وسط مشهد انتخابي باهت تغيب عنه المنافسة الحقيقية، أطلق المرشح حسام المستي حملته الانتخابية من على التروسيكل الخاص به لانتخابات مجلس النواب بمحافظة الشرقية ليثير حالة من الجدل بعد ظهوره فى جولات دعائية داخل الدائرة التى تضم مراكز فاقوس وكفر صقر وأولاد صقر، مستخدماً التروسيكل الخاص به ومكبر صوت للتعريف بنفسه للناخبين، وتحوّل إلى رمز ساخر من طبيعة الانتخابات التي تجري تحت سيطرة الدولة، ويصفها كثيرون بأنها أقرب إلى تمثيلية من كونها منافسة حقيقية.

 

دعاية التروسيكل.. ومرارة الفقر

 

المرشح حسام المستى، الذي تقلد رمز النجفة، يعمل عاملاً بمجلس مدينة فاقوس، وحاصل على دبلوم فنى، قال إنه لا يمتلك أى إمكانيات مادية للدعاية الانتخابية سوى التروسيكل الذى كان يعتمد عليه فى تحسين دخله اليومى، مؤكداً أن قراره بالترشح جاء بدافع الرغبة فى خدمة المواطنين خاصة أنه من البسطاء مثلهم، وأن أهالى قريته أكياد الذين شجعوه وساندوه منذ البداية على هذا القرار.

 

وأوضح أنه واجه صعوبة فى تدبير رسوم الترشح، ما اضطره إلى الحصول على قرض بضمان راتبه الوظيفى لتقديم أوراقه، مشيراً إلى أنه يجوب القرى يومياً على متن التروسيكل حاملاً مكبر صوت صغيراً للتواصل مع الأهالى والتعريف ببرنامجه الانتخابى ورمز الانتخابى هو النجفة.

 

وأكد المستى أن المواطنين استقبلوه بحفاوة وتفاعلوا معه، مشيراً إلى أن حملته البسيطة تعكس الواقع الحقيقى للمواطن محدود الدخل الذى يسعى لخدمة مجتمعه بإمكانياته المتاحة.

 

ويذكر أن المرشح، له شقيقة مرشحة بنفس دائرة وهى نجلاء المستى، والأخوين من محدودى الدخل، وعنها أكد أنه يكن لها كل الاحترام والتقدير والدعم ولكن لكل واحد منا حملته والدعايا الخاصة به.

 

وتضم محافظة الشرقية 9 دوائر انتخابية تشمل مختلف المراكز والمدن، مخصصة لـ21 مقعداً بنظام الفردى ومثلها بنظام القائمة.


جولة في الشارع.. وسخرية من المشهد العام

 

في ظهيرة يوم مزدحم، خرج حسام في جولة داخل أحد الأسواق المحلية، يمر بين الأكشاك والباعة الذين يصفقون له مازحين. التروسيكل الذي يقوده يطلق أصواتاً عالية مثل مكبرات الصوت القديمة، بينما يردد أحد مرافقيه شعارات ساخرة مثل: "اللي ركب التروسيكل ما يركبش الشعب". وفي الخلفية تُسمع ضحكات الناس ومزاحهم عن "مرشح الفقراء" الذي قرر أن يجعل من رمزه الانتخابي وسيلة تنقل حقيقية، بينما غيره من المرشحين المدعومين يظهرون في سيارات فارهة محاطة بالحراسة.

 

على وسائل التواصل، انتشرت صور "حسام التروسيكل" كالنار في الهشيم، وبدأت التعليقات الساخرة تتناقل من باب التنفيس الشعبي. أحد المستخدمين كتب: "هو راكب التروسيكل بس راجل نضيف، أحسن من اللي راكبين البلد كلها." آخر علق قائلاً: "أهو ده اللي محتاجينه، ينزل بشرف مش بشنطة رُشى."

 

 

مرشحو السلطة… وديكور الديمقراطية

 

على الطرف الآخر، كانت الحملة الرسمية لمرشحي قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في المنطقة تعقد مؤتمراً انتخابياً فخماً داخل قاعة مكيفة، بحضور موظفين وإعلاميين تم حشدهم. الكلمات تتكرر فيها عبارات "تحيا مصر" و"استكمال مسيرة الإنجازات"، وسط شعور عام بعدم الاقتناع. المشهدان المتوازيان – مرشح الدولة الفخم ومرشح الشعب الفقير – يعكسان التناقض الواضح بين الشكل والمضمون في العملية السياسية الحالية.

 

مراقبون محليون يرون أن حالة السخرية التي أثارها مرشح النجفة والذي يستخدم التروسيكل ليست عبثاً، بل هي انعكاس لحالة إحباط عامة من انتخابات محسومة سلفاً. يقول أحد الناشطين المحليين إن "الناس لم تعد تصدق أن صوتها يغيّر شيئاً، فالتروسيكل هنا أقرب إلى رمز للواقع نفسه، محرك صاخب يسير في طريق مسدود."

 

الانتخابات قد تنتهي، لكن فكرة "مرشح دعاية التروسيكل" ستبقى رمزية لمرحلة تُمارس فيها الديمقراطية كطقس شكلي، بينما الشعب الحقيقي يصول ويجول على تروسيكل حياته اليومية، يحاول فقط أن يظل واقفاً وسط أزمات بلا نهاية.