يعدون السياسات التعسفية للمواجهة والتى اتخذت أشكالا متعددة وهذه الإجراءات القمعية تؤكد كافة القانونيين على بطلانها وعدم قانونيتها ؛ إذ أنها تخالف القوانين العالمية التى وقعت عليها مصر؛ مثل القانون العالمى لحقوق الإنسان، والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية.


قمع ممنهج



وتمثلت السياسات القمعية فى عدة إجراءات يمكن تلخيصها فيما يلى : - اﻹستعانة بالبلطجية لمواجهة الطلاب داخل الجامعة وقمع حراكهم، ومنح الضبطية القضائية لأمن اﻹدارى بالجامعة، إضافة لفض التظاهرات بالقوة بل وإطﻻق الخرطوش والغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص الحى عليهم داخل الحرم الجامعي، واﻹعتقالات العشوائية للطلاب سواء داخل الجامعة أو فى المدن الجامعية أو حتى من منازلهم ومن أبرز المعتقلين كريم ياسر -الطالب بالفرقة الثالثة بكلية علوم الإسكندرية ويشغل منصب نائب رئيس اتحاد الطلاب من داخل الجامعة.

واستمر مسلسل القمع ليصل للفصل التعسفى للطلاب المشاركين فى التظاهرات وكان أخرها فصل 400 طالبة من جامعة القاهرة،والمواجهة البوليسية للطلاب داخل حرم الجامعة وتصفية بعضهم،والتضيق على طﻻب المدن الجامعية وإقتحامها بشكل دائم،وتأجيل الدراسة بجامعة اﻷزهر لمدة تزيد عن الشهر.

واستعانوا بشركة فالكون للأمن لقمع الحراك الطﻻبى، وضع بوابات الكترونية على أبواب الحرم الجامعى وتفتيش الطﻻب بشكل غير مقبول ،وسن القوانين التى تحرم التظاهر داخل الجامعة وحتى الحديث فى السياسة بين الطلاب،وإعادة الحرس الجامعى الذى كان قد تم إلغاؤه فى أعقاب ثورة يناير والذى تمثل عودته من جديد عودة لعصور تكميم اﻷفواة ومصادرة الحريات . ونتيجة لتلك اﻹجراءات القمعية تم إعتقال أﻻف الطلاب وأصيب اﻷﻻف واستشهد فى حرم الجامعات العشرات .


منظمات طلابية


 
وكشف “مرصد طلاب حرية” - الذي دشنه نشطاء من طلاب الجامعات المصرية، لجمع معلومات دقيقة عن أعداد القتلى والمصابين والمعتقلين من الطلاب والطالبات الرافضين للانقلاب - فى إحدى اﻹحصائيات عن استشهاد 177 طالبا وطالبة ، واعتقال 1165 طالبا وطالبة، بخلاف إصابة المئات من الطلاب وتعذيبهم داخل السجون.. وذلك فقط منذ 3 يوليو وحتى 19 فبراير الماضى .

وفى تقرير لمركز دولى جاء فيه : " 594 سنة سجنًا و3 ملايين و860 ألف جنيه كفالات حصاد الأحكام الجائرة ضد الطلاب ، وأن الممارسات القمعية ضد الطلاب زادت الحراك الطلابي قوة وتعددت على مدار عام وسائل الانقلابيين القمعية ضد طلاب الجامعة والتي تنوعت ما بين قتل واعتقال وفصل تعسفي واختطاف وإصدار أحكام قضائية ظالمة.

 حيث بلغ عدد شهداء طلاب الجامعات الذين استهدفهم الانقلابيون بالقتل 879 طالبا، كما بلغ عدد الطلاب المقبوض عليهم والمُلاحقين قضائيًا 2129 طالبا وطالبة، حظيت جامعة الأزهر بالنصيب الأكبر 690 معتقلًا و74 شهيدًا، وتلتها جامعة القاهرة بـ 22 شهيدًا و139 معتقلًا، ومن جامعة عين شمس 11 شهيدًا، وجامعة حلوان 8 شهداء و21 معتقلًا، و3 شهداء و64 معتقلًا بجامعة المنصورة، و5 شهداء و59 معتقلًا بجامعة الإسكندرية، و8 شهداء 82 معتقلًا جامعة الزقازيق، 3 شهداء و69 معتقلًا بجامعة المنوفية، و6 شهداء و21 معتقلًا بالقناة. 

