التقلبات المناخية الحادة، فرضت واقعًا صعبًا على عدة دول عربية، مخلفة وراءها خسائر بشرية مؤلمة، وشللًا في بعض القطاعات الحيوية وعلى رأسها التعليم.
تتراوح هذه الحالة الجوية المتطرفة بين الفيضانات الجارفة التي أغرقت مدنًا في المغرب العربي، وبين العواصف والأمطار التي استدعت "التعليم عن بُعد" في دول الخليج، وصولًا إلى موجات برد وثلوج نادرة تهدد منطقة الشام والعراق ووادي النيل.
وتأتي هذه التطورات وسط استنفار لأجهزة الدفاع المدني والأرصاد الجوية في عموم المنطقة، محذرة من أن الساعات القادمة قد تحمل المزيد من عدم الاستقرار.
مأساة في "آسفي": السيول تخطف الأرواح في المغرب
في واحدة من أكثر الحوادث مأساوية خلال موجة الطقس الحالية، دفع المغرب الفاتورة الأكبر بشريًا، حيث تحولت الأمطار الرعدية الغزيرة إلى سيول جارفة باغتت السكان في إقليم "آسفي" غربي البلاد. وأسفرت هذه الكارثة الطبيعية، يوم الأحد، عن مصرع 14 شخصًا في حصيلة ثقيلة هزت الرأي العام، حيث جرفت المياه المتدفقة بقوة المركبات وحاصرت البعض في مناطق منخفضة.
ولم تتوقف التداعيات عند حالات الوفاة، فقد استقبلت المستشفيات المحلية 32 شخصًا أصيبوا جراء تداعيات العاصفة والانهيارات المرتبطة بها. وبينما تمكنت الفرق الطبية من تقديم الإسعافات اللازمة ومعالجة معظم الحالات والسماح لها بالمغادرة، لا تزال بعض الحالات الحرجة تخضع للمراقبة الطبية الدقيقة.
وتعمل السلطات المغربية حاليًا على تقييم حجم الأضرار المادية في البنية التحتية والممتلكات الخاصة، وسط تحذيرات مستمرة من أن التربة المشبعة بالمياه قد تؤدي إلى مزيد من المخاطر في المناطق الجبلية والمنحدرات.
استنفار خليجي: السعودية تعلق الدراسة وتحذيرات من عواصف رعدية
على الجانب الآخر من الخارطة العربية، اتخذت المملكة العربية السعودية ودول الخليج تدابير احترازية سريعة استباقًا للمخاطر. فقد فرضت التقلبات الجوية نفسها على جدول الأعمال اليومي في السعودية، مما استدعى إصدار قرارات فورية بتعليق الدراسة الحضورية يوم الاثنين في عدد واسع من المؤسسات التعليمية.
وشمل القرار جامعات كبرى مثل جامعة القصيم وجامعة الباحة، وامتد ليشمل مدارس التعليم العام في العاصمة الرياض ومنطقة جازان الجنوبية، حيث تم تفعيل نظام "الدراسة عن بُعد" حرصًا على سلامة الطلاب والكوادر التعليمية من مخاطر التنقل وسط الأجواء غير المستقرة.
ولا يبدو الوضع في باقي دول مجلس التعاون الخليجي أكثر استقرارًا؛ ففي البحرين، رفعت الأرصاد درجة التأهب متوقعة تحول الأمطار المتفرقة يوم الاثنين إلى عواصف رعدية مصحوبة برياح شديدة السرعة يوم الثلاثاء، مما قد يؤثر على حركة الملاحة والأنشطة الخارجية.
وفي قطر، تلبدت السماء بالغيوم مع فرص هطول أمطار على المناطق الشمالية، بينما سيطر الطقس المائل للبرودة والضباب الكثيف على أجواء الكويت، وحذرت سلطنة عمان من استمرار تدفق السحب الرعدية الماطرة التي قد تتسبب في جريان الأودية والشعاب.
الشام والعراق ومصر: بين الثلوج والسيول والمنخفضات "النادرة"
وفي دائرة جغرافية ثالثة تشمل بلاد الشام والعراق ومصر، تتخذ الحالة الجوية طابعًا شتويًا قاسيًا. ففي العراق، أطلقت الجهات المختصة تحذيرًا لافتًا حول تعرض البلاد لـ "حالة جوية نادرة ومتقلبة"، تتمثل في منخفض جوي عميق مصحوب برياح شمالية غربية شديدة البرودة، مما يؤدي إلى انخفاض حاد في درجات الحرارة واستمرار هطول الأمطار متفاوتة الشدة حتى نهاية الأسبوع، وهو ما يتطلب متابعة دقيقة وحذرًا شديدًا من المواطنين.
وتتوافق هذه الحالة مع الوضع في سوريا، التي تودع الطقس الخريفي المستقر لتدخل في حالة من عدم الاستقرار الجوي، حيث يُتوقع أن تتحول الهطولات المطرية الغزيرة في الجنوب والشرق إلى تساقط للثلوج فوق المرتفعات الجبلية الغربية لدمشق، في مشهد يعكس برودة الأجواء القادمة.
أما في مصر، فالخطر يتوزع بين الشبورة المائية (الضباب) التي قد تصل حد الكثافة المعيقة للرؤية على الطرق السريعة المؤدية للقاهرة والقناة، وبين خطر السيول في سيناء. فقد حذرت هيئة الأرصاد المصرية من أمطار قد تكون غزيرة ورعدية تضرب السواحل الشمالية الشرقية وتصل إلى حد السيول في مناطق شمال ووسط سيناء، مصحوبة بنشاط للرياح يزيد من الإحساس ببرودة الطقس، مما يضع أجهزة الطوارئ في حالة تأهب للتعامل مع أي تجمعات للمياه قد تعطل حركة السير أو تهدد المناطق السكنية.

