بقلم : مجدي مغيرة
 
عبارة سمعها الشعب يوما ؛ ففرح بها ، وبنى عليها أحلاما طوالا وآمالا عراضا :
 
فوجدنا الشاعر يخاطب صاحبها أن نساءه حُبْلى بنجمه
 
ورأينا الأثري يُثبت أن اسمه منقوش على أثر من آثار الفراعنة ، وأن اسمه يشبه اسم عظيم من عظمائهم .
 
ورأينا الشيخ المعمم يبشرنا بأن الله تعالى كما بعث موسى وهارون نجاة لبني إسرائيل قديما ليخرجهما من ذل العبودية إلى فضاء الحرية ، فقد بعث رسولين – حديثا – للمصريين - هو أحدهما -  ليخرجا مصر من حَرِّ القسوة و قيظ الأزمات الاجتماعية والاقتصادية  إلى ظل الحِنِّية ووارف الإنسانية .
 
وسمعه الناسُ يخبرهم أنهم نور عينيه
 
وسمعوه يطمئنهم أن الأسد لا يأكل أولاده
 
وسمعوه يؤكد للبعض بقطع يده قبل أن تمتد إلى أحدٍ منهم بسوء
 
وسمعوه يبشرهم أن مصر هي أم الدنيا وستكون أدّ { بحجم ومكانة } الدنيا
 
فانطلقت الأغاني والأهازيج تغني قائلة : تسلم الأيادي
 
وانطلقت الأيادي تذبح البرءاء ، وتلفق التهم للأبرياء ، وتشوه صورة الأنقياء ، وتدمر معاني الإنسانية ، وتهدر الكرامة الآدمية .
 
ووجدها البعض فرصة لينتقم من جاره ، أو يؤدب زميله في العمل ، فيبلغ عنه - بكل بساطة - أنه من الإخوان المسلمين ، فتأتي جحافل الأمن لتقذف الرعب في قلوب الأطفال ، وتهتك حرمة النساء ، وتهين كرامة الرجال ، ثم تلتقط من المكان كل ما خف حمله وغلا ثمنه ، وما عجزت عن أخذه تركته محطما ، الأبواب ، وأثاثات غرف الاستقبال  ، وسرائر النوم ، وحشايا المراتب .........  حتى الحمامات وأحواض الغسيل وأدوات المطبخ وسيراميك الأرض ......كل هذا لم يسلم من التكسير والتحطيم ، فالانتقام الجنوني لا يقتصر على صاحب البيت ، بل يتعدى كل شيء حوله .
 
وبعد أن شبع الناسُ من التشفي في خصومهم ،  والسخرية والاستهزاء مما حل بهم ؛ والرضا والسرور بأحكام المؤبد وأحكام الإعدام بالأطفال والنساء والشباب والشيوخ ؛  انتظروا ليقبضوا ثمن تأييدهم ، وأجر تصفيقهم ، ومقابل تهليلهم .
 
فكان الثمن ارتفاع الأسعار ، وتخفيض الأجور ، ورفع الدعم عن السلع وعن الوقود ، وانتشار البطالة ، وندرة فرص العمل .
 
وكان الأجر هو حرمان ابن الزبال من العمل قاضيا ونائبا وقصر ذلك على ابن القاضي وابن الضابط وابن الراقصة وابن الطبال ،
 
 ومُنع ابن الريف من الالتحاق بكليات القمة لأنه غير مؤهل لمثل هذه الكليات ، فهي كليات خُلقت فقط لأولاد الأكابر ، وبعد 18 عاما تلميذا وطالبا في المدارس والجامعات دعَوه لا ليعمل في تخصصه ، بل ليقود لودر أو يسوق التوكتك .....فهذا فقط هو ما يناسبه ولا شيء آخر .
 
أما القانون ، فلا قانون إلا رغبة الباشا ، وما يرضيه وما يُسخطه ، فالناس صارت لا تجرؤ على مواجهة ضابط الشرطة أو ضابط الجيش ، وإذا أخطأ أحد الرعية وردَّ عليه قولا أو خالف له فعلا ، فالويل له والثبور وعظائم الأمور.
 
أما الحرية ، فهي فقط للبلطجية وتجار المخدرات ، وللمنافقين ، وللمبررين والمدلسين وللمصفقين وللشتامين وللطاعنين على الدين .
 
الشباب الآن يبحثون عن فرصة الهجرة إلى أي مكان ، ويركبون في سبيل ذلك الأخطار .
 
والكبار الآن ينتحرون لعجزهم عن سد نفقات أولادهم أو علاج مرضاهم .
 
وها نحن اليوم نجد الانتقام لا يقتصر على خصوم العسكر ، بل تعدى إلى مناصريهم ومؤيديهم ، فقد طالعتنا الصحف والفضائيات بالقبض على بعض صغار اللصوص الذين كانوا عونا للعسكر ضد الرئيس المنتخب ، وضد جماعته ، قبضوا عليهم بأسلوب مهين يبرهن للمرة المليون على أن العسكر لا أمان لهم ، ولا عزيز لديهم ، بل يستعملون مرضى القلوب لتحقيق أغراضهم ، ثم بعد ذلك يتخلصون منهم كما يتخلص المرء من حذائه القديم ، أو من قمامة المنزل يرمونها في المزابل ويشعلون النار فيها تخلصا من أذاها .  
 
فهل وجد الشعب حقا من يحنو عليه ؟!
 
هل استفاد المصفقون من تصفيقهم ، والشامتون من شماتتهم ؟!
 
هل نال الذين باعوا ضمائرهم ما أرادوه  من مالٍ حرام ؟
 
وهل انفتح المجال على مصراعيه لرجال الأعمال كي يزيدوا من ملء كروشهم  ؟
 
هل استمتع الطامعون في المناصب بمناصبهم ، وعبيد الكراسي بكراسيهم ؟
 
وهل صفى الجو لأصحاب اللحى المزيفة  كي يهيمنوا على المساجد كما كانوا يحلمون ، وعلى مقاعد البرلمان كما كانوا يأملون ، وعلى رضى العسكر عنهم كما كانوا يطمعون ؟
 
فقل للشامتين بنا أفيقوا      سيلقى الشامتون كما لقينا