23/02/2010م

ولما كان التاسع من فبراير 2010 ميلادياً الموافق 25 صفر الخير 1431 هجرية الثاني من أمشير وهو يوم ميلاد زوجتي الحبيبة احتفلنا بعيد ميلادها «لا داعي لذكر العدد» في مبني نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس بالقاهرة المحروسة أو القاهرة الجديدة بعد أن أنهيت امتناعي عن الإدلاء بأقوالي رسمياً أمام المحامي العام لنيابات أمن الدولة المستشار «طاهر الخولي» وبعد لقاء آخر من المحامي العام الأول «هشام بدوي» استرجعنا فيه ذكريات مضت لأيام خلت في عروض سابقة منذ عام 1995 وحتي عام 2007، حيث أدليت بأقوالي خلال 3 تحقيقات علي مدار أكثر من 200 ساعة ولم يعد لدي جديد أقوله حيث لم تأت مباحث أمن الدولة بأي جديد أجيب عنه، فالاتهامات هي الاتهامات والمادة 86 مكرر عقوبات هي التي يواجهني بها السادة رؤساء النيابة منذ كان المستشار «هشام بدوي» رئيساً في 1995 ومروراً بالمستشار «محمد الفيصل» وانتهاء بالمستشار «هاني حمودة»، وقد تقلبت بهم الدنيا بين مرءوس أصبح رئيساً وآخر انتقل إلي القضاء الجالس عضواً في دائرة والفيصل الذي ذهب معاراً إلي دولة الكويت الشقيقة.. أما أنا فمازلت كما كنت ماثلاً بتهمة الانضمام إلي جماعة محظورة تهدف إلي قلب نظام الحكم وتستعمل الإرهاب وتهدف إلي تغيير الدستور.. اتهامات باطلة ما أنزل الله بها من سلطان وليس هناك دليل عليها بل هي العبث بعينه لمن يريد صيانة الدستور وتطبيقه ويدعو مع نخب محترمة من أهل هذا البلد بينهم فقهاء دستوريون لإصلاح شامل يبدأ بالدستور والمناخ السياسي، وكان آخر ما قلته في لقاء عام أذاعته قناة «الجزيرة» مباشر يوم الأربعاء 3/2 عدة مرات مسجلاً ومصوراً ندعو فيه إلي الإصلاح السلمي بأصوات الشعب عبر تحالف عريض يضم من يقبل مبادئ الإصلاح حتي ولو كان منتمياً للحزب الوطني الذي يحكمنا بأغلبية مزورة.

كانت هديتي لزوجتي في عيد ميلادها مزيداً من التعب والعناء، وعندما واجهتها بذلك ضحكت في خفر وحياء يلازمها تقول إنها لم تتعب ولم ترهق بعد ولا عليك، وعندما قال الأولاد سنعود إلي بيت أسماء ـ صغري بناتي ـ بجوار النيابة لنطفئ الشموع ونأكل التورتة قالت لا أريد تورتة أريد شيئاً نافعاً، فقلنا جميعاً لا مانع من الهدايا النافعة بجوار التورتة اللذيذة وحولنا حفيدي الخامس «يحيي إبراهيم» يصول ويجول ويتمشي باتجاه مكتب رئيس النيابة، فنضحك ونقول: الولد يريد أن يبدأ المشوار مبكراً ويمثل أمام النيابة وهو لم يكمل الثانية من عمره بعد، أم أنه يرغب في الإدلاء بأقواله بدلاً من «جدو» الذي امتنع عن الإجابة، أم لعله يريد أن يقول للمحامي العام: أطلق سراح جدي الذي يلاعبني وأشكو إليه أبي وأمي وأهرب إلي جعبته من ملاحقتهما لي، والعجيب أنني لم ألاحظ نمو أولادي في صغرهم وشغلتني عنهم السجون التي دخلتها مع بلوغ ابنتي الكبري «سارة» الثانية من عمرها وكانت تأتيني مع أمها في ليمان أبي زعبل أحياناً أو عضوية مجلس الشعب التي أرهقتني بالدراسة والقراءة والإعداد للمناقشات أو المرور علي المكاتب وحضور الندوات، ثم سرعان ما جاء السجن الطويل لخمس سنوات شب فيها أولادي، وحصلت سارة علي الثانوية وأنا بالسجن ودخلت كلية التربية قسم اللغة الإنجليزية، وقارب إبراهيم الحصول علي الثانوية أيضاً فالتحق عقب خروجي مباشرة بطب القاهرة وكذلك سمية وأسماء، وسرعان ما لاحقتني الاعتقالات في 2005 و2006 و2007 لتقطع مسيرة حياتي من جديد، وها هي أسماء تنهي دراستها الجامعية هذا العام إن شاء الله في كلية آداب قسم علم النفس مثل أختها سمية أيضاً.

كبر الأولاد ولم أتمتع بصحبتهم وملاعبتهم، وإذا بالأحفاد يتوالي وصولهم وعشت معهم سنتين دون كدر السجون، وها هو المقدور يقع ونبدأ رحلة جديدة وقد أصبحت كبري أحفادي في السنة الأولي الابتدائية وسوف تدرك معني السجن والمعاناة عندما تزورني في سجني المزدحم جداً بأكثر من 2500 نزيل كلهم محبوسون احتياطياً وترهق إدارة السجن بترحيلات يومية إلي النيابات والمحاكم وبقية السجون وإيراد جديد لا ينقطع من المسجلين خطر أو العائدين للجريمة أو الجدد الذين سرعان ما تحولهم حياة السجون إلي معتادي إجرام في ظل سياسة عقابية فاشلة أو عدم الاهتمام بأحوالهم داخل السجون حتي لا يعودوا إلي الجريمة من جديد.

هي خلوة مع الله واستراحة محارب وشحن لبطارية الإيمان ومراجعة للنفس وفترة للتأمل والتفكير والنظر ومدارسات نافعة واستعادة لشرح حكم ابن عطاء الله السكندري من جديد لعل الله يقذف في القلب نوراً جديداً ومناجاة وابتهالاً إلي الله أن ينقذ مصر من المصير المحتوم الذي تسير إليه حثيثاً إذا استمرت الأوضاع علي ما هي عليه دون إصلاح أو تغيير وتجدد للحب الكبير الذي يجمع قلوب الإخوان المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الذين يصلنا سلامهم ونشعر بدعائهم من حولنا وتقوية للصلة مع أصدقاء وأحباب يجمعنا بهم حب الوطن والرغبة في رفعته ونهضته مهما اختلفت الطرق التي نسلكها في هذا الصدد والسبيل.

ومعذرة إلي الذين كنت علي موعد معهم مثل وحيد حامد لحضور تصوير مسلسل «الجماعة» أو الباحثين أو غيرهم ممن واعدتهم فلم أقدر علي الوفاء بوعودي لهم وأسألهم الدعاء الخالص لعلي أقدر علي الوفاء.

هذا ما أمليته علي زوجتي وأولادي والمحامي ولعل المساحة تتسع بعد ذلك لبحوث سبق إعدادها كما حدث من قبل.