لا تزال سلطة الانقلاب تمارس سياساتها في تصفية المعتقلين المعارضين لها داخل السجون، من قتل وتعذيب ومنع الزيارة وسوء المعاملة والحرمان من تلقي العلاج وغيرها من الانتهاكات، آخرها قرار أمن الدولة العليا أمس بمنع الزيارة في سجن العقرب لأجل غير مسمى، لتصبح أشبه بالمقابر الجماعية.

سجن العقرب أحوال المعتقلين بسجن طره خاصة المعتقلين السياسيين والإسلاميين بالعقرب تسوء يوما بعد الآخر إذ تمارس ضدهم عمليات تضييق ممنهجة، منذ قدوم اللواء مجدي عبد الغفار وزيرا للداخلية خلفا للواء محمد إبراهيم.
 
أكدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات أمس السبت، أن نيابة أمن الدولة العليا الانقلابية أعلنت اليوم، غلق الزيارات في سجن العقرب لأجل غير معلوم. وبشهادات ذوى المعتقلين قامت إدارة السجن بتجريد المعتقلين من كل شيء بما في ذلك المصاحف والأدوية والكتب والبطاطين إلا ملابس السجن الميري الصيفية، إلى جانب نقل عدد كبير منهم في عنابر الانفرادي والتعذيب وضربهم داخل عنبر H4، بالإضافة إلى التضييق على أهالي المعتقلين خلال الزيارات وإساءة معاملتهم وتفتيشهم بشكل مهين وتم منع دخول كميات الأطعمة في الزيارات والاكتفاء بوجبة واحدة فقط.
 
وإلى جانب ذلك قامت إدارة السجن بإغلاق "الكانتين" الخاص بالسجن وتفريغ محتوياته بدون سبب معلن على الرغم من أن المحبوسين لهم أرصدة مالية في الأمانات سجن أبو زعبل، وفي خطوة تضييق جديدة من قبل إدارة أبو زعبل، نُقل أغلب المعتقلين السياسيين للعنابر الموجودة في بدروم السجن، وُوضع ما يقارب الـ35 سجينا داخل زنزانة ضيقة، بداخلها حمام، مغلق بستارة صغيرة لحجب الرؤية في أثناء قضاء الحاجة، وممتلئة بكل أنواع الفئران والحشرات.
 
لا يرى المعتقلون الشمس، ولا يسمح لهم بالتريض إلا مرة خلال ثلاثة أيام وقد تصل لأسبوع، لمدة ساعة أو أقل، وذلك داخل طرقات العنابر، دون النزول للتريض الكامل. وتنتشر الأمراض الجلدية بشكل غير طبيعي داخل أبو زعبل بسبب عدم فتح الزنازين، كما نُقلت حالات كثيرة لعنابر العزل الصحي، ورغم ذلك إدارة السجن ترفض علاج المعتقلين، فضلا عن أن السجن يرفض إخلاء سبيل السجناء الحاصلين على عفو صحي من قبل النائب العام.
يتم التفتيش الدوري للعنابر بشكل مستفز، ومن يعترض يتم الاعتداء عليه بالضرب من قبل عساكر الأمن المركزي. وتمنع إدارة السجن دخول الأطعمة بكل أنواعها للمساجين، بزعم أن طعام السجن يكفي، وتقوم بمصادرة تلك الأطعمة.
وإلى جانب هذا منعت مصلحة سجون أبو زعبل، دخول الملابس المدنية للمعتقلين، وإجبارهم على ارتداء الملابس الميري، وأيضا يواجه أسر المعتقلين معاملة سيئة خلال الزيارات تصل للتعدي اللفظي والبدني والتحرش بحقهم والتفتيش المهين، كما يتعرضون لابتزاز مالي من قبل أمناء الشرطة المكلفين بتنظيم عملية الزيارة. ونقل 18 معتقلا منذ 3 أيام دون أسباب لعنبر التعذيب، وجرى تعليقهم من أرجلهم مع ضربهم وإهانتهم إهانة لفظية وجسدية، وصلت إلى إجبارهم على الجلوس على زجاج مكسور، وتلك إحدى وسائل التعذيب الدائمة داخل أبو زعبل وذلك بحسب شهادات أهالي المعتقلين.
 
