قبل فترة ليست بالطويلة كانت عدة دول من المنطقة ومنظمات المجتمع المدني تتندر على وضع العمال في قطر، إلا أن الخطوات غير المسبوقة التي اتخذتها الدوحة في السنوات الثلاث الماضية جعلتها نموذجا في منطقة الخليج في مجال حماية حقوق العمال.

فقطر تعد أول دولة في منطقة الخليج تقرر إلغاء الكفالة بشكل كامل وتعطي العامل الحق في تغيير جهة عمله دون موافقة من صاحب العمل، فضلا عن تحديد حد أدنى للأجور يحفظ كرامة العامل ويحميه من أي ابتزاز قد يخضع له، وذلك من خلال قوانين عدة صدق عليها أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

الخطوات القطرية قد تكون دافعا لدول المنطقة التي لا تزال تعتمد نظام الكفيل وتتعرض فيها العمالة للعديد من الانتهاكات، لأن تتخلص من هذا الإرث وتقتدي بالخطوات القطرية في مجال حماية العمالة الوافدة وحفظ حقوقها على أراضيها.

وتعليقا على صدور قانوني الحد الأدنى للأجور وتسهيل انتقال العمالة بين جهات العمل، أكد رئيس غرفة قطر الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني أن الإصلاحات الكبيرة التي تقوم بها قطر خلال السنوات الماضية تنسجم مع أهداف الرؤية الوطنية 2030 وخصوصا فيما يتعلق باستقطاب العمالة الوافدة المطلوبة ورعاية حقوقها، وتعزيز فرص النمو الاقتصادي.

وثمن الشيخ خليفة صدور قانون تحديد الحد الأدنى للأجور وقانون تسهيل الانتقال بين جهات العمل المختلفة، مشددا على أن تلك الإصلاحات تخفض تكاليف التوظيف بالنسبة لشركات القطاع الخاص، وتدعم خططها في تنويع أنشطتها والتوسع في القطاعات الاقتصادية المختلفة.

حماية العمالة الوافدة
أشار الشيح خليفة، إلى أن تحديد الحد الأدنى للأجور وتسهيل الانتقال بين جهات العمل المختلفة، يعتبران إضافة هامة إلى إصلاحات سوق العمل التي بدأتها دولة قطر منذ سنوات عديدة من خلال تعزيزها قوانين العمل وحماية العمالة الوافدة.

وشدد رئيس غرفة قطر على أن هذه القرارات ستساهم بشكل كبير في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد القطري إقليميا وعالميا، فضلا عن تعزيز المنافسة والإنتاجية في سوق العمل المحلي، مما يتيح الفرصة أمام شركات القطاع الخاص للتعاقد مع العمالة الماهرة والمدربة التي يحتاج إليها سوق العمل القطري، وهو الأمر الذي سيسهم في تنويع الاقتصاد.

ولفت إلى أن تطبيق الحد الأدنى للأجور في دولة قطر الذي سيشمل العمالة المنزلية، يعد قرارا فريدا من شأنه أن يحقق الموازنة بين مصالح العمال وأصحاب العمل في الوقت ذاته، فضلا عن إسهامه في تعزيز استقرار سوق العمل المحلي، موضحا أن تسهيل الانتقال بين جهات العمل المختلفة سيتيح الفرصة لتدوير العمالة الوافدة في السوق المحلي بما يلبي احتياجات الشركات من العمالة، والتي تكون قد اكتسبت خبرات ومهارات جديدة.

واتفق المحامي راشد بن سعد آل سعد، عضو المكتب الاستشاري لمركز قطر للمال، مع رئيس غرفة قطر على أن تحديد حد أدنى لأجور العمالة في قطر يعد نقلة نوعية لنظام الأجور في الدولة، ويعزز الشفافية، لتكون بذلك قطر من الدول السبّاقة في المنطقة التي تحدّد حدا أدنى للأجور.

انتقادات قديمة

أضاف آل سعد، أن انتقادات قديمة كانت توجّه لقطر في مجال الكفالة، ولكنها اليوم بهذه الخطوات التي تمكّن العامل من الانتقال إلى عمل جديد دون اشتراط موافقة كفيله، تعطي نقلة كبيرة غير مسبوقة في منطقة الخليج برمتها، داعيا دول المنطقة إلى الاقتداء بما تقدمه قطر من إصلاحات في مجال العمل والعمال.

وقال آل سعد إن صدور قانون بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمال والمستخدمين في المنازل يخدم الجميع ويصب في مصلحة العمال، وكذلك رب العمل، مشيرا إلى أن تحديد حد أدنى للأجور وتسهيل انتقال العمال سيكون لهما انعكاس إيجابي على الحياة الاقتصادية في الدولة، ويعززان التنافسية بين الشركات.

وأوضح أن توفير بيئة تشريعية جيدة يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات إلى الدولة، مضيفا أن دولة قطر تثبت للعالم أنها تضع العمالة الوافدة في مقدمة أولوياتها وتراعي مصالحهم إيمانا منها بالدور الكبير الذي يحققه العامل الوافد للوطن والمواطن.

كان أمير دولة قطر قد أصدر قانونا بشأن تحديد الحد الأدنى لأجور العمال والمستخدمين في المنازل، كما أصدر تعديلا على قانون تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقاماتهم، ويضبط القانون الحد الأدنى للأجر الشهري الأساسي للعمال والمستخدمين عند ألف ريال قطري (ما يعادل 275 دولارا).

كما تضمنت التعديلات تشديد العقوبات على أصحاب العمل في حال عدم الالتزام بسداد مستحقات العمال المالية، وشمل القانون الجديد تسهيل الانتقال بين جهات العمل بما يحفظ حقوق أصحاب العمل والعاملين لديهم.