أثار إعلان الروائي والكاتب المتخصص في علم الاجتماع السياسي عمار علي حسن تلقيه استدعاءً من نيابة أمن الدولة العليا، بغرض الاستجواب في قضية تحمل رقم 10204 لسنة 2025، موجة من التساؤلات في الأوساط الثقافية والإعلامية والحقوقية، حول خلفيات الاستدعاء وتوقيته، وما إذا كان يعكس مناخًا أوسع يطال الكتّاب والمفكرين وأصحاب الرأي العام.

 

إعلان قانوني بلا تفاصيل

 

بحسب ما نشره عمار علي حسن عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، فقد تسلم في منزله ورقة رسمية موسومة بعبارة «إعلان قانوني»، وممهورة بتوقيع المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا، تطالبه بالحضور للاستجواب يوم الاثنين 15 ديسمبر، دون أن تتضمن الورقة أي إيضاحات بشأن سبب الاستدعاء أو طبيعة الاتهامات، أو ما إذا كان الحضور بصفته شاهدًا أم متهمًا.

 

وكتب حسن: «جاء محضر إلى بيتي وسلمني ورقة ممهورة بإمضاء المحامي العام، لكنها خلت من بيان مضمون القضية أو سبب الاستدعاء، ولم يتضح إن كان الأمر تحقيقًا أم مجرد استجواب كشهادة»، مضيفًا أن الغموض المحيط بالإعلان القانوني فتح باب التخمينات والتساؤلات.

 

 

مشاورات قانونية واستعداد مهني

 

وفي محاولة لفهم الموقف القانوني، أشار عمار علي حسن إلى أنه ناقش الأمر مع عدد من المحامين والحقوقيين البارزين، على رأسهم ناصر أمين، وخالد علي، وإبراهيم العزب، حيث جرت مشاورات قانونية حول السيناريوهات المحتملة لمسار القضية، استنادًا إلى تجارب سابقة في قضايا مماثلة.

 

وأوضح أن هذه المشاورات لم تسفر عن معلومات قاطعة بشأن أسباب الاستدعاء، لكنها ركزت على الاستعداد القانوني والتعامل المهني مع التحقيقات، في ظل غياب أي بيانات رسمية توضح خلفية القضية أو طبيعة الوقائع المنسوبة.

 

إخطار النقابات المهنية

 

وفي خطوة تعكس التزامه بالإجراءات المتعارف عليها داخل الوسطين الصحفي والثقافي، أعلن حسن أنه أبلغ نقيب الصحفيين خالد البلشي بصفته عضوًا في نقابة الصحفيين، كما أبدى عزمه إخطار الدكتور علاء عبد الهادي، رئيس اتحاد كتاب مصر، لكونه عضوًا بالاتحاد.

 

وأكد أن هذا الإجراء يُعد نهجًا متبعًا من الكتّاب والصحفيين عند تلقي مثل هذه الاستدعاءات، لضمان المتابعة النقابية والوقوف على سلامة الإجراءات القانونية.

 

عمار علي حسن.. مسيرة فكرية متعددة الأبعاد

 

يُعد عمار علي حسن واحدًا من أبرز المفكرين والروائيين المصريين المعاصرين، إذ يجمع في مسيرته بين الإبداع الأدبي والتحليل السياسي والاجتماعي. وُلد عام 1965، وتخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 1989، قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية عام 2001.

 

إنتاج غزير وحضور ثقافي لافت

 

منذ تفرغه للكتابة عام 2010، أثرى عمار علي حسن المكتبة العربية بما يقارب خمسين كتابًا، توزعت تقريبًا بين أعمال أدبية—من روايات ومجموعات قصصية وسيرة ذاتية ومسرح—ومؤلفات فكرية تناولت الاجتماع السياسي، والتصوف، والنقد الثقافي.

 

ويمثل كتابه السيري «مكان وسط الزحام» شهادة إنسانية على مسار صعوده من بيئة ريفية فقيرة إلى فضاء الإبداع والبحث الفكري، حيث يعكس فيه تجربة شخصية تحولت إلى نموذج ملهم في الكفاح الاجتماعي والمعرفي.

 

مواقف سياسية متحولة ونقد دائم

 

سياسيًا، عُرف عمار علي حسن بدعمه لتحركات انقلاب 30 يونيو في مواجهة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، قبل أن يتخذ لاحقًا موقفًا نقديًا من السلطة، على خلفية ما اعتبره تضييقًا على الحريات العامة، وانتقادات طالت حتى شخصيات من جبهة الإنقاذ التي شاركته سابقًا في المشهد السياسي.

 

ورغم السماح له بالكتابة في صحف محسوبة على مؤسسات رسمية وأخرى مستقلة قريبة من السلطة، ظل حسن محتفظًا بخطاب نقدي واضح، يركز على قضايا الطبقة الوسطى، والعدالة الاجتماعية، وحق المواطنين في حياة كريمة وتعليم عادل.

 

حرية التعبير تحت المجهر

 

أعاد استدعاء عمار علي حسن إلى الواجهة الجدل المتجدد حول حدود حرية التعبير، ودور الكتّاب والمفكرين في المجال العام، لا سيما في ظل تكرار استدعاءات وتحقيقات تطال صحفيين وأكاديميين وناشطين سياسيين خلال السنوات الأخيرة.

 

ويرى مراقبون أن غياب الشفافية في إعلانات الاستدعاء، وعدم توضيح أسباب التحقيق، يساهم في خلق مناخ من القلق داخل الأوساط الثقافية، ويطرح تساؤلات حول العلاقة بين الدولة والنخبة الفكرية، وحدود النقد المسموح به في الفضاء العام.