لقد حرص الإخوان بالعناية على نشر دعوتهم في كل مكان وكل بقعة من الأرض، وقد استغلوا وجود بعض الوفود من الدول فكانوا يحتفلون بهم ومنهم وفد لبنان، الذي حضر احتفال المركز العام للإخوان المسلمين بتكريم أعضاء الوفود العربية بمجلس الدول العربية.

ولبنان بها طوائق كثيرة ولذا حرص الإخوان على تنمية روح الوحدة والتعايش بين أبنائها، فقاموا بأمور منها:

1- الإشادة بكل موقف إيجابي يساعد أو يتفق من قريب أو بعيد مع تحقيق هدف الوحدة والترابط بين الشعوب العربية والإسلامية.

2- انتقاد كل المواقف السلبية التي صدرت من الحكومة اللبنانية، وخاصة التي كانت مخالفة لحقوق العروبة والجوار ومناصرة قضايا الأمة العربية.

3- الوقوف بقوة بجانب الحقوق اللبنانية الخاصة بالاستقلال التام وخروج الاحتلال الفرنسي منها.

4- حرص الإخوان على قوة العلاقة بينهم وبين اللبنانيين حكومة وشعبًا، ففي الأسبوع الثاني من المحرم عام 1363 ه الموافق يناير 1944 استقبلت دار الإخوانوفدًا لبنانيًّا كان على رأسه رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح بك.

ولقد نشأة دعوة الإخوان في لبنان متزامنة مع نشأتها في سوريا، حيث يؤكد الأستاذ عمر بهاء الأميري ذلك في مجلة الإخوان المسلمين اليومية عام 1948م فيقول: "في عام 1356ه /1937م أسس في حلب أول مركز مرخص لجماعة الإخوان رغم تضيق الاستعمار الفرنسي الغاشم، وبدأت منذ ذلك الوقت الاتصالات الوثيقة معالإخوان في مصر ولاسيما فضيلة المرشد العام.

 

مشاركة الإخوان في المظاهرات لدعم سوريا ولبنان

ثم تتالى تأسيس المراكز المرخصة في دمشق وحمص وحماة واللاذقية ودير الزور في محافظات سوريا، وفي لبنان أسس مركز بيروت وطرابلس".

ولقد بعث الإمام البنا الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي والأستاذ محمد أسعد الحكيم إلى سوريا وفلسطين ولبنان لنشر الدعوة وتوضيح الفكرة في بلاد الشام، فكانت أول بعثة للإخوان المسلمين في الأقطار الشقيقة وكان ذلك في 5من جمادى الأولى 1354هـ الموافق 5 أغسطس 1935م،وبعد تلك الرحلة المباركة، رشح الإمام الشهيدأحد كبار الإخوان وهو الأستاذ محمد الهادي عطية المحامي ليقوم بتدريس الشريعة الإسلامية والفلسفة بكلية المقاصد الخيرية في القطر الشقيق بيروت فسافر في أكتوبر سنة 1935م وقد ودعته جريدة الإخوان تحت عنوان: "الأستاذ الهادي في طريقه إلى بيروت".

وكان في عام 1937م كان نائب شعبة بيروت الشيخ أنيس الشبح.

وفي سنة 1943م عقد مؤتمر في حمص اشترك فيه ممثلو المراكز في سوريا ولبنان، وأقر بقاء (دار الأرقم) في حلب مركزًا رئيسيًّا، واتخذ قرارات ذات لون جديد، كإحداث منظمتي السرايا والفتوة في كل مركز، والعناية بالناحيتين الرياضية والاقتصادية إلى جانب النواحي الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والقضايا الإسلامية والعربية العامة.

وفي صيف 1944م انتدب قسم الاتصال بالعالم الإسلامي الأخوين الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي أفندي والأستاذ عبد الحكيم عابدين أفندي لزيارة الأقطار العربية الشقيقة بالشام والعراق، وقد كان لهذه الزيارات والوفود المتبادلة بين مصر وبلاد الشام الأثر الكبير في توحيد العمل بينهما بعد ذلك، وقد أشار الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري لذلك فقال: "ومنذ عام (1364ه/1944-1945م) ازدادت العلائق والاتصالات بين إخوان مصر وسوريا على أثر تبادل الزيارات والوفود والبعثات التي أفادت كثيرًا في توحيد أساليب العمل، وتنسيق وجهات النظر العامة والخاصة، حتى أصبحت دعوة الإخوان في مصر اليوم دعامة معنوية عظيمة للإخوان فيسوريا ولبنان".

