د/ إبراهيم كامل 
 
 
الحمد لله القائل في كتابه "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ " الأنبياء 18 والصلاة والسلام على رسول البشرية جمعاء وبعد :
من فضل الله تعالى عليكم أيها الأحرار أنكم فُطِمتم على شعار الدعوة  أن جعلتم الله غايتكم والرسول قدوتكم والقرآن دستوركم والجهاد سبيلكم وإعلاء كلمة الله والموت في سبيله أسمى أمانيكم فطريق الدعوة ليس محفوفا بالرياحين أومفروشا بالورود ففيه البأساء والضراء والزلزال " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب " البقرة وقال تعالى يصف حال المؤمنين في غزوة الأحزاب " هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا " الأحزاب .  
لقد أصبحتم غرباء في موطنكم  ، بل تعيشون غربة الدين – كما وصفها الشهيد سيد قطب في تفسير أول سورة العنكبوت -  ومن أجله تواجهون السجن والاعتقال و القتل بشتى أنواعه بيد أبناء جلدتكم  وقد وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم لنا " دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها" قلت: يا رسول الله، صفهم لنا؟ قال: "هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا" حديث صحيح . واعلموا أنكم رجال الحق لأن الحق لا يقوم بنفسه بل لا بد أن يكون له رجال يُعرفون به ، ولا بد من تضحيات في سبيل إقامته فقد مشط الكثير بأمشاط الحديد وأحرقوا بالنار في الأخاديد كما أخبرنا الله ورسوله .
أيها الثوار الأحرار : لقد اقترب المشوار من نهايته رغم طوله ومحنته
فمن أجل هذا المشوار - وإن طال - قدم فخامة الرئيس الشرعي والوحيد لهذه البلاد الأستاذ الدكتور محمد مرسي حياته فداء بل حِسبة لله تعالى وكذلك فضيلة المرشد وكل المبتلين معهما ممن ينتسبون للشرعية آثروا الله على كل شيء ، باعوا أنفسهم وأموالهم لله تعالى ولاننس هؤلاء القِلة الباقية من خير الأجناد فعلا والذين حُكِم عليهم بأحكام عسكرية جائرة منذ أيام قليلة - بمختلف رتبهم العسكرية وهم من حفظة كتاب الله تعالى - لأنهم لم يرضوا بالظلم والاستبداد ولن يرضوا بتدنيس الجندي المصري الأصيل ابن البلد والدين الذي يغار على بلده ناهيك عن القادة العسكريين الذين اعتقلهم القزم السيسي وزبانيته وقت الانقلاب المشئوم وينالون من العذاب ألوانا وأصنافا حتى هذه اللحظة ولايعلم عددهم ولاأسماءهم  إلا الله تعالى لكني على ثقة ويقين أن الله لم ولن يضيِّعَ عباده المؤمنين وهو القائل " ألا إن نصر الله قريب " وأن الله هو المدبر وسيجبر كسر المنكسرين وسينتقم للمظلومين ولوبعد حين . 
إلى الثوار الأحرار : كفى بكم عزا أنكم عباد لله وكفى بكم فخرا أنه رب لكم
أما يرضيكم رضوان الله ورضاه " رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه "
أما تغمركم السعادة البالغة لأنكم الغالبون إن شاء الله  " رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم الغالبون " أما تهدأ قلوبكم بالنعيم الذي ينتظركم  " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " أما تطمئن قلوبكم بذكره " ألابذكر الله تطمئن القلوب " بل نقول جميعا رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا " لذلك عندما قال صاحب القلب الحجري بل هو الحجار نفسه " لينا رب وليكم رب " فهذا يذكرنا جميعا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر أن يصيح في المشركين عندما قالوا " اُعْلُ هُبل " فقال " الله مولانا ولامولى لكم " فمهما رفعتم هُبُلَكم السيسي فالله أعلى وأجل وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . 
إلى الثوار الأحرار : أنتم ملح الأرض فمن للحق إن لم تكونوا ؟ فاصبروا وصابروا ورابطوا 
قالها عيسى عليه السلام لحوارييه " ويا ملح الأرض لا تفسدوا فإن كل شيءٍ إذا فسد فصلاحه بالملح، فإذا فسد الملح لا يصلحه شيء " كتاب الزهد لابن المبارك ، وقالها حبيبكم صلى الله عليه وسلم " فطوبى للغرباء ، قيل : ومن الغرباء يا رسول الله ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس " وفي رواية " قيل : ومن الغرباء يا رسول الله ؟ قال : ناس صالحون قليل في ناس كثير ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم " انظر مدارك السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين . 
