في الوقت الذي تعيش فيه مصر تداعيات فيضان النيل الأخير، الذي أغرق العديد من المناطق والتي تعتبر عرضة سنوياً للارتفاعات الموسمية في المناسيب، خرجت الحكومة المصرية لتعلن عن حصر 110 موقعاً بالقاهرة و82 موقعاً في الجيزة استعداداً لطرحها كفرص استثمارية بالشراكة مع القطاع الخاص. هذه الخطوة المثيرة للجدل جاءت في توقيت غريب، وتثير تساؤلات حول نوايا الحكومة ومسئوليها في استغلال أزمة الفيضان لمصالح شخصية على حساب حقوق المواطنين.
أزمة فيضان النيل والتصرفات الحكومية
بينما تواصل الحكومة التأكيد على أن فيضان النيل هو من تداعيات الطبيعة الموسمية، حيث قيل إن الفيضانات تقتصر على أراضي طرح النهر فقط، تشير الحقيقة إلى أن التعديات المستمرة على مجرى النيل وسوء إدارة ملف السدود في إثيوبيا أدت إلى تفاقم الأزمة بشكل أكبر من المتوقع. تصريحات رئيس الوزراء التي أكدت أن الأراضي المغرقة هي أراضي “دولة” ممنوعة من الزراعة أو البناء، تؤكد مجدداً استخفاف الحكومة بالمواطنين والتلاعب في التوقيت لإتمام مصالح خاصة.
التناقض بين التصريحات والقرارات الحكومية
بينما تصر الحكومة على أن ما حدث هو مجرد تأثيرات موسمية، يظهر التناقض الصارخ مع خطوة طرح الأراضي النيلية للاستثمار في نفس التوقيت. حيث شملت هذه الأراضي 110 مواقع بالقاهرة و82 بالجيزة، بمساحات ضخمة تصل إلى 745 فداناً، ما يثير الريبة حول دوافع الحكومة من دفع هذه المشروعات في هذا التوقيت الحساس. تحركات الحكومة المشبوهة تكشف عن غياب الشفافية في إدارة الملف وترك المواطنين يعانون من نتائج الإهمال الحكومي، بينما يتم تحويل أراضي الدولة إلى مشاريع استثمارية خاصة.
النية الخفية وراء طرح الأراضي للنشاط الاستثماري
الحكومة تتحدث عن إدخال القطاع الخاص في هذه الأراضي النيلية بهدف زيادة عائد الدولة، لكنها في حقيقة الأمر تخطط لتحويل الأراضي العامة إلى مشروعات تجارية تهدد مستقبل الوصول إليها من قبل المواطنين. إعلان حصر الأراضي في هذا التوقيت يثير شكوكاً حول نوايا الحكومة في تحقيق مصالح خاصة لمستثمرين متنفذين على حساب حق الشعب في الاستفادة من هذه الأراضي بشكل عادل.
موقف الحكومة تجاه المتضررين من الفيضانات
وسط هذه الإجراءات المشبوهة، ترفض الحكومة تعويض المزارعين المتضررين من الفيضانات، مما يزيد من الغضب الاجتماعي. تصريحات مسئولي وزارة الري التي تؤكد أنه لا يوجد تعويض للمزارعين لأن الأراضي جزء من مجرى النهر تتناقض مع الموقف الأخلاقي للدولة التي يجب أن تتحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها في أوقات الأزمات، وهذا يثبت أن الحكومة لا تبالي بالمواطنين ولا تقدم لهم أي نوع من الدعم.
الحكومة تتهرب من مسؤولياتها
الخطوات التي تتخذها الحكومة لا تهدف إلا لتسييل الواجهة النيلية لصالح كبار المستثمرين، وهذا ينم عن فشل ذريع في حماية حقوق المواطنين والحفاظ على الممتلكات العامة. كما أن الفجوة بين التصريحات الرسمية بشأن الوضع الموسمي وتورط الحكومة في طرح الأراضي الاستثماري يثبت فشل الحكومة في وضع حلول حقيقية لأزمة الفيضان.
الفساد وتلاعب الحكومة في أوقات الأزمات
من الواضح أن الحكومة تواصل سياسة تهميش حقوق المواطنين لصالح كبار المستثمرين والمتنفذين. لذا، فإن ما حدث من طرح سريع للأراضي النيلية في وقت الأزمات لا يعدو كونه محاولة لتسليع الأراضي العامة، وتصفية الحسابات على حساب الفقراء والطبقات المهمشة. من الضروري أن يتم التحقيق في تلك القرارات المشبوهة وتقديم كل المسئولين عن هذه الأفعال إلى العدالة.