تتصدر مأساة الطفل محمد خالد جمعة عبدالعزيز، البالغ من العمر 15 عامًا، في الوقت الذي يحتفي فيه العالم بيوم الطفل العالمي، المشهد الحقوقي بعد تفاقم تدهور حالته النفسية والصحية داخل حجز قسم شرطة المطرية بالقاهرة، حيث يقبع منذ مارس الماضي في ظروف وُصفت بأنها قاسية وغير إنسانية، وسط مطالبات حقوقية واسعة بتدخل عاجل لإطلاق سراحه وإنقاذ حياته.
تدهور نفسي خطير ورفض للزيارة
ترصد الشبكة المصرية لحقوق الإنسان حالة من القلق البالغ بشأن ما آل إليه وضع محمد داخل محبسه. فبحسب مصادر حقوقية، انهارت حالته النفسية بشكل حاد خلال الشهور الماضية نتيجة احتجازه في مكان غير مخصص للأطفال، وحرمانه من التواصل الطبيعي مع أسرته أو تلقي أي دعم نفسي.
ورغم حصول ذويه على إذن رسمي من النيابة لزيارته، فإن محمد رفض الخروج من الحجز للقائهم بسبب حالته النفسية المتدهورة، وهو مؤشر خطير على حجم ما يعانيه داخل مكان الاحتجاز. كما تخلف عن المثول أمام النيابة في ثلاث جلسات متتالية لتجديد حبسه، في وقت لم يُسمح له فيه بأداء امتحان مادة الدراسات، ولا امتحان الملحق الذي أُبلغت به الجهات المختصة، ما أدى إلى رسوبه وضياع عام دراسي كامل من مستقبله.
اعتقال مفاجئ وظروف أسرية صعبة
تكشف المعلومات أن الطفل لم يسبق اتهامه في أي واقعة، وأنه كان يعيش وضعًا نفسيًا هشًا عقب وفاة والده بثلاثة أشهر فقط بعد معاناة طويلة مع المرض. هذا الحدث ترك أثرًا بالغًا عليه قبل أن يتعرض لصدمة جديدة تمثلت في اقتحام منزله واعتقاله.
بحسب شهادة الأسرة، فقد اقتحمت قوة تابعة للأمن الوطني منزل جدته في المطرية ليلة 16 فبراير الماضي، مكوّنة من عشرة أفراد، بعضهم ملثمون ومسلحون، دون إبراز إذن من النيابة. أظهرت كاميرات المراقبة لحظة اقتياد محمد بعنف قبل أن يختفي قسريًا لأسابيع، بينما أنكرت جميع الأقسام في المنطقة معرفتها بمكانه.
ظهور مفاجئ أمام نيابة أمن الدولة وتهم مثيرة للجدل
بعد ما يقرب من شهر من الإخفاء، ظهر الطفل أمام نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس يوم 12 مارس، بمحضر ضبط مؤرخ بتاريخ سابق، وبطريقة وصفتها الشبكة الحقوقية بأنها تخالف حقيقة واقعة الاحتجاز. وفوجئ محمد بتوجيه تهم تتعلق بـ"اعتناق أفكار داعشية"، وهي اتهامات أنكرها تمامًا مؤكدًا أنه لا يعرف معناها أصلًا.
لم تكتف القوة الأمنية باعتقاله، بل صادرت أيضًا أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة الموجودة في المنزل، دون سند قانوني أو إذن تفتيش.
انتهاكات جسيمة بحق طفل لم يبلغ السادسة عشرة
يؤكد حقوقيون أن ما يتعرض له الطفل يمثل سلسلة من الانتهاكات الصارخة للقانون المصري والدستور والمواثيق الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية حقوق الطفل، التي تشدد على عدم احتجاز الأطفال إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة، مع توفير الرعاية والحماية والتعليم والدعم النفسي لهم.
من بين الانتهاكات التي وثّقتها الشبكة:
- اقتحام المنزل دون إذن قضائي.
- اعتقال طفل من أسرة فقدت عائلها الوحيد حديثًا.
- إخفاء قسري استمر أسابيع.
- اتهامات مبنية على محاضر ضبط غير دقيقة.
- احتجاز في مكان غير مخصص للأطفال.
- حرمان من التعليم والامتحانات.
- منع غير مباشر من الزيارة.
- انهيار نفسي حاد يُهدد سلامته.
دعوات عاجلة لإخلاء سبيله
في ضوء هذه التطورات الخطيرة، تطالب الشبكة المصرية النائب العام المستشار محمد شوقي ووزير الداخلية بالتدخل الفوري لإطلاق سراح الطفل، ونقله من محبسه الحالي إلى مكان يوفر له الرعاية الطبية والنفسية، وتحميل الجهات الأمنية المسؤولية الكاملة عن سلامته الجسدية والنفسية.
كما جددت الشبكة إدانتها لممارسات اقتحام المنازل واعتقال الأطفال وترويع المدنيين، مؤكدة أن استمرار احتجاز محمد يمثل "جرحًا في ضمير المجتمع" وتجاوزًا للقانون والأعراف الإنسانية، ويهدد بترك آثار نفسية عميقة قد تستمر لسنوات.