ولم يكن الطالبات بمنأى عن هذه الممارسات القمعية، فبحسب ما كشفه "مرصد طلاب الحرية" والذي أكد أن عدد المعتقلات من طالبات جامعة الأزهر، بفروعها المنتشرة في مصر، بلغ 98 معتقلة، من بينهن 35 طالبة تم القبض عليهن من داخل الحرم الجامعي بفرع القاهرة بمدينة نصر شرق القاهرة. 

وذكر التقرير أن طالبات جامعة الأزهر تعرضن أيضًا لاعتداءات جسدية وانتهاكات غير إنسانية،وبينت الإحصائية تصدر جامعة الأزهر جامعات مصر فى عدد شهدائها ومعتقليها حيث بلغ عدد شهداء الأزهر 78 شهيدا ، وعدد المعتقلين 352 معتقلا، تلتها جامعة القاهرة من حيث عدد الشهداء حيث استشهد منها 21 طالبا، وجامعة المنصورة من حيث المعتقلين فبلغ عدد معتقليها 159 معتقلا" .


طلاب شهداء


 
وبتسليط الضوءعلى بعض من استشهد من الطلاب داخل حرم جامعاتهم، نجد الطالب عمر الشريف، الطالب بكلية الهندسة، وتوفى متأثرًا بإصابته بطلقات خرطوش في الرأس والعين، على يد قوات الأمن في أحداث كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية


 الطالب اسلام غانم ، الطالب بكلية الهندسة جامعة القاهرة واستشهد يوم 20/5/2014 برصاص داخلية اﻹنقلاب
محمد أيمن عبد العزيز طالب الفرقة الثالثة كلية الحاسبات والمعلومات جامعة عين شمس؛ استشهد الأربعاء 15 مايو 2014 اثر تلقيه رصاصة حية داخل الحرم الجامعي لجامعه عين شمس على أيدي قوات الأمن.

عبداللطيف خليفة عبداللطيف ، الفرقة الاولي كلية زراعة فى يوم 26 ديسمبر 2013 اسفر اقتحام قوات من الشرطة للمدينة الجامعية باﻷزهر عن قتل الطالب متأثرا بإصابته بالخرطوش في الوجه والصدر ، واعتقال 10 طلاب من محيط المدينة الجامعية .

وكان أخر هؤلاء الشهيد أنس المهدى : الطالب بكلية طب العلاج الطبيعي جامعة القاهرة والقيادي بحركة طلاب ضد الانقلاب وقد توفى على إثر إصابته بعد اعتداء مليشيات الانقلاب العسكرى على طلاب جامعة القاهرة فى 19-4-2015 الماضى  وظل فى غيبوبة لمدة 27 يوما ثم ارتقى شهيدا .


و يوضح د.أحمد مهران - أستاذ القانون العام بأكاديمية التحكيم الدولى - فى توصيفه لمدى قانونية التظاهرات الطلابية ، " إن تلك التظاهرات تأتى فى ضوء ما وقعت عليه مصر وفق الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، ومن ثم تكون هذه التظاهرات متفقة مع ما التزمت به مصر دوليا وأقرته وصدقت عليه فى اعترافها لمواطنيها بالحق فى التعبير عن الرأى كأحد الحقوق الدستورية التى لا تسقط أو تعطل بسقوط الدساتير أو تعطيلها". 

ويضيف "تبرئة الطلبة من هذه التهم أصبحت أمرا لازما لكن ربما يتأخر هذا القرار لحين الانتهاء من الظروف الحالية"، مشيرا إلى أنه كى يتم حماية الطلبة من الاعتقال ينبغى الإقرار والاعتراف أولا بحقهم فى التظاهر كإحدى آليات ووسائل التعبير عن الرأى باعتباره من الحقوق الدستورية اللصيقة بالشخصية التى يتمتع بها كل مواطن مصرى. 
 
المصدر : شبكة نبض النهضة