لم تعلن سلطات الانقلاب عن إزالة مدينة رفح، صراحة منذ البداية، ولكن الأمر جاء تدريجيًا، منذ أكتوبر 2014 وحتى الآن، بدءًا من الإعلان عن إخلاء شريط حدودي بعمق نصف كيلومتر وتنفيذه في خلال ساعات، وتفجير المنازل وتهجير قسري لأهالي سيناء، بعدها قرار توسعة الشريط الحدودي إلى كيلومتر واحد، ثم إعلان محافظ شمال سيناء منذ ثلاثة أيام إزالة مدينة رفح المصرية كاملة. 

ولإزالة مدينة "رفح" عدة مخاطر، منها ما ظهر على أرض الواقع، ومنها ما بدأت بشائره، رصدنا منها؛ 
 
إرضاءً للكيان الصهيوني 
 
وحذر محمد سيف الدولة، الباحث السياسي والمتخصص في الشئون العربية- في تصريحات سابقة- من مخطط تهجير أهالي سيناء، مشيرًا إلى أن الأرض الفارغة من السكان هي مطمع للعدو طوال الوقت، ولا يكفي وجود قوات مسلحة بها، مستشهدًا بما قاله رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق، مناحم بيجين عام 1979 "انسحبنا من سيناء؛ لأنها كانت تحتاج وقتها إلى ثلاثة ملايين مستوطن إسرائيلي للعيش بها، الأمر الذي لم يكن متوفرًا، لكن عندما يتحقق ذلك ستجدونا في سيناء".
 
 
كما يرى حاتم عزام، النائب السابق في البرلمان، في بيان له- أن ذلك المخطط سعى من خلاله قائد الانقلاب العسكري لإرضاء دولة الاحتلال الإسرائيلية، وتقديم كل أوراق الاعتماد الممكنة للكيان الصهيوني، والقوى الداعمة له "الإدارة الأمريكية"  لضمان استمرارها في دعم انقلابه وبقائه في السلطة.
 
 
 
تهديد لأمن الدولة 
 
رأى عدد من المراقبين أن تهجير أهالي سيناء لإزالة رفح، سيعمل على توفير أرضية خصبة لاتساع رقعة الجماعات المسلحة التي تتواجد بالفعل في سيناء- على الرغم من تضخيم أعدادهم-  ولكن مع التهجير ربما تتزايد قوتهم وقبضتهم.
 
 
 
وحذر الناشط السياسي، حسام عبد العزيز، من مخطط تهجير أهالي سيناء، حيث نقل عن أحد الأهالي أن الوضع الآن ينذر بتضامن وتوحد وشيك بين الأهالي والجماعات المسلحة؛ بمجرد البدء في تهجير الأهالي؛ وهو ما ينذر بصدام سيدفع ثمنه الجيش وليس قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وحده.
 
 
تهميش لسيناء 
 
 
وخلال بيان حاتم عزام، أشار إلى أن إزالة مدينة رفح كارثة، خصوصًا بعد استحداث محافظة ثالثة هي "وسط سيناء" وأنه سيكون تمهيدًا لتهميش محافظة شمال سيناء، بالتخلي عن مدينة من أهم المدن الاستراتيجية لشمال سيناء، وهي مدينة رفح المصرية، وربما نسيان كامل لمحافظة شمال سيناء بعدها.
 
 
فيما اعتبر الناشط السيناوي، مسعد أبو فجر، العضو السابق للجنة الخمسين لتعديل الدستور، أن ترحيل أهالي سيناء بمثابة الحرب على أكبر 3 قبائل سيناء، وهي من الجنوب إلى الشمال  (ترابين- سواركة- ارميلات)، مضيفًا خلال تدوينة سابقة له على "فيس بوك"- " لا تحسبوه قرارًا وسيمر مثل سابقه من القرارات، إذا كنتم الآن تدخلون القاهرة كناس جايين من منطقة إرهاب، وبتدفعوا ثمن هذا، فأنتم المرة الجاية ستدخلون مصر، وأنتم جايين من منطقة حرب، ولا شك أنكم تعرفون أن الثمن حينها سيكون أكبر".
 
 
انتهاك لحقوق الإنسان 
 
 
وتحدثت "التليجراف"- في تقرير لها في أكتوبر الماضي- عن معاناة أهالي سيناء قائلة، "لقد وجدنا في زيارة للقرى الحدودية العام الماضي تعرض المنازل المدنية للقصف والحرق وطلقات الرصاص".
 
 
ويشتكي سكان من سيناء، من أن الجو  سيئ للغاية، وأنه  كان يجب الانتظار حتى يجدوا أماكن بديلة، كما اشتكى الأهالي من تجريف قوات الجيش أشجار الزيتون بمساحة تقدر بأكثر من 150 فدانًا في شمال سيناء بدعوى أن تلك المزارع يستغلها مسلحون في استهداف قوات الجيش والشرطة.
 
 
ويشير الأهالي إلى أن استهداف حقول الزيتون في شبه الجزيرة سياسة أمنية ممنهجة، خاصة أن هذه الأشجار تعد مصدر الدخل الوحيد لعشرات الأسر، فيما يؤكد  اقتصاديون أن تجريف الحقول أدى إلى تراجع إنتاج زيت الزيتون "السيناوي" إلى النصف خلال العامين الماضيين.
 
 
 فضلا  عن "توقّف عمل خطوط المحمول وشبكة الإنترنت"، حسبما قال الناشط السيناوي، مصطفى سنجر، لـ"مونيتور"، مضيفًا أن قطع الاتصالات لا يعوق فقط التواصل بين السكان هناك، بل ويمنع المواطنين من إنهاء معاملاتهم في الدوائر الحكوميّة والمصارف التي تعتمد بشكل أساسي على الإنترنت، فيضطر هؤلاء للسفر إلى الإسماعيلية لإنهاء معاملاتهم، وقد يكون سببًا في إنهاء حياة إنسان نتيجة عدم القدرة على الاتصال بالمسعفين لنجدة المرضى أو المصابين في حوادث سير.
 
 
حصار غزة 
 
وقد فسر العديد من المحللين والخبراء السياسيين طَرْحَ العديد من الشخصيات الموالية للسلطات مسألة تهجير أهالي سيناء - بأنها مطلب صهيوني؛ يهدف إلى تشديد الحصار على غزة، ولعل إغلاق سلطات الانقلاب لمعبر رفح عقب الهجوم المسلح الذي استهدف جنود وضباط، وفتحه لأيام معدودة فقط، خير دليل على ذلك.
 
 
وقال مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس -أسامة حمدان-:" إن الحديث عن إقامة منطقة عازلة بين مصر وقطاع غزة تكريس للحصار على القطاع، مضيفًا- في تصريحات للجزيرة- أن المنطقة العازلة مع حدود قطاع غزة تزيد من الحصار المفروض على غزة منذ سنوات، مؤكدًا أنها تعزز حالة التحريض على الشعب الفلسطيني.
 
 
يأتي ذلك فضلا عن توالي الاتهامات لقطاع غزة بالمسؤولية عن الهجوم واتهام شهداء وأطفال منهم، مما ينذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية في القطاع، خاصة أنه العملية العسكرية الموسعة في سيناء تشمل القضاء على الأنفاق في قطاع غزة.