ندد 5700 معتقل أزهري في أكثر من 100 سجن ومقر احتجاز بفتاوى دار الافتاء المصرية بحرمة الاضراب عن الطعام والمشاركة في فعاليات الموجة الثانية من انتفاضة السجون، وساقت الفتاوى الممهورة بختم دار الافتاء المصرية، والتي وزعت في السجون، أدلة الشرعية حول وجوب طاعة الحاكم وتحريم معارضته والخروج عليه، ما دفع المعتقلين المنتمين إلى مؤسسة الازهر الشريف، من طلاب واستاذة جامعة وخريجي الكليات الأزهرية؛ لإصدار بيان نيابة عن 25 ألف معتقل في سجون الانقلاب العسكري في مصر، للرد على مزاعم دار إفتاء الانقلابية في مصر.

وجاء في البيان:

من أبناء الأزهر الشريف المغيبين خلف القضبان إلى علماء السلطان، لقد غرتكم الدنيا بما رحبت ونسيتم وعيد الله لعلماء السلطان، وتجاهلتم تهديد الله عز وجل لمن اشترى بآياته ثمنًا قليلًا، فبعتم دينكم، وهادنتم السلاطين من أجل المال والمنصب، فلا عذر لكم أمام الله، فأنتم تشيعون الفاحشة بفتاوى غريبة على الإسلام، وتوجيهات بعيده عن الفهم الصحيح للإسلام الذي تربينا عليه في مؤسسة الأزهر.

وقال البيان:" إن الإضراب عن الطعام وسيلة مشروعة للاحتجاج وردع الحاكم الظالم ولكن بشروط حددها علماء الأمة ومنهم الدكتور يوسف القرضاوي، والمستشار الشيخ فيصل مولوي، والدكتور محمد محروس المدرسي الأعظمي، والشيخ الداعية ناصر بن سليمان العمر، والشيخ صالح الفوزان:

1ـ أن يتحتم ذلك طريقًا للاحتجاج: فلا يلجأ إليه إلا للضرورة كما يلجأ إلى الميتة والدم عند عدم الطعام؛ لأن في الإضراب عن الطعام عمومًا إضرار بالنفس، فلا يصار إليه إلا بعد استنفاذ كل الأسباب الممكنة، وكما قالوا: «آخر الدواء الكي».

 وهو ما حدث بالفعل في انتفاضتنا الثورية، فبعد مرافعات مصحوبة بأدله دامغة أمام قضاء العسكر، وبعد مناشدات متعدده محلية ودولية لوقف التعذيب والاعتقال العشوائي، ولمده تقارب العام لم يلتفت أحد الى أصوات المعتقلين والمعذبين في السجون، وهو ما يجعل لجوأنا للإضراب عن الطعام هو نوع من الاضطرار.

2ـ أن يغلب على الظن أنه يؤثر التأثير المرجو: فيحدث غيظًاً للأعداء، أو تشهيرًا بالظلمة والمتجبرين، يجبر المتعنتين على الاستجابة بإبطال المنكر أو رفع الظلم.

وهو هدفنا الأصيل من الإضراب عن الطعام وفعاليات الانتفاضة، لنجعل العالم أجمع يسمع بأنينا في أقبية السجون، وليتحرك العالم أجمع لرفع الظلم عنا.

3ـ أن يتناول المضرب ما يحفظ نفسه من الإزهاق: فإن "الذي يمتنع عن الطعام والشراب المؤدي إلى الهلاك، عالمًا ذاكرًا قاصدًا مختارًا، ثم مات بسبب ذلك فله حكم المنتحر".

وهو بالفعل ما أعلنته اللجنة العليا لانتفاضة السجون من إضراب جزئي عن الطعام، والاستمرار في تناول المياه وبعض الأدوية للمرضى.

وتابع الازهريون في بيانهم:"إن الأصل في كل الأمور الإباحة، وحيث إنه لا يوجد نهي صريح عن هذه الوسيلة من الاحتجاج فيكون الأصل فيها المشروعية عملًا بالإباحة الأصلية؛ خاصة وأن الإضراب عن الطعام والشراب كان معروفًا أيام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد بشأنه نهي، ومن ذلك ما رواه سعد بن مالك، قال: «أنزلت هذه الآية في: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]، قال: كنت رجلًا بارًا بأمي، فلما أسلمت، قالت: يا سعد: ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟! لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب، حتى أموت، فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه؟ قال: فقلت: يا أماه: إني لا أدع ديني هذا، أو لا أدع دين هذا النبي، قال: فمكثت يومًا لا تأكل وليلة، فأصبحت وقد أجهدت، قال: فمكثت يومًا آخر وليلة لا تأكل، فأصبحت وقد استجهدت، قال: فلما رأيت ذلك، قلت يا أماه: تعلمين والله لو كانت مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا لشيء، إن شئت فكلي، وإن شئت، فلا تأكلي، فلما رأت ذلك، أكلت، فأنزلت هذه الآية().

كما أن الله تعالى أذن لمن اعتُدي عليه بالدفاع عن نفسه بما استطاع، فقال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 39 ـ 40].

كما أن الإمام أحمد بن حنبل قد امتنع عن الأكل من طعام المتوكل حين حبسه، حتى ضعف جسمه وغارت عيناه، وقال حنبل: «ولما طالت علة أبي عبد الله، كان المتوكل يبعث بابن ماسويه المتطبب، فيصف له الأدوية، فلا يتعالج، ويدخل ابن ماسويه، فقال: يا أمير المؤمنين، ليست بأحمد علة، إنما هو من قلة الطعام والصيام والعبادة، فسكت المتوكل».

وقال البيان:"نعلن نحن المعتقلون في سجون الانقلاب العسكري في مصر، استمرارنا في انتفاضتنا الثورية ضد السفاح وأعوانه، وعدم اعترافنا بأي فتاوى تحرم إضرابنا عن الطعام، وفعالياتنا الاحتجاجية السلمية، سواء كانت منسوبة إلى دار إفتاء الانقلاب، أو أي من شيوخ السلطان الذي يشترون بآيات الله ثمنا قليلا".

ووقع البيان باسم "أبناء وعلماء الأزهر الشريف بسجون الانقلاب العسكري في مصر -انتفاضة السجون ( الموجة الثانية – اليوم الرابع ) - يونيو 2014"