82 حالة تعذيب في فبراير 
كشف مركز النديم في تقريره بشأن ضحايا العنف والتعذيب في أول من مارس الجاري، أنه رصد ما يقرب من 82 حادثة تعذيب وسوء معاملة داخل مناطق الاحتجاز، فضلاً عن حادثة إستاد الدفاع، خلال شهر فبراير الماضي. وذكر التقرير أن آخر وقائع التعذيب كانت في شهر فبراير داخل قسم المطرية والتي انتهت بمقتل المحامي الشاب كريم حمدي محمد 27 عاما، عقب تعرضه للضرب، ما نتج عنه إصابات وكسور بـ10 أضلع وقطع باللسان، كما ورد في تقرير الطب الشرعي, كما ضم بعض الشهادات من داخل السجون ومن بينهم سجن الاستقبال والقناطر، وبعض معسكرات الأمن المركزي.
 
وعرض التقرير الانتهاكات الفجة التي ارتكبتها قوات الانقلاب, ومنها إطلاق أحد عناصر الأمن أربعة رصاصات متفرقة في جسد معتقل يدعى محمد عبد العاطي محتجز في مستشفى إمبابة العام، وطبقًا لتقرير الطب الشرعي عقب التشريح للضحية، فإن الوفاة جاءت نتيجة طلقات نارية في الصدر والبطن وما أحدثته من تهتك بالرئة اليمنى والكبد والطحال والكلية اليسرى، وأوضح التقرير أن عدد القتلى برصاص قوات الأمن في مناطق الاحتجاز أو من قبل قوات شرطة، بعيدا عن التظاهرات أو الاشتباكات بلغ أكثر من 7 حالات.
وتابع: "داخل قسم المنصورة وقع عدد من حالات التعذيب بلغت 13 حالة، عن طريق الضرب والسحل والصعق بالكهرباء لإجبارهم على الاعتراف بتهم وتحميلهم مسئولية التفجيرات وقطع الطريق في الدقهلية في 25 يناير الماضي".
 
212 قتيلا في سجون الانقلاب
أكد المرصد المصري للحقوق والحريات أن عدد من قتلوا داخل أقسام الشرطة وسجون الانقلاب بلغ 212 معتقلًا، موضحًا أن أسباب قتلهم تنوعت ما بين ممارسات التعذيب الوحشية داخل مقار الاحتجاز وداخل أقسام الشرطة، والإهمال الطبي المتعمد للمرضى.
 
أبو غريب
أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان ببريطانيا تقريرًا تحت عنوان "أبو غريب مصر" كشفت خلاله عن وحشية الأساليب التي تستخدم مع المعتقلين نساء ورجالا صغارا وكبارا، مؤكدة أنه أشبه بما كان يستخدم في سجن أبو غريب في العراق، مشيرة إلى أكثر هذه السجون وحشية هي السجون التابعة للقوات المسلحة مثل سجن العزولي في محافظة الإسماعيلية.
ورصدت منظمة العفو الدولية -في تقريرها الأخير- أن هناك درجات متفاوتة من التعذيب في السجون المصرية لإلحاق الأذى بالمعتقلين، مؤكدة أن أشد تلك الحالات الموثقة وأسوأها تتعلق بانتهاكات ضد أعضاء في الإخوان المسلمين أو في الجماعات الإسلامية الأخرى أو الإعلاميين الذين نشطوا لفضح انتهاكات سلطات الانقلاب.
 
الإجبار على المصالحة
وتعليقا على هذه الانتهاكات رأى الشاعر عبد الرحمن يوسف أن النظام الحالي سيحاول إجبار المعارضين على المصالحة بعدد من الطرق كي يحقق نصراً ساحقاً . وقال يوسف في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك": الوضع الداخلي المنهار (اقتصاديا وأمنيا) يجبر الدولة على الضغط على المستمرين في المقاومة لكي يقبلوا بما يسمى بالمصالحة".

وأضاف: الضرب تحت الحزام وخارج إطار القانون وبلا أي شفقة كلها سمات أساسية في التعامل الأمني اليوم، ولذلك نرى مزيدا من القمع، وتصفيات جسدية، وسنرى أحكام إعدام تنفذ قريبا، وهناك طرق ضغط مختلفة، مثل تكدير حياة آلاف المساجين والمعتقلين السياسيين، ومصادرة الأموال، وتلفيق القضايا، والإحالة للقضاء العسكري.. إلخ، كل ذلك من أجل الوصول إلى مصالحة ينتصر بها الانقلاب نصرا ساحقا".