ولقد اهتم الاخوان بقضية سوريا ولبنان ضد فرنسا فنجد الاخوان يدعمون قضيتهم فيقول الامام البنا في خطابًا أرسله إلى سعادة وزير لبنان المفوض بتاريخ 28/5/1945م، يعلن فيه استعداد الإخوان لإرسال عشرة آلاف متطوع للجهاد بجانب إخوانهم اللبنانيين"، كما ارسل بعثة طبية لسوريا ولبنان بعد اعتداء فرنساعليها وكان على رأسها الدكتور محمد سليمان.

حتى أن الشاعر إبراهيم عبد الفتاح حيي سوريا ولبنان على ما نالا من الاستقلال عن فرنسا، فقال:

قف حيي سوريا بما نالت ولبنانا
قطرين قد لبسا بالفوز تيجانا

حيي العروبة في القطرين حافظة

تراث قحطان أو ميراث عدنانا

وفى نهاية عام 1945م قامت فرق جوالة الإخوان بتكريم وفود الجوالة العرب أعضاء وفود الكشافة بلبنان ويافا بفلسطين وفريق التهذيب الإسلامى وفريق الكشافة بحيفا، وقد حضر هذا التكريم لفيف من أعضاء مكتب الإرشاد.

ولقد شارك الإخوان في سوريا في حرب فلسطين عام 1948م تحت قيادة الشيخ مصطفى السباعي حتى دخلت الجماعة في مصر في محنى الحل والاعتقال.

وفي مطلع الخمسينات كانت الحركة الإسلامية في عدد من أقطار العالم العربي قد نمت وباتت تشكل تياراً فكرياً وسياسياً واضحاً على الساحة العربية. كانت مؤلفاتحسن البنا وسيد قطب ومصطفى السباعي، وما جرى تعريبه ونشره من كتب أبي الأعلى المودودي في باكستان، وإصدارات الإخوان المسلمين كمجلة "الدعوة" و"المسلمون" من مصر و"الشهاب" من سوريا و"الكفاح الإسلامي" من الأردن بدأت تشكل تياراً فكرياً وسياسياً إسلامياً في مختلف المناطق اللبنانية. وقد ساعد على بلورة هذا التيار في لبنان لجوء الدكتور مصطفى السباعي (المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا) إلى لبنان عام 1952 خلال فترة حكم العقيد أديب الشيشكلي في سوريا حيث استطاع تأصيل الفكر الإسلامي الملتزم لدى صياغة دراسات فكرية وحركية لكل من "جماعة عباد الرحمن" التي تشكلت في بيروت وكان أسسها الأستاذ محمد عمر الداعوق عام 1950، ولدى مجموعة من الشباب بطرابلس كان أبرزهم النائب السابق فتحي يكن.

وقد تأكدت صلات هذا التيار الإسلامي اللبناني بحركة الإخوان المسلمين خلال زيارة المرشد العام للإخوان في مصر (حسن الهضيبي) إلى لبنان عام 1953، وانعقاد المكتب التنفيذي لقادة الإخوان المسلمين في مصيف بحمدون حيث حضره إضافة إلى الهضيبي (مصر) والسباعي (سورياومحمد عمر الداعوق (لبنان).. كل من الشيخ محمد محمود الصواف (العراقومحمد عبد الرحمن خليفة (الأردن) وغيرهم.

في عام 1956 تأسس أول مركز لجماعة عباد الرحمن في طرابلس، وكانت الجماعة في بيروت تنشر فكرها وتوسع نطاق عضويتها دون أن تعتمد مساراً سياسياً محدداً، في حين كان مركز طرابلس يصدر مواقف سياسية من الصراع الداخلي اللبناني خلال فترة حكم الرئيس كميل شمعون ومن القضايا الإقليمية كالموقف من الوحدة العربية ومشروع إيزنهاور وحلف بغداد والصراع العربي الإسرائيلي، واصدرت نشرات غير رسمية كمجلة "الفجر" عام