ورغم هذا الابتلاء وشدته الذي لم يُر مثله في أي زمان أومكان لكن عليكم أن  تعلموا أنكم الأعلون لأنكم  تدافعون عن عقيدة وديانة وأمة وعِرض ودولة ووطن منهوب مسلوب مسروق منهوب ولابد أن يعود كله على أيديكم بإذن الله تعالى .
إلى الثوار الأحرار : أنتم المقصودون بكل حال والمشار إليهم بكل معنى :
1 – عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من أشدّ أمتي لي حُباً ، ناسٌ يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله )) رواه مسلم
وهل بقي لكم من شيء تقدمونه في سبيل الله تعالى أكثر مما قدمتم ؟ حيث بِعْتم أنفسكم وكل ماتملكونه لله من أجل الله وربح بيعكم "  ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم " التوبة .
2 – " وددت انَّا قد رأينا إخواننا قالوا اولسنا إخوانك يا رسول الله قال بل أنتم أصحابي  ، وإخواني الذين لم يأتوا بعد ... "
3 – " إن من ورائكم أيام الصبر ، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم . قالوا : يا نبي الله أو منهم ؟ قال : بل منكم " رواه ابن نصر في كتاب السنة وصححه الألباني بمجموع طرقه . وقال العلماء في سبب ذلك الأجر " إن الصحابة كانوا يجدون على الخير أعوانا ، والمتمسّك في أيام الصبر قد لا يجد على الخير أعوانا ، بل ربما كان مُحارَبا مُطارداً مُتّهما لتمسّكه بِدِينه ، كما هو مشاهد في كثير من أصقاع الأرض . والمجتمع – في عهد الصحابة - كان يُعين على التمسّك لأن المخالف كان يُنبذ بخلاف زمان الصبر وأيام الشدائد ، فإنه قد يكون المتمسّك بدينه هو المنبوذ .
إلى الثوار الأحرار : إذا تأخَّرت ساعة النصر وضاقت عليكم الأرض بمارحبت فأبشروا بالفرج الإلهي  
فمنكم من يقول هي محنة وستمر كما مرت غيرها وانتصرنا على أفَّاكيها ومنكم من يقول بل هي ساعة فارقة في حياة الأمة وإن طالت ثم التمكين ومنكم من يقول أن فيها التجهيز لأسباب النصر فأقول لكم أيها الثوار الأحرار بل هي ساعة النصر والتمكين لامحالة ولأن هذه اللحظة غالية على قلوب المؤمنين والموحدين فقد بدأت علامات النصر بمحنة شديدة حتى وصلنا إلى اللحظة الفارقة والتي سيعلَن فيها النصر بإذن الله لكن بمايريده لنا الله تعالى . ولابد أن يأتي النصر محمولا على أكتاف المخلصين الذين تركوا كل أسباب الدنيا وتعلقوا بربهم عز وجل " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل . فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذوفضل العظيم . إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلاتخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين  " آل عمران 
 وقال الإمام ابن القيم في كتابه - المدهش - " إذا صُبَّ في الإناء زيتٌ، ثم صُبَّ فوق الزيت ماءٌ، فإن الزيت يطفو فوق الماء. يقول الماء للزيت: "كيف ترتفع عليّ وأنا أنبتُ شجرتك؟" فيقول الزيت للماء: "أنت تجري في رضراض الأنهار على طلب السلامة، أما أنا فإني صبرت على الطحن والعصر، وبالصبر يرتفع القدر" 
أيها الثوار الأحرار : كثرة أهل الباطل وقِلَّة أهل الحق من المبشرات بالنصر القريب 
 يقول ابن تيمية : "أهل الإسلام قليل في أهل العالم، وأهل السنة قليل في أهل الإسلام، ولذلك قال " وإن تُطِع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله " الأنعام  
نزل عمر إلى السوق فسمع أعرابياً مسلماً يقول: "اللهم اجعلني من عبادك القليل  فأخذ عمر بمنكبه وقال: "ما هذا الدعاء؟" قال: لأن الله تعالى يقول " وقليل من عبادي الشكور " ، فقال عمر : "كل الناس أفقه منك يا عمر " وغدا ستستشعرون بحلاوة النصر ، هذا النصر الذي دفع ضريبته أطهار الناس وشرفاؤهم من رجال الدعوة المباركة ومن خيرة شبابها ، هذا النصر الذي يُمَهَّد له  على أجساد وصدور المخلصين من عباد الله ومن حفظة كتابه ممن قدموا أرواحهم فداء لينهم وحُبا في مصرنا الغالية .... إنه النصر الذي يريده الله بهذه الكيفية و بهذه الصورة التي يرتضيها  الله تعالى لعباده " نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين " ومع صباح النصر بإذن الله تعالى وهلك هلك حكم العسكر.