لقي شخص مصرعه وأُصيب 18 آخرون، اليوم، إثر حادث انقلاب سيارة ميكروباص بقرية قرته ثالث التابعة لمركز نصر النوبة بمحافظة أسوان، في واقعة أعادت إلى الواجهة ملف حوادث الطرق الدامية، وما يرتبط بها من إهمال مزمن وغياب للمحاسبة.
وبحسب مصادر طبية وأمنية، وقع الحادث نتيجة انقلاب الميكروباص أثناء سيره على الطريق، ما أسفر عن مصرع أحد الركاب في الحال، وإصابة 18 آخرين بإصابات متفاوتة ما بين كسور وجروح وكدمات متفرقة، حيث تم نقل المصابين إلى مستشفى كوم أمبو المركزي لتلقي الرعاية الطبية اللازمة، وسط استنفار طبي للتعامل مع الحالات الحرجة.
حوادث متكررة وطرق بلا أمان
الحادث الأخير في أسوان ليس استثناءً، بل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الحوادث المميتة التي تشهدها الطرق والتي باتت توصف من قبل المواطنين بـ«طرق الموت». فمعظم الطرق، خاصة الإقليمية والفرعية، تعاني من تهالك شديد، وحفر وتشققات ممتدة، وإنارة ضعيفة أو منعدمة، إلى جانب علامات مرورية متهالكة أو غائبة تمامًا، ما يحوّل القيادة عليها إلى مغامرة يومية محفوفة بالمخاطر.
ويشير خبراء نقل إلى أن غياب الصيانة الدورية، وسوء التخطيط، وافتقار الطرق لعناصر السلامة الأساسية، عوامل رئيسية في ارتفاع معدلات الحوادث. كما يلفتون إلى غياب دوريات المرور والرقابة الفعلية على السرعات الزائدة، خصوصًا على الطرق السريعة والصحراوية، ما يزيد من احتمالات وقوع كوارث جماعية.
ميزانيات معلنة وواقع متدهور
ورغم ما تعلنه الحكومة بشكل متكرر عن تخصيص ميزانيات ضخمة لتطوير البنية التحتية وشبكات الطرق، إلا أن الواقع على الأرض يعكس صورة مغايرة. فالكثير من هذه الطرق لا تشهد تحسينًا حقيقيًا أو مستدامًا، فيما تتدهور حالتها سريعًا بعد افتتاحها، وسط اتهامات بتفشي الفساد وسوء إدارة الموارد.
ويرى مواطنون ونشطاء أن هذه الميزانيات «تتبخر» دون أثر ملموس، بينما يدفع المواطنون البسطاء حياتهم ثمنًا لهذا الإهمال. ويؤكدون أن الأولوية لا تُمنح لإصلاح الطرق القائمة وتأمينها، بقدر ما تُوجه الأموال إلى مشروعات استعراضية تخدم الدعاية الرسمية أكثر مما تخدم سلامة المواطنين.
غياب المحاسبة واستمرار النزيف
في الوقت الذي تحصد فيه حوادث الطرق أرواح المئات سنويًا، لا يُسجل إقالة مسؤول واحد أو محاسبته بشكل حقيقي على هذا النزيف المستمر. ويؤكد متابعون أن غياب المحاسبة يشجع على استمرار الإهمال، ويُرسخ ثقافة الإفلات من العقاب، حيث تمر الكوارث دون مراجعة جادة أو إصلاح جذري.
وفي المقابل، يشير منتقدون إلى أن الأصوات التي تحاول تسليط الضوء على هذه الكوارث، من صحفيين وناشطين، تتعرض للملاحقة بدلًا من الاستماع لمطالبها، ما يزيد من اتساع الفجوة بين الخطاب الرسمي وواقع الشارع.

