شهدت منطقة فيصل بمحافظة الجيزة واحدة من أبشع الجرائم التي هزّت الرأي العام، بعدما أقدم رجل في الأربعين من عمره على قتل سيدة وثلاثة من أطفالها بطريقة مروّعة، مستخدمًا السم في عصائر قدّمها لهم، في واقعة صادمة امتزجت فيها الخيانة المزعومة بالانتقام والوحشية.

بدأت فصول المأساة في 21 أكتوبر الجاري، حين عُثر على طفلين في مدخل أحد العقارات بمنطقة فيصل، وهما في حالة إعياء شديد، ليتبيّن لاحقًا أن وراء الحادث جريمة أكبر من مجرد تسمم عارض، جريمة بدأت قبل ثلاثة أيام من العثور عليهما، عندما أنهى الجاني حياة والدتهما بالطريقة نفسها.

 

البداية: علاقة غامضة تتحول إلى جريمة قتل

تعود تفاصيل الواقعة، بحسب ما كشفت تحقيقات النيابة وشهادات الجيران، إلى أن الضحية — وهي سيدة في الثلاثينيات من عمرها — كانت قد تركت منزل زوجها منذ نحو عشرين يومًا بسبب خلافات أسرية، وانتقلت للإقامة مع رجل يعمل صاحب محل للأدوية البيطرية في شقة بمنطقة فيصل.

وادعى المتهم خلال التحقيقات أنه ارتبط بها بعلاقة غير شرعية، قبل أن تبدأ بينهما خلافات حادة بعدما اتهمها بـ"خيانته مع رجل آخر"، وهو الاتهام الذي لم تؤكده أي دلائل، سوى اعترافاته التي رافقها قرار مروّع بـ"الانتقام".

 

الجريمة الأولى: الأم تشرب السم من يد قاتلها

في يوم 21 أكتوبر، خطط المتهم لجريمته الأولى. وبحكم عمله في تجارة الأدوية والمبيدات البيطرية، كان يمتلك مواد سامة استخدمها في تنفيذ جريمته. خلط السم بعصير وقدّمه للضحية، التي ما إن شربته حتى بدأت تصرخ ألماً وتتلوى من التسمم.

ادّعى المتهم أنه حاول إنقاذها، فنقلها إلى إحدى المستشفيات وقدّم بيانات مزيفة باسم شخص مجهول، ثم تركها تواجه الموت بمفردها، وفرّ هاربًا قبل أن تفيض روحها هناك.

وبينما كانت أسرتها تبحث عنها دون جدوى، لم تكن تعلم أن ابنتهم قد ماتت بالفعل مسمومة على يد من ظنت أنه مأمنها.

 

الجريمة الثانية: ثلاثة أطفال في مواجهة "عصير الموت"

بعد ثلاثة أيام فقط، في 24 أكتوبر، قرر الجاني أن يُكمل جريمته البشعة بقتل أطفالها الثلاثة:
سيف (13 عامًا)، جنى (11 عامًا)، ومصطفى (6 سنوات).

استدرجهم بحجة التنزه، وقدم لهم العصير نفسه الممزوج بالسم. شرب الطفلان الأكبر سناً العصير، فبدأت عليهما أعراض التسمم، بينما رفض الطفل الصغير "مصطفى" الشراب. لم يتردد القاتل، فحمله وألقاه في إحدى الترع المائية، ليغرق ويفارق الحياة في مشهد يصعب على العقل تصوره.

أما الطفلان الآخران، فقد فقدا الوعي سريعًا، فاستعان المتهم بشخص لا يعلم شيئًا عن الجريمة لمساعدته في نقلهما، ثم ألقاهما في مدخل أحد العقارات السكنية. لفظت الطفلة "جنى" أنفاسها بعد دقائق، فيما بقي شقيقها "سيف" يصارع الموت حتى توفي لاحقًا داخل المستشفى.

 

اكتشاف الجريمة واعترافات المتهم

بدأت خيوط الجريمة تتكشف عندما أبلغ الأهالي عن العثور على طفلين في حالة خطيرة بمدخل أحد العقارات. وبفحص الكاميرات المحيطة، تمكنت الأجهزة الأمنية من تتبع تحركات الجاني، ليتم القبض عليه بعد أيام من ارتكاب الجريمة.

وبمواجهته بالأدلة المصورة، انهار المتهم واعترف تفصيليًا بما ارتكب، مؤكدًا أنه "أراد الانتقام من الأم لأنها خانته"، على حد قوله.

وقال في اعترافاته: "قررت أمحوها هي وأطفالها من الدنيا.. عشان محدش يعيش بعد اللي عملته فيا" — وهي عبارة تلخص حجم القسوة التي دفعت الأبرياء الصغار إلى الموت.

 

مأساة العائلة: "عرفنا بموت الأطفال.. وبعدين عرفنا إن أختنا ماتت قبلهم"

صدمة عائلة الضحية كانت مضاعفة. يقول شقيقها في تصريحات صحفية، وهو يبكي بحرقة: "عرفنا بموت الأطفال الأول، ومكناش نعرف إن أختي ماتت قبلهم بثلاث أيام. لما الشرطة قالت لنا، ماصدقناش. نفس الشخص اللي قتلها هو اللي قتل عيالها.. ليه؟ محدش عارف."

وأمرت النيابة العامة بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، مع توجيه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار له، كما قررت عرضه على الطب الشرعي لفحصه وبيان ما إذا كان يتعاطى مواد مخدرة من عدمه.