16/01/2009
رأت الكاتبة البريطانية «آن بينكث» أن فشل المفاوضات الجارية في القاهرة بين المسئولين المصريين وحماس ينهي دور مصر كقوة إقليمية لصالح سوريا. وكتبت في صحيفة «الإندبندنت» أن التفاوض مع حماس كشف الصراع الشديد بين مصر وسوريا علي قيادة العرب في الشرق الأوسط واعتبرت أنها «الحرب العربية الباردة» كما يسميها نديم شهادي، رئيس برنامج الشرق الأوسط في مركز «تشاتام هاوس» البحثي البريطاني، وقال شهادي: إن الغرب اختار مصر لتلعب دور المفاوض مع حماس لكنه يري أن «السوريين يحاولون خطف دور القيادة من مصر وهو ما سوف يحدث تغييراً شديداً في توازن القوي في حال فقد مصر دورها» يدعم هذا توجه دولي لإحداث تغيير في استراتيجية القوة لصالح دمشق.
وقالت «الإندبندنت»: إن العديد من المحللين ينتقدون الدور المصري في المفاوضات والوساطة، لأن الرئيس مبارك معاد لحماس لعلاقتها بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر، ونقل عنه قوله في القاهرة لبعض وزراء الخارجية الأوروبيين: «إن حماس لا يجب أن تخرج منتصرة».
وتعليقاً علي ذلك قال الستاير كروك، مدير «منتدي الصراعات» - وهو مركز بحثي يهدف إلي تغيير السياسات الغربية تجاه الحركات الإسلامية مقره في بيروت: «إن مبارك يمقت الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية بشدة». وعن الضغوط المصرية علي حماس، قال كروك: «إن التفاوض تبادل بين طرفين وليس شارعاً ذا اتجاه واحد» ورأي بروك الذي يعمل مع جماعات الإسلام السياسي أن الغرب وقع أسير مبادئ الرباعية في الشرق الأوسط التي تطالب حماس بالاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف واحترام الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل كشرط للتفاوض مع حماس. ويري أن حماس أظهرت مؤشرات فيما يخص الشرطين الأولين أما عن الاعتراف بالاتفاقيات السابقة فيقول: «إن المحافظين في بريطانيا لا يوافقون علي كل الاتفاقيات السابقة التي وقعتها الحكومات السابقة».
ومع أن الرباعية لن تعود عن مبادئها، إلا أن السير جيرمي جرين ستوك، السفير البريطاني السابق بالأمم المتحدة، يري أن التعامل مع حماس يزداد يوماًً بعد يوم، ويؤكد نديم شهادي هذا عندما يري أن حماس تتحدث باسم الشعب الفلسطيني وهي «المحور في التفاوض بشأن وقف إطلاق النار، وأن من يتفاوضون معها يضعفون محمود عباس تلقائياًً، لذا إن فشلت القاهرة فستكون العواقب وخيمة».
وتعليقاً علي تقرير «الإندبندنت» قال الدكتور عبد المنعم سعيد، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: «سواء فشلت المفاوضات مع حماس أم لم تفشل لا يغير ذلك من وضع مصر كقوة إقليمية، لأن أزمة في تصرف تكتيكي لا تعني تغير موازين قوي. ومصر وسوريا ليستا قطبين ليقال هذا الكلام، فمصر تملك كل الأوراق بعلاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا بالإضافة لعلاقتها بالقوي العربية، أما سوريا فلا أوراق لديها، لا جبهة عسكرية مفتوحة ولا جبهة سياسية، وإذا جئنا للخسائر الحقيقية فهي إعادة احتلال غزة (محتلة)».
أما عن مؤتمر القمة العربي الطارئ المزمع عقده في قطر فقال: «إن المؤتمر يجعلنا نطرح سؤالاًً صريحاًً، ماذا ستقدم هذه الدول؟ هل هي مستعدة للحرب؟ إذن كل ما سيفعله المؤتمر أن يكرس للانقسام الموجود بالفعل».
وعن خيار المقاومة الذي اتخذته بعض القوي، قال: «خيار المقاومة يفرض أن يكون القرار في يد السياسي وهو يحدد متي تقاوم ومتي تفاوض وإلا تحول الأمر إلي فوضي وعاد بنتائج عكسية كما حدث مع الرئيس الراحل ياسر عرفات».
أما الدكتور حسن أبو طالب، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فاعتبر أن تقرير الصحيفة «كلام فارغ فالدور الإقليمي يحدد الاستراتيجيات ويضع الأجندة للمنطقة كلها، وأجندة مصر واضحة لا لبس فيها وهي عدم توريط المنطقة في حرب غير معروفة النتائج.. أما سوريا فاستراتيجيتها مرتبكة وغير معروفة، الهدف منها وضع العقبات والعراقيل أمام من يعمل حقيقة وبشكل جاد».
لكن أبو طالب أقر أن «هناك بالفعل نوعاً من الحرب الباردة. أما السبب فهو المأزق السوري بسبب قضية (مقتل رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري). ولذلك فهي تعد ملفاًً به مجموعة أوراق تتوجه بها إلي الإدارة الأمريكية الجديدة لتقدم نفسها علي أنها تسيطر علي هذه الأوراق مثل علاقتها مع إيران وبعض القوي اللبنانية والأمن في العراق ولا مانع من الملف الفلسطيني المتمثل في علاقتها بحماس».
وأضاف: أن سوريا «تستخدم هذه الملفات ليس بغرض خدمة القضية الفلسطينية وإنما بغرض الضغط في موضوع الحريري. فهي ليست أوراقاً حقيقية، ويجب ألا ننسي الجغرافيا السياسية التي تلعب دورها في المنطقة، ومصر يؤهلها موقعها القريب من البقعة الساخنة ودورها. أما تقسيم القضية بين ما هو جغرافي وما هو سياسي سينتهي بفلسطين إلي دويلة صغيرة في غزة تحكمها حركة حماس دون خبرة بالاستراتيجيات الحاكمة»

